محمد الدلال / أفكار / فلنستعد لما هو أسوأ!

تصغير
تكبير
إن الأزمة المالية العاصفة بمعظم اسواق المال العالمية تعتبر الأكبر من نوعها منذ أمد بعيد، ويتفق الكثيرون من الخبراء الاقتصاديين إلى أن ما نشهده هو فقط بدايات الأزمة، وأن الأسوأ آتٍ، وسيشمل قطاعات مختلفة من الاقتصاديات والأوضاع العالمية، كما يؤكد أهل الاختصاص أنه ورغم تأثر الأسواق الخليجية ومنها السوق الكويتي بتداعيات الأزمة المالية والأوروبية إلا أن الأسواق المالية الخليجية تعتبر الأقل تأثراً، نظراً إلى اعتبارات عدة أبرزها سيطرة الدولة على معظم القطاعات المالية وارتفاع أسعار العوائد النفطية لتلك الدول وضعف تواجد الاستثمار الأجنبي فيها، وفي الكويت فإن الأزمة المالية الأخيرة كانت ومازالت خانقة ومؤثرة سلباً للعديد من الأطراف، كما أن الربكة والحيرة وغياب الرؤية العلاجية الجامعة هو سيد الموقف لها حالياً. ولنا في ذلك بعض الوقفات:
- الوقفة الأولى: لا يوجد فريق إدارة أزمة وإنما أطراف عدة لا تلتقي على فهم أو رؤية واحدة للتعامل مع الأزمة، والطرف الوحيد المتولي لإصدار القرار هو صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، والذي كان له دور إيجابي في المسارعة باتخاذ خطوات جادة لتطويق تداعيات الأزمة المالية في عدد من المجالات. أما مؤسسات الدولة المختصة فكل يغني على ليلاه، والكويت وهي تعيش الأزمة المالية بحاجة إلى فريق إدارة أزمة ذي صلاحية ودعم حكومي وبرلماني ليواجه الوضع الحالي وما هو أسوأ.
- الوقفة الثاني: للأزمة المالية آثار وانعكاسات قانونية كبيرة بدأت ملامحها بالظهور في المؤسسات المالية والتجارية والبنوك والأفراد ولدى القضاء والشكاوى التي تتلقاها مكاتب المحاماة، فقد حلت العديد من الديون وعجز الكثيرون من الأفراد والشركات عن السداد، وتعثرت العديد من العقود وتوقفت عدد من المشاريع والاستثمارات بسبب حاجتها الى التمويل المالي المتفق عليه، كما يعاني العديدون من الأفراد والشركات من اضطراب مالي حقيقي يصل عند البعض إلى مئات الملايين من الدنانير، وبالتالي فقد نصل إلى مرحلة تلجأ تلك المؤسسات أو هؤلاء الأفراد إلى حال الإفلاس، وبالتالي انهيار الكيانات التجارية والمالية، وتلك الآثار السلبية وغيرها سيكون محل مقال آخر نساهم فيه في الأيام المقبلة بإذن الله، ولكن عموماً ما أعددنا للتبعات القانونية، ولما هو أسوأ.

- الوقفة الثالثة: انعكست الأزمة المالية العالمية على العديد من الاقتصاديات والأوضاع العالمية، فأسعار النفط إلى انخفاض حاد وسيؤثر ذلك سلباً في حال استمراره على ميزانية دولة الكويت والمشاريع التنموية المقبلة فيها، كما لوحظ تراجع الأسعار العالمية في عدد من المواد والسلع، وهو مؤشر يعتبره البعض إيجابي لانخفاض أسعار السلع، ومنها السلع الغذائية، وهو في الوقت ذاته مؤشر سلبي لدى البعض الآخر، وغالبهم من التجار ممن اشترى وخزن العديد من السلع في فترات سابقة وأصبح متعذر عليه تسويقها حالياً، أما الأوضاع العالمية والإقليمية، فالعديد من المراقبين يكاد يجزم إلى تراجع فرص قيام حرب أميركية - إيرانية، ولو جزئياً، بسبب الصراع الدائر في شأن امتلاك إيران للسلاح النووي، مما يؤدي الى تغيير حقيقي لموازين القوى في المنطقة، وقد يكون ذلك لمصلحة المشروع الإيراني وتطلعاته لمد نفوذه على المنطقة. وبناءً على ما سبق ما أعددنا لذلك كله، أو لما هو أسوأ.
فكرة:
قيام مجلس الأعلى للتخطيط في حال اعتماد تشكيلة الجديد، شريطة أن يحظى بدعم حكومي كامل بإنشاء جهاز مختص بالتفكير الاستراتيجي والتخطيط لإدارة الأزمة المالية وتبعاتها واحتمالات المستقبل، وما هو أسوأ من جميع النواحي وصياغة الحلول العملية لمواجهتها، ومن ثم قيام الحكومة بتبني تلك الحلول والعلاجات بما يحقق مصلحة الكويت.
محمد الدلال
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي