فواصل فكرية

ليس ثوبي ولن أرتديه!

تصغير
تكبير
ما المسؤولية من وجهة نظرك؟ أو ما السلوكيات التي تعبّر عنها؟ هل أستطيع أن أعبّر عن المسؤولية بصورة الشاب أو الفتاة التي تعيش وحدها بعيداً عن أهلها؟ فهل ذلك كفيل بزرع حس المسؤولية لدى الشاب؟ وهل هذه الصورة هي الأنسب لتعلّم المسؤولية في مجتمعاتنا؟

تساؤلات كثيرة تجول في ذهني بعد مشاهدتي لأحد البرامج التي قصرت المسؤولية على هذه الصورة وحشرتها في زاوية الخروج عن الأسرة، فكنت مذهولة أمام العقل السطحي الذي لا يعرف التعامل مع الثقافات وأسس الحوار الحضاري رغم ادعائه التطوّر والتقدم.


إن من أهم أسس تطوير المجتمعات، هو ألا تصادمها بل تنطلق من مبادئها الصحيحة سعياً لتطويرها، فكي يتقبل المجتمع فكرة تطويرية أياً كانت، عليك أيها المحاور ألا تصادم المبادئ وعليك أولاً أن تحترم عقول الناس.

بدلاً من الفكرة الشاذة كلياً عن المجتمع، كنت أيها المحب الناصح تستطيع أن تطرح فكرة المسؤولية بآليات أكثر عملية وتدرجية، فلماذا لا يقوم الشاب صاحب الـ 14 عاماً بشراء «ماجلة» المنزل شهرياً؟ كي يتعلّم المسؤولية ويقارن بين الأسعار ويراعي الميزانية ويتحسس قيمة المال. ولماذا لا تقوم الفتاة بتحمّل المسؤولية من خلال تخطيطها لسفر العائلة؟ فتقوم بالحجوزات وتُفاضل بين الفنادق وخطوط الطيران. ولماذا لا تكون المسؤولية أعمالا روتينية يومية تبني الإنسان وتطوّره وتشجّعه على حياة أسرية سليمة؟ أليست المسؤولية بصورتها هذه أكثر منطقية وعقلانية، أم أن الهدف هو إثارة المجتمع واستفزازه فقط.

إن الأساس الذي تنطلق منه تلك البرامج، هو أساس الإثارة وتسليط الضوء على الشواذ في المجتمع لا المميزين والمبدعين. استميحك أخي المحاور، فلدينا نماذج كثيرة من شبابنا كانوا على قدر عالٍ من المسؤولية عندما اضطروا للعيش وحدهم في الغربة لتلّقي العلم، شباب وشابات في عمر الـ 18 عاماً استطاعوا تدبير أمور حياتهم اليومية والنجاح في دراستهم، خلافاً للمثال السطحي جداً الذي تم عرضه.

أجد من المخزي جداً اللجوء للشواذ القلّة وتسليط الضوء عليهم وجعلهم نموذجا للشباب العربي المميز الذي لم يجد في هذه البرامج مكاناً له، ربما لأنه أكبر من هذه التفاهة! باختصار أستطيع أن أقول ان لسان حال المجتمع إزاء ما يُعرض:«ليس ثوبي ولن أرتديه».

@anwar1992m
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي