فواصل فكرية

في الساعة الأخيرة

تصغير
تكبير
في الساعة الأخيرة من العام، عندما يحين الوقت لتتفقد خطتك السنوية وتكتب واحدة أخرى جديدة ومتجددة، يحين وقت الانكشاف، كشف الحقائق والوقائع والأحداث والنتائج، يحين وقت الحقيقة بشرط أن تكون صادقاً مع ذاتك، وبشرط أن تنوي الخير.

في عامي هذا وجدتُ أهدافاً لم أحققها وأهدافاً وجدت لنفسها مكاناً على الأرض دون الخطة، ووجدتُ أن المعنى يكمن في الوعي، فأن تملك خطة لحياتك، لعمرك، يعني أن تملك وعياً خاصاً متفرداً، يعني أنك لا تمشي خلف القطيع، أن لك استقلاليتك، بطموحك وأخطائك ومحاولاتك ونظرتك لكل ما حولك.


عامٌ مرّ بكثير من الأحداث على مستواي الشخصي المتواضع، وأحداث أخرى في العالم. أعي أنني شاهدة على تاريخ يُصنع وحضارة تُبنى وأخرى تُهدم، وأعي تماماً أن العالم الذي أعيشه بالتغيرات التي باتت أهدافها واضحة، أعي أنه عالم صعب بتحديات ضخمة كبيرة.

أؤمن تماماً أننا لو توقفنا عن لوم العالم وبدأنا بالعمل على أنفسنا وتطويرها، سنستطيع بإمكاناتنا القليلة أن نصنع عالماً أفضل، وهذا ما أحاول صنعه في وضع خطتي الشخصية للعام الجديد.

بينما يحتفل الكثير بالعام الجديد بطرق مختلفة، أجد الوقت مناسباً لصياغة خطتي. الخطة انعكاس للحياة وللأدوار التي نعيشها والطموحات التي نسعى لها، فلابد من وجود مكان لدوري كموظفة وكأخت وكصديقة وكعبدة لله وكعضوة في فريقي التطوعي وكإنسان.

ليست مصادفة أن أقرأ هذة الجملة من رواية أرواح كليمنجارو في الوقت الذي أخطط فيه لعامي الجديد: «ما الذي تريده من كل قمة تصعدها؟ هل تستطيع أن تملأها أم لا؟ ما يهم في ظني: هل تستطيع أن تملأ المكان الذي أنت فيه؟، سواء كنت فناناً أو متسلق جبال أو رب عائلة، إذا كنت تملؤه فعلاً، فأنت في القمة» - بتصرف.

وفي مقطع آخر من الرواية «أنا أرى الدنيا سلسلة هائلة من القمم، كل خطوة يخطوها الإنسان هي قمة، إن كانت في الاتجاه الذي لا يخون فيها الآخرين ويخون نفسه». وهنا المعيار الحقيقي لمعنى القمة، ألا تؤذي بها أحداً من الناس ولا تؤذي بها نفسك وتخونها.

في الفصل الأخير من الرواية يكون العمق، حيث كل شخص يبحث عن قمته في الداخل، وهو يحاول صعود الأمتار الأخيرة من الجبل، ذلك الحديث الداخلي والانكشاف الحقيقي على الذات، تلك اللحظة التي تتعرف فيها على ضعفك وتتلمّس ذاتك على حقيقتها وتنكشف أمامك المفاهيم التي ستغيّر حياتك، ذلك الفصل من الرواية أحتاجه في كل عام جديد وأتمنى أن يصل كل واحد منا لتلك اللحظة من الصفاء والثقة، حتى لا نتغيّر مصادفة، ويكون التغيير قراراً واعياً وجريئاً.

ستجد سمواً جميلاً عندما تجعل للأخلاق والمبادئ نصيباً من خطتك، وستعرف أن المسؤوليات التي نتحمّلها كبشر بمختلف أدوارنا هي المحكات التي تصقلنا أو تهدمنا.

anwaraljuwaisri@hotmail.com

anwar1992m@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي