الخبير في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أكد أهمية الأنشطة اللاصفية في صقل معارف ومهارات الطلبة

إدريس الورادي لـ«الراي»: 650 ألف طالب كويتي يقضون ثلثي أوقاتهم خارج المدرسة

u0625u062fu0631u064au0633 u0627u0644u0648u0631u0627u062fu064a
إدريس الورادي
تصغير
تكبير
للكويت تجربة رائدة عربياً في مجال الأنشطة اللاصفية والدليل تأسيس النادي العلمي وجمعية البيئة والمركز العلمي و«ملست» ومركز صباح الأحمد للموهبة

بعض الطلبة الكويتيين حصلوا على مراتب مشرفة في مسابقات عربية ودولية من خلال مشاركتهم في أنشطة «ملست - الكويت»

ممارسة الطلبة الأنشطة والمناهج العلمية اللاصفية تساعدهم على التصرف بعقلانية وتقيهم من المسكرات والتدخين والعنف والمخدرات والتطرف

نسبة الطلبة المستفيدين من الأنشطة العلمية اللاصفية بانتظام لا تتعدى 0.1 في المئة
رأى الخبير ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) الدكتور إدريس الورادي أن البرامج التربوية اللامدرسية تلعب دوراً أساسياً في تعليم وتكوين شخصية، مشيراً إلى ان نحو 650 الف طالب كويتي يقضون أكثر من ثلثي أوقاتهم خارج المدرسة.

وقال الورادي «مصري الجنسية» في حوار مع «الراي» إن البرامج التربوية اللامدرسية تلعب دوراً أساسياً في تعليم الطلبة وتكوين شخصيتهم وصقل مهاراتهم، مبيناً ان الطلبة الذين أُتيحت لهم فرص أكبر لممارسة الأنشطة العلمية اللاصفية يواجهون صعوبات معرفية أقل بالمقارنة مع الذين لم تتح لهم هذه الفرص.


وثمن الورادي تجربة الكويت في مجال الأنشطة العلمية اللاصفية واصفاً إياها بـ «الرائدة» على مستوى العالم العربي مستشهداً بتأسيس النادي العلمي وجمعية حماية البيئة العام 1974 والمركز العلمي 2000 ومركز الروبوت التابع لوزارة التربية و«ملست» 2002 ومركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع 2010 والمركز البيئي للطلبة في 2012.

وإلى تفاصيل اللقاء:

• بداية... ما الأهمية التي تحتلها الأنشطة العلمية اللاصفية في حياة الطالب المدرسية وفي المجتمع؟

- يقضي الطلاب الكويتيون (نحو 650 ألف طالب) أكثر من ثلثي وقتهم خارج المدرسة لهذا تلعب البرامج التربوية اللامدرسية دوراً أساسياً في تعليمهم وتكوين شخصيتهم وصقل مهاراتهم والشيء الذي يقتضي الوعي بأهمية الأنشطة العلمية اللاصفية في تربية مواطنين صالحين وأجيال قادرة على الإسهام في بناء مجتمع متقدم وآمن.

وأثبت العديد من الدراسات الأكاديمية أن الطلاب الذين يشاركون في أنشطة علمية لاصفية أوفر حظاً للحصول على شهادات جامعية في ميدان العلوم والرياضيات، وأن التشجيع المبكر للطلاب على ممارسة الأنشطة العلمية قد يكون الوسيلة الأفضل في توجيههم نحو المهن المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات «STEM» كما أن تميز الطلبة في هذه المهن مرتبط بدرجة ممارستهم للأنشطة العلمية اللاصفية.

وممارسة الطلاب المنتظمة للأنشطة العلمية اللاصفية وتطبيق طرق ومناهج علمية تساعد طلبة المدارس، من دون شك، على التصرف بعقلانية، وبناء شخصية قوية ومتزنة، ما يؤهلهم للاندماج السليم في المجتمع ويقيهم من العادات الاستهلاكية السيئة كالإفراط في تناول المسكرات والتدخين، والانحرافات السلوكية كالهدر المدرسي والعنف والتعاطي للمخدرات والتطرف.

وبناء على هذه المعطيات يتضح دور الدولة المركزي في تشجيع الأنشطة العلمية اللاصفية لكسب رهان المستقبل.

• برأيك ما القيمة المضافة للأنشطة العلمية اللاصفية بالمقارنة مع التعليم النظامي الكلاسيكي؟

- القيمة المضافة هي قيمة التعلم بالممارسة «learning by doing» المتجلية في مقولة الحكيم الصيني الشهير كونفوشيوس: «سمعت ونسيت، رأيت وتذكرت، فعلت ففهمت» لذا تعتبر الأنشطة العلمية اللاصفية إطاراً استراتيجياً لممارسة العلوم والتكنولوجيا بطريقة عملية تختلف عن المناهج التقليدية، وذلك باعتمادها على أنشطة ملموسة وتطبيقية مُحفِّزة.

لهذا لفتت أكاديمية العلوم بالولايات المتحدة انتباه المسؤولين السياسيين باقتراح توصيات تحث على الأهمية القصوى للتجارب العلمية والمنهج التجريبي والبحث العلمي في تدريس العلوم كما أدلى التقييم الوطني لتطوير التعليم «NAEP» في الولايات المتحدة الأميركية بالتوصيات نفسها، حيث أكد على أهمية تدريس العلوم بطريقة عملية «Hands on Science» يلعب من خلالها الطلاب دوراً مركزياً في بناء معرفتهم.

ومن بين المخرجات المتميزة لهذه السياسات الناجحة نذكر على سبيل المثال البرامج الفضائية الهندية والصينية التي أصبحت تشكل قاطرة للبحث العلمي والتكنولوجي، وفي الوقت نفسه مفخرة وأنموذجاً لأجيالهم المقبلة.

• إذاً، كيف تنظر الى أثر الأنشطة العلمية اللاصفية في علاقة الطلبة وأولياء أمورهم بالمدرسة؟

- أصبح جلياً أن الطلبة الذين أتيحت لهم فرص أكبر لممارسة الأنشطة العلمية اللاصفية يواجهون صعوبات معرفية أقل بالمقارنة مع نظرائهم الذين لم تتح لهم هذه الفرص.

وفي هذا السياق، اطلعت على حالة بعض الطلبة الكويتيين الذين تمكنوا من تحسين نتائجهم بشكل لافت بفضل مشاركتهم في أنشطة الروبوت التي تنظمها منظمة «ملست - الكويت» بالتعاون مع وزارة التربية حيث استطاع بعضهم الحصول على مراتب مشرفة جداً في مسابقات عربية ودولية نتيجة لهذه التغيرات الإيجابية أبدى أولياء أمور الطلبة المعنيين اهتماماً قوياً بالمسار الدراسي لأبنائهم وشؤون مدرستهم.

• ما تقييمك للأنظمة والأنشطة العلمية اللاصفية في الدول المتقدمة عموماً والكويت؟

- تطوير الأنشطة والبرامج العلمية أصبح من أولويات السياسات التربوية في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، نظراً لتأثيرها الإيجابي في المنظومة التعليمية ودورها الأساسي في دعم وترسيخ المسار التنموي للبلدان المعنية وبناء مجتمع عقلاني.

وتعد تجربة الكويت في مجال الأنشطة العلمية اللاصفية رائدة على مستوى العالم العربي، وخير دليل على هذا هو أن تأسيس النادي العلمي الكويتي والجمعية الكويتية لحماية البيئة في سنة 1974 والمركز العلمي الكويتي في سنة 2000 ومركز الروبوت التابع لوزارة التربية و«ملست» 2002 ومركز صباح الأحمد للموهبة والإبداع في سنة 2010 والمركز البيئي للطلبة في 2012 كان سابقاً لأوانه.

واغتنم الفرصة لأعرب عن مشاعر تقديري لروح الأخ الفقيد مجبل المطوع الذي وافته المنية في يوليو 2016 حيث أشرف على تنفيذ مشروع المركز العلمي الكويتي، وكرس حياته لنشر الثقافة العلمية في وطنه.

وفي هذا السياق حقق المعرض العلمي الكويتي - الفرنسي «ماذا تعرف عن النمل؟» الذي نظم أخيراً من طرف التوجيه العام للعلوم ومنظمة «ملست - آسيا» نجاحاً لافتاً حيث أتاح لأكثر من 100 طالب وطالبة، الفرصة للتعبير عن مهاراتهم وابتكاراتهم من خلال أبحاث وانجازات متميزة لا تقل مستوياتها عن مستويات انجازات الطلاب في الدول المتقدمة.

• ماذا عن رؤيتك لما هو موجود من أنشطة علمية لاصفية وذلك من خلال زياراتك الميدانية في الكويت؟

- سمحت لي زياراتي المتعددة للكويت منذ أكثر من 20 سنة بأن ألمس عن قرب مدى حيوية وتطور المنظمات الكويتية المتخصصة في الأنشطة العلمية ودورها الريادي بالمنطقة لكن من باب الأمانة والصراحة التي تمليهما على مهمتي، أرى أنه رغم كل هذه الجهود المبذولة، فإن هذا التطور مازال غير كاف إذ ان عدد المنظمات والمراكز العلمية التي تقدم أنشطة أو برامج علمية منتظمة أو أندية علمية يبقى ضعيفاً حيث لا يتعدى السبعة بالمقارنة مع بعض البلدان المتقدمة خصوصاً أن نسبة الشباب في الكويت تصل الى 60 في المئة نتيجة ضعف العرض لهذا نلاحظ أن نسبة الطلبة المستفيدين من الأنشطة العلمية اللاصفية بصفة منتظمة لا تتعدى 0.1 في المئة أي أقل من طالب لكل 1000طالب، بينما تصل هذه النسبة في كندا إلى 20 في المئة وإلى 87 في المئة إذا أضفنا إليها الأنشطة الطلابية الأخرى وهذه الوضعية لا تعكس امكانات وطموحات ومواهب الكويت.

وأصبح الآن من الضروري توحيد رؤى وجهود المؤسسات الحكومية لتطوير الأنشطة العلمية اللاصفية في الكويت، وذلك عن طريق الدعم القوي للمنظمات والجمعيات والمراكز العلمية وحضهم على وضع برامج جديدة، والتعاون مع المنظمات العالمية المتميزة يجب أن تكون هذه الأنشطة منتظمة ومدعومة بمراجع وبرامج تدريب محكمة يؤطرها معلمون ومدربون ومهنيون وباحثون وقياديون ذوو كفاءة عالية تحت رعاية الوزارات والمؤسسات والإدارات المعنية.

وأرى ان جسامة هذه المهمة تستدعي مشاركة كل المنظمات والمراكز المتخصصة في إطار شبكة وطنية قوية للثقافة العلمية تسهم بشكل فعال في بناء كويت جديد وتحقيق رؤية سمو أمير البلاد التواقة إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري.

• كيف ترى ما يقدمه مكتب «ملست - آسيا» في الكويت من أنشطة طلابية وشبابية تدعم الرؤى والتوجهات وتعزز القدرات الابتكارية والمعرفية؟

- ينظم مكتب المنظمة أنشطة طلابية مثلما يسهر على تنظيم ملتقيات وفعاليات وطنية وآسيوية ذات مستوى عال يشهد لها داخل الكويت وخارجها مثل مسابقة التطبيقات الصناعية ومسابقة الروبوت والدليل على ذلك فوز الطلاب المستفيدين من أنشطة المنظمة بالمراتب الأولى عربياً ودولياً كالمسابقة العالمية للروبوت «انفوماتركس» التي أقيمت في رومانيا أخيراً، وحصل فيها الطلبة على المركزين الأول والثالث من بين 600 مشارك من 48 دولة وهذا دليل على كفاءة التأطير العالية لفريق «ملست» الذي تمكن من كسب خبرة كبيرة في التأطير والتنفيذ بالتعاون مع التوجيه الأول للعلوم وفي التنظيم بالاحتكاك بالمنظمات الدولية وبتجربة وخبرة رئيس ومدير المنظمة عدنان المير وداود الأحمد اللذين يعتبران من رواد الثقافة العلمية بالكويت وكل هذه الإنجازات تخدم الرؤى والتوجهات الوطنية لدعم وتعزيز القدرات الابتكارية والمعرفية وتسهم في الإصلاحات الاستراتيجية الضرورية لبناء مجتمع المعرفة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تطمح اليها الكويت.

• برأيك ما أهمية الأنشطة العلمية اللاصفية في حياة الطالب وكيف ترى أثرها في حياته العلمية والعملية وفي المجتمع؟

- أثبتت جميع الأبحاث الأثر الايجابي للأنشطة العلمية اللاصفية في حياة الطلاب ومسارهم الأكاديمي وعلى اندماجهم الاجتماعي السليم فالطلاب الذين يمارسون أنشطة علمية تطبيقية يتفوقون في الأنشطة المرتبطة بالإبداع والنشاط اللغوي والمواد العلمية بالمقارنة مع زملائهم الذين يكتفون بالحصص النظامية.

وفي عالم العولمة المرتبط بالاقتصاد المعرفي والتكنولوجيا والابتكار تلعب الأنشطة العلمية اللاصفية دوراً أساسياً في تربية وتكوين المواطنين والإسهام في بناء مجتمع المعرفة وتوفير القوة العاملة ذات القيمة المضافة العالية في مجال العلوم والتكنولوجيا.

وبرهنت الكويت على قدرتها على التصدي لهذه التحديات وكسب رهان المستقبل باحتلالها مراتب أفضل من عدد كبير من القوات الاقتصادية الناشئة مثل الصين والبرازيل وتركيا والهند في مجال استعمال التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي.

ولعل إنشاء المركز الوطني للاقتصاد المعرفي وتشجيع التعليم الإبداعي من طرف الأمانة العامة للتخطيط والتنمية لخير دليل على إدراك الدولة لأهمية الاقتصاد المعرفي في النهوض بالاقتصاد وتنويع مصادر الدخل للتصدي للمنافسة ولضمان التنمية المستدامة ونتمنى أن تحظى الثقافة العلمية في الكويت بالاهتمام نفسه.

خطة استراتيجية

رداً على سؤال حول أهداف وملامح الخطة الاستراتيجية لبرنامج الأمم المتحدة الإمائي بشأن تطوير الأنشطة العلمية اللاصفية قال الدكتور إدريس الورادي إن هذه الخطة الاستراتيجية تهدف إلى تطوير الأنشطة العلمية اللاصفية بالمدارس الكويتية، وذلك بوضع برامج علمية عالية المستوى تستهدف العدد الأكبر من الطلبة وتدخل ضمن تحقيق أهداف سياسة الخطة الوطنية - الكويت 2035 - المتعلقة بالرفع من مستوى الابداع والابتكار لدى الشباب وتهيئهم لدورهم في المجال التنموي والاقتصادي والاجتماعي والأسري والمهني.

وذكر ان المرحلة الأولى من هذه الخطة تقوم على دراسة الوضع الحالي للأنشطة العلمية في المدارس الكويتية بعد التشاور مع أهم الفاعلين التربويين المهتمين بالأنشطة العلمية ومقابلة أكثر من 60 شخصية تنتمي إلى 20 مؤسسة حكومية ومدنية وتم وضع مخطط خماسي عنوانه الأنشطة العلمية اللاصفية لمنظمة ملست - الكويت - ويتضمن نحو 100 اقتراح موزعة على7 محاور استراتيجية بدأ تنفيذها في بداية السنة الدراسية.

وتابع «نسعى إلى تكثيف برامج التدريب بالتعاون مع التوجيه العام للعلوم وإنشاء مركز البحث التربوي وتطوير الأنشطة العلمية، وتنظيم معسكرات علمية حول البيئة بالتعاون مع الهيئة العامة للبيئة وتأسيس نوادي علوم الحياة والأرض بحديقة الحيوان بالتعاون مع الهيئة العامة للزراعة ونصبو أيضاً إلى تنظيم لقاء للشباب حول مستقبل العلوم في العالم العربي» ضمن اختيار (الكويت عاصمة الشباب العربي للعام 2017).
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي