تركي العازمي / الحاجة لمجلس تخطيط ومكتب استراتيجي!

تصغير
تكبير
في الماضي القريب طالبنا بضرورة توفير مناخ عمل استراتيجي يخرج الحكومة من التخبط الإداري والقرارات العشوائية التي غالباً ما تكون على هيئة ردود أفعال تجاه القضايا المطروحة والشكاوى المتناثرة على صفحات الصحف، سواء من قبل المتضررين أنفسهم أو عن طريق النواب أو النقابات والتجمعات الأخرى.
تلك المطالبة لم تكن من نسج الخيال إنما جاءت من منظور علمي صرف مستوحى من واقع الحال والمجريات المتقلبة عواملها بين فترة وأخرى، حسب حال المناخ النفسي للقادة في النظام الحكومي تحديداً، ومازلنا على موقفنا نطالب: فهل من مجيب؟
والحاجة التي دفعت الحكومة إلى المطالبة بتشكيل مجلس أعلى للتخطيط كي تعرض عليه الخطة الخمسية الحكومية بعد بيان النائب المليفي هي في الأساس مشكلة قائمة منذ أن تم إلغاء وزارة التخطيط.
يقول المولى عز وجل: « أفمن يمشي مكباً على وجهه أهدى امن يمشي سوياً على صراط مستقيم». هذه الآية الكريمة تؤكد على ضرورة وجوب توافر العلم بالشيء والمعرفة قبل الإقدام على أي خطوة على المستويين الفردي والجماعي. ومادمنا في دولة يحكمها القانون وتعمل وفق نظام مؤسسي كان حرياً بالحكومة العدول عن الخطأ الذي ارتكبته حينما ألغت وزارة التخطيط التي تعتبر عصب الحياة لأي دولة في طور التطور.
إن التحديات المحلية والإقليمية على مختلف الأصعدة تتطلب توفير غطاء تخطيطي يرسم خطة الدولة... ولكن هل هذا يكفي؟ نعتقد أن الخطة بحاجة لمن ينفذها، والحاجة، كما يقولون، أم الاختراع، وهذه الحاجة الضرورية والملحة تتطلب توفير مكتب استراتيجي خاص بكل وزارة وهيئة تابعة توكل إليه مهام تنفيذ خطة العمل الحكومية من منظور استراتيجي وتوضع معايير أداء لقياس فعالية تنفيذ الخطة، وعلى أثرها تتم محاسبة كل جهة عن الجانب الخاص بها.
مؤشرات القياس كثيرة، وهي في المقام الأول بحاجة إلى قياديين من طراز خاص مختلف بطبيعة الحال عن النموذج القيادي المتبع لدينا حيث الواسطة والمحسوبية والثقل السياسي الذي ينصب الأفراد، حسب ثقلهم ونفوذهم على دفة المناصب القيادية الشاغرة.
إن الكويت عانت من الفساد الإداري وهي مازالت تعاني، وإن كانت هناك مطالبات بالقضاء عليه، لكننا نجدها تتحرك بعجلة بطيئة أبطأ من مشي السلحفاة، وأحياناً على استحياء، وقد يغض البعض عنه النظر إن كان مسنوداً من بعض أصحاب القرار الظاهر منهم والخفي الذي يدير بواطن الأمور من خارج سدة القرار الظاهر رسمياً في المنظومة الإدارية.
هذه هي الحاجة لمجلس التخطيط ومكتب استراتيجي لكل منشأة نعرضها للمعنيين، إن كانوا بالفعل يريدون الخير لهذا البلد.
إننا نشاهد الصلاح يتساقط كأوراق يابسة من أعلى الشجر المثمر، والمفسدون هم سبب البلاء الذي صب سم الفساد في شجرة الإصلاح التي نشاهدها تموت، وهي واقفة، فهل من مصلح يطالع الأوراق وهي تتساقط، ويحاول إنقاذ الشجرة الإصلاحية من مفاهيم الفساد المتسلطة؟ الله المستعان.
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي