الدور الفعّال للتآخي في الحياة الاجتماعية

u0645u0646 u0623u0639u0645u0627u0644 u0636u062du0649 u0627u0644u0646u0627u0635u0631
من أعمال ضحى الناصر
تصغير
تكبير
يعتبر التآخي في الإسلام أمراً مهماً... وحاجة لا يمكن للإنسان المؤمن الاستغناء عنها، يقول الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله وسلم»: «ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد فائدة الإسلام مثل أخ يستفيده في اللَّه». كما جاء عن الصادق «عليه السلام»: «المؤمن أخو المؤمن عينه ودليله لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه ولا يعده عدة فيخلفه».

لقد دعا الإسلام الفرد المسلم لأن يكون ذا علاقةٍ مع غيره من أفراد المجتمع، وحدّد طبيعة هذه العلاقة وأهدافها وآثارها الدنيوية والأخروية. فالعلاقة بين المؤمنين هي علاقةُ الأخوّة أي علاقة الأخ بأخيه. فكما يحب المرءُ أخاه من أُمّه وأبيه فينصَحُ له، ويَخلُصُ بحبه، ويحترمه، ويبذلُ له كلَّ نفعٍ مُستطاع، ويدفع عنه كلَّ سوءٍ يَقدِرُ على دفعه هكذا شأنه مع سائر المسلمين. هذه العاطفة النبيلة عاطفةُ الأخوّة يصاحبها سلوكٌ عملي يبرهن فيه المسلم عن أخوّته لأفراد المجتمع. الاخوة بالسلام ليست انفعال عاطفي محدود. كما أنّ هذه الرابطة التي تشدُّ المسلم لأخيه المسلم ليست غاية ما يمكن أن تصل إليه العلاقات الاجتماعية؛ بل هي بدايةٌ لميدانٍ فسيح من أعمال الخير والبر يمكن أن تجري فيه.

الأخوة رابطة نفسية تورث الشعور العميق بالعاطفة والمحبة والاحترام مع كلّ من تربطه وإياه أواصر العقيدة الإسلامية. قال الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات/ 10). أكّد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على أخوة المسلمين ببعضهم فقال في حديثه الشريف: «المسلم أخو المسلم...». وكان النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» يقرر هذا الإخاء ويؤكده كلّ يوم أبلغ تأكيد وأوثقه، وقد طبق الإسلام هذا الإخاء الرفيع، وأقام على أساسه مجتمعاً ربانيّاً فريداً شعاره قول النبيّ «صلى الله عليه وآله وسلم»: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه».

وهكذا استطاع الإسلام بالإخوة الإيمانية أن يوحد بين النفوس، وأن يؤلف بين القلوب، وأن يجعل المجتمع الإسلامي على قلب رجل واحد بصرف النظر عن الجنس أو اللون أو اللغة، وهذا ما أذهل العالم حين فوجئ بهذه الأُمّة الواحدة والتي تجمعت من أخلاط الناس.

إن اللَّه تعالى يحب لنا أن نعيش متماسكين، يساعد بعضنا بعضاً وليس أشتاتاً متفرقين قد ذهبت بنا المذاهب كلّ مذهب، فضاعت الأهداف ومعها فقدنا السبل والوسائل إليها، ولا يتصور مجتمع واحد يشترك أهله في تحمل شؤونه وشجونه، وهو لا تحكمه روح المؤاخاة، بل لو سادت روحية الاخوة فيه شكلاً لا مضموناً ومظهراً لا جوهراً كذلك لا يقدر لهذا المجتمع النجاح، فحتى يؤتي أكله ويتجه إلى حيث أراد اللَّه تعالى له لا بد أن تكون الأعمال ترجمان الأقوال، والمواقف معربة عما تحويه الضمائر وتكنّه السرائر، فترى من يتغنى بالصلة المميّزة مع فلان من الناس ويعتبره أخاه، لا يخذله في وقت الشدة ولا يتركه للدهر فيكون عوناً له على الدهر لا عوناً للدهر عليه، وكذلك من يكثر الثناء والمديح أو ابداء الاعجاب بشخص ما، لما يتحلى به من صفات، لا يترك زيارته إذا مرض ولا السؤال عن حاله، فيؤلمه ما آلمه ويسعده ما أسعده.

وهنا يتجلّى الدور الفعّال للتآخي في الحياة الاجتماعية، إذا قام كلّ فرد بما توجبه عليه أخوته الإيمانية تجاه الآخرين، يقول الصادق «عليه السلام»: «المؤمن أخو المؤمن كالجسد الواحد، إن اشتكى شيئاً منه وجد ألم ذلك في سائر جسده، وأرواحهما من روح واحدة، وإن روح المؤمن أشد اتصالاً بروح اللَّه من اتصال شعاع الشمس بها».

فبالتآخي يكسب المجتمع قوة في جوانب عديدة منها، القدرة العالية على تجاوز ما يعصف به من ملمّات صعبة وفتن ومحن. والارتقاء إلى قمة البذل والعطاء والايثار وتوحيد المنطلق الإيماني في النظرية والتطبيق.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي