عبدالله كمال / ... ولكن / وزير إعلام الظل!

تصغير
تكبير
قراءة التحركات المتنوعة التي يقوم بها الملياردير المصري صلاح دياب على المستوى الإعلامي تستوجب طرح تساؤلات مختلفة عن طبيعة الدور الذي يقوم به هذا الرجل، وما أهدافه القريبة والبعيدة، وإلى ماذا يرمي هو وحلفاؤه وشركاؤه، ومَن قد يسانده على المستوى المالي والصحافي والتلفزيوني؟
لقد كانت كل علاقة صلاح دياب بالصحافة لا تزيد على كونه ابناً لعائلة ينتمي لها الأستاذ الراحل توفيق دياب، وأنه كان يستضيف عدداً من الصحافيين والمثقفين كل يوم جمعة أو في أيام رمضان على مائدته، وفي «فيلته» في منيل شيحة، وكونه صهراً للكاتب صلاح منتصر.
وكانت جميع الخصائص التي يتمتع بها صلاح دياب في الحياة العامة هي أنه مطبع محترف مع الإسرائيليين، حصد بعضاً كبيراً من ثروته من خلال التعامل معهم في المجالات الزراعية وفق ما هو معلن، ورجل يعمل أيضاً في مجال خدمات البترول، ولديه أنشطة في تجارة الحلويات، ويقضي بعض وقته في ممارسة النشاط السياسي المتقطع من داخل «حزب الوفد».
في الأعوام الثلاثة الأخيرة نما صلاح دياب بطريقة مختلفة، ولم يعد مجرد ناشر لجريدة يومية خاصة (غير معلنة الميزانية)، اسمها «المصري اليوم»، وإنما أصبح يتخطى حدود هذه الصفة إلى الدرجة التي تدعو إلى التساؤل عما إذا كان مجرد رجل أعمال أنشأ كياناً إعلامياً يعبر به عن مصالحه الخاصة، أو يساندها به، إلى ما هو أبعد ولا يبدو لي واضح المعالم وإن كان يثير تساؤلات جوهرية.
إن السوق لم تعد تسمع عن تحركات صلاح دياب في مجالات الزراعة، والبترول، والحلويات، وغير ذلك من أنشطة اقتصادية، بقدر ما تسمع عن أنشطته في استقطاب الصحافيين والكتاب وتوجيه الأقلام وخوض الحوارات التلفزيونية التي يعلن فيها آراءً ومواقف تخص صناعة الإعلام، وبما في ذلك التدخل المباشر في ترتيب أمور تخص حملات بعينها، وصولاً إلى شراء مطابع والحديث عن إنشاء شركات توزيع وبناء تحالفات مع محطات تلفزيون، وغير ذلك.
إن من حق أي أحد أن يتجه إلى صناعة الإعلام في ضوء مناخ الحرية الإعلامية المنفتح تماماً وتقريباً بلا قيد أو شرط، لكن الإعلام صناعة ليست هدفها كسب المال فقط، ولكنه يؤثر في اتجاهات الرأي العام، ويحدد أجندة القضايا التي تحركه، ومن ثم فلابد أن نطرح تساؤلات حول ما يريد صلاح دياب ومن معه ومن يستوظفه، وما هدفهم الذي لم يعلنوه بعد؟
أنت تسمع في الأوساط الصحافية والإعلامية عن خطط يتكلم عنها من يعملون في «المصري اليوم» بخصوص الرغبة في القضاء على الصحافة القومية، وتجد حملة مستمرة في هذا الاتجاه، وترى عمليات إغواء مالية مستمرة لكوادر الصحف القومية، تنجح حينا وتتأجل حينا، ورواتب تدفع بالألوف، وأرقام غير مسبوقة تشتري جهد المؤسسات القومية في بناء وتدريب الكوادر وإكسابها الخبرات لأعوام طويلة، وتعجب هل الهدف فقط هو إنجاح صحيفة وترسيخها أم أن المشروع أبعد من ذلك؟
يمكن أن تفهم أن هناك من يريد أن يؤسس عملاً ناجحاً ومؤثراً، لكن الذي لا يمكن أن تفهمه هو أن تكون هناك خطة قائمة على إضعاف الآخرين إن لم يكن القصد هو إسقاطهم، وبغض النظر عن أن تلك مسألة تخضع عملياً وقانونياً لقوانين حماية المنافسة ومنع الاحتكار في جميع جوانبها، فضلاً عن أنها تخضع وجوباً لمعايير المكاشفة والمحاسبة والإعلان عن مصادر الأموال وميزانياتها الواضحة، فإن من الواجب تفعيل قوانين متابعة شؤون الصحافة والإعلام لفرض القانون على أهداف غير معلنة، وخفية.
إن صلاح دياب، الذي يشعر بنشوة عارمة منذ يومين أو ثلاثة لسبب أعرفه أنا وهو، ليس عليه أن يظن أن المسألة شخصية أو في إطار تنافس بين مطبوعات... الموضوع أكبر من ذلك وأبعد كثيراً، وما أعتقده أنه يسعى شخصياً إلى أن يجعل من نفسه «وزير إعلام الظل» الذي يحرك الأقلام، ويوجه الكتّاب، ويؤسس لأن يكون هو صاحب أجندة المجتمع الإعلامية، في وقت انتهت فيه الدولة أصلاً من تحريك الأقلام وتوجيه الكتاب!
عبدالله كمال
رئيس تحرير «روزاليوسف» ومستشار «الراي» بالقاهرة
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي