الغيب... علم الله وحده

هناك عالمان في هذا الوجود عالم الغيب، وعالم الشهادة،وعالم الشهادة مكشوف لنا جميعا وهو كل شيء يقع تحت حواسنا ونراه بأعيننا، ونسمعه بآذاننا، ونشم رائحته، ويقع تحت حواسنا الخمس، أما عالم الغيب فهو شيء مخفي عنا لا تدركه حواسنا، ولايقع تحت أبصارنا ولا أسماعنا، مثل الملائكة والروح والعرش والجنة والنار وغيرها من الغيبيات، والله سبحانه وتعالى هو الوحيد عالم الغيب والشهادة (هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم ) الحشر 22 (إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أر ض تموت إن الله عليم خبير ) لقمان 43، نزلت هذه الآيات البينات في الحارث بن عمرو من أهل البادية، أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الساعة ووقتها، وقال: إن أرض لنا أجدبت فمتى ينزل الغيث ؟ وتركت امرأتي حبلى فماذا تلد ؟ وقد علمت بأي أرض ولدت, فبأي أرض أموت؟ فأنزل الله سبحانه وتعالى تلك الآيات المحكمات, علم الغيب، علم واسع يتخطى علوم البشر فهو علم اختص به الله جل وعلا نفسه عن سائر مخلوقاته من ملائكة وجن وانس, فقد احتفظ بعلم الغيب ( قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء ) الأعراف 188، وهذا هوالواقع فلوعلمنا الغيب لتجنبنا كل ما يضرنا في مستقبل أيامنا واتجهنا إلى ما يفيدنا في الحياة الدنيا, وهذا ينافي الدين والإيمان حيث إن الإيمان بالقدرخيره وشره من ركائزالدين وأركان العقيدة، فالقدرغيب علمه عند الله سبحانه وحده، وتأتينا الأقدار فجأة لاختبارنا في الحياة الدنيا فلوعلمنا الغيب لانتفى الاختبار ولاتجاهنا إلى ما ينفعنا وتحاشينا ما يضرنا فأين الاختبارإذا ؟ والحياة الدنيا عبارة عن اختبار (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) الملك 2، أما ما كان الله سبحانه وتعالى يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أحداث سوف تأتي مستقبلا، فذلك للدلالة على ثبوت نبوته وصحة رسالته، والعلم الإلهي هو:علمه بالشيء قبل كونه، وعلمه بالشيء وهو في اللوح المحفوظ، وعلمه بالشيء حال كونه وتنفيذه، ووقت خلقه وتصنيعه، وعلمه بالشيء بعد كونه وتخليقه، واحاطته بالفعل بعد كسبه وتحقيقه، فعلم الله وحده، اختص به نفسه من دون سائر خلقه. اللهم علّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً يا أرحم الراحمين.

nn477601@