وجع الحروف

ملايين الاستشارات ولا عجب...!

تصغير
تكبير
دائما أردد بيت شعر جميل نصه «لا تعجب ما على الدنيا عجب... حكمة الرحمن خلاها تدور». وبيت آخر يقول صاحبه «ما ينفع العلم في هادي... لو ينفع العلم وصيته»!

قرأت عن الملايين التي تصرف للبنك الدولي نظير عقود استشارية منها تطوير التعليم وتطوير إدارة الأراضي وهنا رددت بيت الشعر الثاني «ما ينفع العلم في هادي...» لأن النصيحة أو الاستشارة المجانية لا يستقبلها سوى الحكيم العاقل والنزيه في زمن فيه «الكعب داير» على المصالح وتطبيق قول «مزمار الحي لا يطرب».


نعلم الأسباب وراء تدني مستوى قطاع التعليم... نعلمه جيداً وقد كان محور نقاش في الديوانية وأدلى الضيوف من أصحاب الخبرة بدلوهم ولكل وجهة نظره لكن المحصلة تدور وترجع إلى نقطة الخلاف وهي إن من يفهم في «مكة» أهلها والبنك الدولي لن يقدم دراساته الجديدة للجسد التعليمي التربوي.

لماذا نصرف الملايين ونحن نستطيع وبكل سهولة تطبيق أحد النماذج التعليمية ومنح شرف التعليم والتربية لمن تقدم للتخصص حبا فيه كرسالة يؤمن بها لا أن يلتحق بها لأنها وظيفة يتقاضى عليها راتب وامتيازات.

إنها رسالة... ولهذا السبب يجب أن ندرك الحاجة إلى تقييم فوري لوضع المعلمين ومستوى كفاءتهم وعن مدى إيمانهم برسالة المعلم.

لا نقول «هات إذنك»... نحن نتحدث بشفافية ومن دون رتوش أو مجاملات حيث إن المعلمين والقيادات التعليمية «الصح» هي التي تستطيع رسم إستراتيجية الإصلاح لقطاع التعليم وغير هذا لن يعود علينا بالمنفعة ومن يصلح للبقاء في كادر المعلمين يبقى ومن هو غير مرتبط به يغادر لأي وظيفة آخرى.

أما مسألة مشروع إدارة تطوير الأراضي فأستغرب «بجد أستغرب»، فنحن ككويتيين لدينا من خبراء العقار والأراضي من يستطيعون تقديم دراسة أقل تكلفة من تلك التي أوكلت للبنك الدولي.

إنها ثقافة... وثقافة الغرب لا تصلح لمهمة متعلقة بعوامل ثقافية خاصة بالمجتمع الكويتي في التعليم والعقار: عارف كيف!

عندما تؤمن بهذه الحقيقة يحق لك البحث في جوانب الالتزام والمتعهدين بملايين عقود الاستشارات ولا عجب عندما تكتشف حقائق لا يدركها إلا من هو محيط في كل الأطراف المتعاقدة والرامية إلى ضخ ملايين رغم أن الكفاءات في المجال المراد تطويره متوافرة ناهيك عن مراكز متخصصة محلية ومعهد الكويت للأبحاث العليمة... ولا عجب في زمن من سماته تدني المستوى القيادي!

إنها دورة الحياة وهنا نعود لبيت الشعر الأول «لا تعجب... ما على الدنيا عجب» فلكل زمان دولة ورجال وهذه هي حصيلة زمننا الحاضر.

ستتغير الظروف لأن «حكمة الرحمن خلاها تدور...» وهذا لن يحصل إلا بشرط واحد وهو: الاعتراف بأن ما يحصل خطأ تراكمي وهو وفق المنهج الإستراتيجي تعتبر الرؤية التصحيحية لأخطائه بمثابة إستراتيجية الغد؟

عندما ترفع الإشارة معلنا عن خطأ... يأتيك الرد بـ «سنعمل تدوير...»: طيب? نحن نفهم أن القيادي يتم تغييره لعدم تمكنه من أداء المهام الموكلة له يعني قصور في الإمكانيات والجدارة: فهل سيغير التدوير من كفاءته؟... طبعا لا وهذا يعني أننا لم نعالج المشكلة بل حرصنا على بقائها لكنها انتقلت إلى المؤسسة التي سيتولى مهام عملها ذلك القيادي ! وزد عليها إستراتيجية الإحالة إلى التقاعد الذي أوجد فراغا في قطاع التعليم!

هل فهمنا سبب المشكلة؟

أعتقد أن الأمر واضح لكن الوضع سيتغير حتما ولا مجال للشك لأنها في يوم ما وفي زمن ما تقديره عند الله عز شأنه سيأتي من يقول: هذا خطأ! وعندئذ ستتغير القيادات وتأتي الكفادات لترسم لنا الخطط الإستراتيجية التي تلائم ثقافتنا وتعالج أخطاء الأمس و... «سلم على ملايين الاستشارات» فنحن أولى بها... والله المستعان.

[email protected]

Twitter: @Terki_ALazmi
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي