في زخم الحياة... ضوضاؤها... سرعتها... وازدحامها، تغيرت بعض الأساسيات في المجتمعات وتداخلت المفاهيم والآراء، حتى صار بعضها هو المسيّر للحياة. فها نحن ذا ننغمس في الماديات ونغوص فيها أكثر وأكثر، لا لدافع حقيقي وسبب قوي، إنما هي محبوبات واهتمامات البعض التي أمشت البشر التابعين لهم نحو اتجاهات معينة، فبات الاستهلاك على مختلف أشكاله وأنواعه هو ديدن الكثير منا.
إن الإنسان الواعي هو من يدرك أن دوره في الحياة الدنيا غير محصور بالأخذ إنما هو أكبر وأعظم، فغربلة المعلومات والآراء والمفاهيم والمبادئ التي تُعرض علينا مرحلة مهمة ولا بد منها، حتى لا نكون تابعين بلا تفكير وبلا شخصية.
عند الرجوع لأصل الاستهلاك تجد أنه من طبيعة الكائن البشري... إذاً هو فطرة وطبيعة وحاجة، لأننا نستهلك كي نعيش ونحقق الهدف والغاية من وجودنا، لذلك كان الخلل في الانغماس والغوص في الاستهلاك والأخذ دون وعي وانتباه لمساوئه وسلبياته على الفرد والمجتمع.
إن إنسانيتنا وقيمتنا ليست بالتملك والحوز، إنها تتمثل بما نعطي ونبذل للحياة والوجود، أهميتنا تتجلى بإخلاصنا وبجودة وإتقان ما نقدم، إنها بعيدة كل البعد عن المادة... قريبة كل القرب من الروح.
jasmine_m_alj@