«انتفاضة» بوجه منْع «حزب الله» أغنيات فيروز في «الجامعة اللبنانية»

تصغير
تكبير
رفْضٌ لتحوُّل «رئة الشرق» إلى... رقّة ثانية
أَحدث قيام «حزب الله» عبر التعبئة التربوية التابعة له بمنْع بثّ أغنيات للسيدة فيروز في حرم كلية الهندسة في الجامعة اللبنانية وتحديداً في «مدينة رفيق الحريري الجامعية - الحدث» صخباً كبيراً في بيروت تَداخل فيه السياسي بالديني والثقافي والاجتماعي.

ورغم ان ما أقدم عليه «حزب الله» والذي حال دون إحياء مجموعة من الطلاب ذكرى ميلاد احد زملائهم (محمد حمادة) الذي كان توفي بحادث سير في 23 اكتوبر الماضي، يشكّل امتداداً لسلسلة من الممارسات التي خرجت الى العلن بقوة في الأشهر الأخيرة وبينها منْع الاختلاط في المسابح او مقاهي الانترنت او سباقات رياضية في مناطق خاضعة لنفوذه، إلا ان ما شهدته الجامعة اللبنانية «فجّر» ما يشبه «الانتفاضة الرافضة» على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام اللبنانية، ولا سيما ان «قرار المنْع» سرى في صرحٍ جامعي رسمي وكسَر موافقة مدير الكلية على تنظيم الاحتفال، قبل ان يعمد الأخير الى إلغاء النشاط تحت عنوان «فضّ المشكل» وتفادي اتّساع الإشكال الذي كان وقع بين منظّمي هذا الحدَث و«شباب التعبئة التربوية» في «حزب الله» الذين تحججوا بأن بعض الطلاب «لا يسمعون الأغنيات (لأسباب دينية)».


وذهبت بعض الانتقادات لما جرى في الجامعة الى حدّ إعلان «ان هذا يحدث في لبنان وليس في الرقّة»، معتبرة بأقلام إعلاميين وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي ان ما حصل يعبّر عن «ترهيب اجتماعي» ومحاولة لتكريس أنماط في العيش وفرْضها بالقوة، متسائلةً عما يبقى من شعار «قبول الآخر» الذي يشكل مرتكز «العيش المشترك» في لبنان المتنوّع طائفياً ومذهبياً واجتماعياً.

وفي حين تحسّر البعض على ان لبنان، «رئة الشرق ومتنفّسه» بات يشهد «معارك» تحت عنوان «بثّ أغنيات»، لم يتوانَ البعض الآخر عن القيام بإسقاطات سياسية على «سقْطة المنع» عازين ما حصل الى الواقع الذي سمح لـ «حزب الله» في الأعوام الماضية بالتمدّد سياسياً وعسكرياً، في الداخل كما الخارج، الى درجة شعور مناصريه وبيئته بأنه بات في إمكانها تسييل «فائض القوة» في بُعدها الاجتماعي والعقائدي والديني على «الآخر» في لبنان.

واذ طُرح سؤال برسم وزارة التربية والتعليم العالي ورئاسة الجامعة اللبنانية حول كيفية السماح بحصول مثل هذا التطور «في وقتٍ كان بإمكان الطلاب غير الراغبين في سماع أغنيات ان يأخذوا يوم عطلة» إلا «اذ كانت الجامعة صارت خاضعة لهيمنة الحزب وساقطة في يده»، استعاد كثيرون احتفالات سبق ان أقامها طلاب «حزب الله» وحركة «امل» في الجامعة اللبنانية (مجمع الحدث) حيث رفعوا فيها رايات حزبية ودينية، وصولاً الى التداول بفيديو لطلاب (في نوفمبر الماضي) يلطمون لطمية عاشورائية، ويثيرون ضجيجاً عالياً، ويطلقون صرخات الولاء للمرشد الإيراني علي الخامنئي والإمام الخميني.

وتداول ناشطون بفيديو قديم للامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله يفسّر فيه مرتكزات تحريم سماع الأغنيات، من دون ان تنجح محاولة التعبئة التربوية في «حزب الله» في التخفيف من وطأة ما جرى، اذ أقرّت بمنْع الاحتفال وبثّ الأغنيات على قاعدة انه «ممنوع (وفق اتفاق) بثّ أغنيات في ساحات الكلية ولم يقبلوا بنقل النشاط الى داخل القاعة الزجاجية، كما ان النشاط تزامن مع ذكرى وفاة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)».

وكانت إحدى صديقات الشاب المتوفى حمادة، وتدعى روان كرنيب، روت أنه «في 31 نوفمبر رغبنا انا وأصدقاء محمد بإقامة عيد ميلاده في الجامعة بنشاط يشبهه ويحبه هو، فقررنا وضع اغنيات السيدة فيروز التي يحبها واغنيات الثورة وبالونات عليها صورته لمدة ربع ساعة فقط».

واذ توضح «اننا اخذنا إذن مدير كلية الهندسة»، لفتت الى «اننا أعلمنا مجلس طلاب الفرع بالموضوع الا انه اعترض بحجة ان بعض الناس لا تسمع الاغنيات، لذا قررنا تدارك الموضوع وقلنا لهم اننا لن نرفع الصوت ومن لا يريد سماع الاغنيات يمكنه مغادرة مكان الاحتفال لمدة عشر دقائق فقط، علماً أن صوت الاغنيات لن يكون مرتفعاً. ولعدم مضايقة أحد، قرر الاصدقاء اقامة النشاط في الصباح الباكر، فوصلوا عند السادسة والنصف صباحاً للتحضير فتفاجأوا بتواجد أكثر من 30 شاباً من التعبئة التربوية في حزب الله».

وتوضح أنه «حين أحضرنا مكبرات الصوت اقترب طلاب التعبئة وقالوا لنا (أغاني هون ما رح ينحط)، وبعد نقاش طويل معهم ورغم تواجد والدة محمد التي رغبت بالمشاركة في النشاط الذي يحب، ظلت التعبئة على موقفها».

واضافت: «عند وصول الأم تحدثنا مع مسؤول التعبئة بهدف (كسر الشر) ولعدم كسْر خاطر أم محمد الا ان رفض وضع الاغنيات بقي سيد الموقف»، وختمت: «بغض النظر ان التعبئة لم تحترم قرار المدير وحق الطلاب بإقامة نشاط ضمن اطار القانون، فإنها لم تحترم ذكرى ميلاد محمد ولا أم محمد التي احترق قلبها لما حصل».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي