قبس من الهدي النبوي

(... فأعني على نفسك بكثرة السجود)

u0627u0644u0633u062cu0648u062f u0647u0648 u0623u0639u0638u0645 u0645u0627 u064au0638u0647u0631 u0641u064au0647 u0627u0644u0625u0646u0633u0627u0646 u0627u0644u062au0630u0644u0644 u0648u0627u0644u062eu0636u0648u0639 u0628u0627u0644u0639u0628u0648u062fu064au0629 u0644u0644u0647 u0631u0628 u0627u0644u0639u0627u0644u0645u064au0646
السجود هو أعظم ما يظهر فيه الإنسان التذلل والخضوع بالعبودية لله رب العالمين
تصغير
تكبير
السجود سبب لرفع الدرجات وحط الخطايا والسيئات وحصول الشفاعة والفوز بالجنة

الجنة تحتاج إلى مجاهدة النفس على شهواتها ولا يكون قهر النفس إلا بترك الكبر والتواضع لله رب العالمين

مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة هدف نبيل لا يسعى إلى طلبه وتحقيقه إلا أصحاب الهمم العالية

في السجود إرغام للشيطان ومحاربة له وهوغاية التواضع والعبودية لله ويستحب الإكثار من الدعاء فيه
على الإنسان أن يكون همه هم الآخرة، وأن يكون ذوا همة عالية، وذلك بأن يكون قدمه على الثرى وهمته في الثريا، وأن يكون ذا عزم أكيد، وبأس شديد في دين الله، فلا يلين ولا يحيد، وهذا ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم، ولذلك جاء كثير من الأحاديث في بيان ذلك، ومنها هذا الحديث:

عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: « سل؟ «. فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: « أو غير ذلك» قلت: هو ذاك. قال: « فأعني على نفسك بكثرة السجود «رواه مسلم.

جزاء المعروف

كان ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه يبيت مع رسول صلى الله عليه وسلم فيأتيه بالماء ليتوضأ به، وبما يريده من الأمور الأخرى، فما كان من الرحمة المهداة، والهادي البشير، والسراج المنير، والشاكر لرب العالمين، والذي قال كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «... ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه « رواه أبو داوود. فما كان منه إلا أن طلب من ربيعة أن يسأله ما يريد، وذلك مكافأة منه صلى الله عليه وسلم لربيعة لما رأى من شدة خدمته له، وحيازته شرف خدمته صلى الله عليه وسلم وعنايته بذلك، وكان ربيعة كغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الدنيا منقطعة زائلة، وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة، وأنه لن تموت نفسٌ حتى تستكمل أجلها ورزقها، فما كان من ربيعة إلا أن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقق له ذلك الهدف النبيل، والغاية المحمودة، والتي كان يسعى دائما لتحقيقها، وهي مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وأنعم بها من رفقة، وأنعم بهم من رفاق، قال الله - تعالى-: { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} سورة النساء 69 . وهذا طلب غال، وهدف نبيل لا يسعى إلى طلبه وتحقيقه إلا أصحاب الهمم العالية، والنفوس المطمئنة، والذين علموا أنهم أبناء الآخرة، والذين باعوا الحياة الدنيا الفانية واشتروا الحياة الآخرة الباقية.

فلبى النبي صلى الله عليه وسلم طلبه، ولكنه طلب منه بذل السبب لبلوغ تلك المنزلة، وذلك بأن يعينه على نفسه بكثرة الخضوع والسجود للرب المعبود.

فوائد وحكم

في هذا الحديث فوائد فريدة، وحكم سديدة؛ منها:

1- أن السجود سبب لرفع الدرجات، وحط الخطايا والسيئات؛ كما جاء في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا يرفعه الله بها درجة وحط عنه خطيئة « رواه ابن ماجه.

2- أن السجود سبب من أسباب حصول الشفاعة والفوز بالجنة؛ لما روي عن كعب قوله: أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار؟...فقال: « أعني بكثرة السجود «.

3 - أن أقرب حالة، وأفضل هيئة السجود، فإذا ما دعا الساجد ربه وهو على تلك الحالة أجابه، وإذا ما سأله أعطاه، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم « أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد « رواه مسلم. وقال الله - تعالى- لنبيه: { كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} العلق 19.

4 - أن السجود سمة من سمات عباد الله الصالحين، قال تعالى: { رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } الفتح 29.

5 - فضيلة ومنقبة لربيعة بن كعب رضي الله عنه، وذلك أنه كان ممن يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وعلو همته، وشرف وحسن مقصده، ورغبته عن الدنيا، وحبه للآخرة.

6 - الحث والترغيب في كثرة السجود.

7 - أن السجود غاية التواضع والعبودية لله – تعالى -.

8 - أن الجنة غالية، وأنه لابد من دفع الثمن، وذلك ببذل النفس والمال في نيلها، ولذلك فقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ربيعة المعاونة على نيلها وحصولها بكثرة السجود.

9 - أن الجنة قليل من ينالها، ويحصل عليها، وهي لا تنال بمجرد الأقوال فقط، وإنما تنال بالأقوال والأعمال، وذلك بعد إذن الله ومشيئته وفضله ورحمته.

10 - أن السجود سبب في إصلاح العبد نفسه، وإزالة أمراض قلبه، وذلك لما فيه من الإخبات والتذلل بين يدي الله.

11 - أن الجنة تحتاج إلى مجاهدة النفس على شهواتها وملذاتها، ولا يكون قهر النفس إلا بترك الكبر، والتواضع لله رب العالمين، والانطراح بين يديه، والاعتراف بالتقصير في حقه سبحانه وتعالى.

12 - أن في السجود إرغام للشيطان، ومحاربة له، ولذلك فقد جاء في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: « إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويلاه أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت أنا بالسجود فعصيت فلي النار « رواه مسلم.

13 - استحباب الإكثار من الدعاء في السجود، لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: « أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء « رواه الترمذي.

14 - أن السجود هو أعظم ما يظهر فيه التذلل والخضوع بالعبودية لله رب العالمين، وذلك أن العبد جعل أشرف أعضائه، وأعزها عنده، وأغلاها لديه حين عفره على التراب متواضعاً لله رب العالمين. وإبليس إنما طرده الله لما استكبر عن السجود لمن أمره الله بالسجود له.

15 - تذكر الآخرة، وأن الإنسان راحل إلى الله - تعالى – وذلك أن في السجود التصاقاً بالأرض، وذلك يذكر العبد بالبداية والنهاية، فهو يمرغ جبهته في التراب فيتذكر أصل خلقته – التراب - وأنه عائد إلى هذا التراب.

16 - أن السجود بهيئته صارف عن رؤية الدنيا وفتنتها وزخارفها وملذاتها، فإن الإنسان عندما يسجد يكون نظره إلى هذه الرقعة الصغيرة من الأرض؛ فيتذكر أن الدنيا حقيرة فانية، وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي