من قوانين الصحراء أنه كلما زاد المطر زاد الفقع...
والفقع أو الكمأ كما تقول معاجم اللغة أويسميه إخواننا العرب هو نبتة صحراوية من عائلة الفطريات، ولاحظوا وضاعة أصله الذي لا يربطه به رابط فهو لا جذور له رغم ظهوره المفاجئ بالقرب من الجذور الضاربة في عمق الأرض...
يظهر فجأة كلما هطل المطر ينبت تلقائياً وينتشر عشوائياً دون تكلفة لكنه عندما يكبر يعرض للبيع لأعلى سعر حسب حجمه الذي منَّ عليه به المطر وجادت به الصحراء القاحلة.
عندما تطورت المدينة قل الفقع، وكاد أن يختفي أو ينقرض وسط شُح مكعبات الإسمنت التي جادت علينا بفقع من نوع ثانٍ، نوع بشري، مجهول الأصل دائماً وضيع غالباً يلتصق بالجذور الضاربة محاولاً نسب نفسه لها فتضرب به عرض الحائط الذي يجيد تسلقه ليصل إلى مبتغاه.
لكن الذين لا يعترفون بوجوده ويتجاهلونه في البدء يجدون أنفسهم مضطرين للتعايش معه حين يكبر، ويصير نداً لها بسبب فضولها في تقريبه والاقتراب منه، ما يضطرها للاعتراف به والخضوع له.
مخلوقات الفقع ومؤنثه فقعة تنتشر بيننا نحن أبناء القرية الذين كل منا يعرف أخاه أكثر من انتشار نبتة الفقع في صحرائنا التي كانت ورغم معرفتنا الواسعة بها صرنا نجهل ما تجاهلناه فلا نعرف الكائنات التي تتكون وتقف بيننا وبين إخواننا وقد تفرق بيننا.
نتوه في جذورها إن كان لها جذور لشدة التصاقها بجذور غيرها ونغض النظر الذي تعميه أموالها عن مصدرها وتخرس ألسنتنا عن سؤال: من أين لك هذا؟
نرى النقود تتساقط تحت أقدامها كالمطر وبالنفوذ تكثر وتتكاثر وتكبر وتصير فقعاً ينتشر في المجتمع المتناقض ولا نعرف عنه شيئاً سوى انه من النخبة فيعزم وينعزم.
reemalmee@