الخبراء أجمعوا على ضرورة إلمامه بأدق التفاصيل الفنية والمهنية

القطاع النفطي يبحث عن وزير بعيد عن الترضيات والمحسوبيات... و«حبّ خشوم»!

تصغير
تكبير
سلطان: إنجاح القطاع يتطلب وضع سياسات مستقرة لا تتغير مع تبدّل كل وزير

العواد: ينبغي أن يكون الوزير المقبل من القطاع ومتفهماً لطبيعة عمله

بوقريص: القول إن المنصب سياسي فقط غير صحيح... هناك عوامل فنية أيضاً

الكوح: انخفاض الأسعار وصراعات الحصص تتطلب مسؤولاً من القطاع أو قريباً منه
يقف القطاع النفطي على أعتاب مرحلة جديدة، حيث يترقّب العاملون والمتابعون على حد سواء، اسم وزير النفط في الحكومة المقبلة، تمهيداً لاستشراف مآلات العهد النفطي الجديد.

وفيما يجمع أهل الاختصاص على ضرورة إلمام الوزير «المنتظر» بأدق تفاصيل القطاع «الحساس»، بما يساعده على استكمال مسيرة الإنجازات عبر دعم المشاريع الاستراتيجية الضخمة التي شكلت طريقها بعد سنوات عجاف، يرى هؤلاء أن إغفال عاملي الخبرة والمهنية في اختيار وزير النفط قد تكون لها تداعيات سلبية، ليس أقلها إحياء صراعات ومعارك داخلية انتهى زمنها. ويشير «أهل النفط» إلى أن استمرار المسيرة الناجحة يحتاج وزيراً فنياً ومهنياً متفهماً طبيعة العمل وحاجاته التقنية والبشرية، بما يجعله قادراً على تعيين الرجل المناسب في المكان المناسب، بعيداً عن الترضيات والمحسوبيات و«حبّ خشوم».

خبراء متمرسون في القطاع أكدوا لـ «الراي» أن النظرة لأهمية وطبيعة القطاع، والدعم المقدّم له خلال الفترة المقبلة، سيحددان بشكل كبير مدى استقراره الفني والمهني.

سلطان

يرى الرئيس التنفيذي الأسبق لـ «مؤسسة البترول»، نادر سلطان، أن «نجاح القطاع النفطي يعد نجاحاً للدولة ككل، لاسيما وأن 80 إلى 90 في المئة من دخل الكويت يعتمد على النفط».

وبينما شدّد على أهمية تقدير الحكومة لمكانة وخصوصية القطاع النفطي، كما تفعل السعودية التي حققت الاستقرار المطلوب لقطاعها، بين أن «من المهم استقرار السياسات النفطية، إذ لا يجب أن يُفسر كل وزير سياسات الدولة وفق هواه، بعيداً عن استراتيجية متكاملة».

وضرب سلطان مثلاً بالقول: «في أيامنا كان هناك برنامج للخصخصة، وتمت الموافقات عليه من (الأعلى للبترول) والحكومة، ثم جاء بعد وزراء اعتبروا أن الخصخصة ليست من أولويات الدولة». وأوضح: «إذا أرادت الدولة إنجاح القطاع، عليها وضع سياسات مستقرة لا تتغير مع كل وزير، والأهم من ذلك أنه إذا عرض المنصب على شخص ما، فعلى الحكومة وهذا الشخص تقديم رؤيتهما للقطاع، وما يجب ان تكون عليه هذه الرؤية»، متسائلاً «هل القطاع وزارة أم مؤسسة تجارية»؟.

واعتبر أن «المقلق هو عدم فهم أهمية وطبيعة عمل القطاع النفطي على اعتبار ان إدارته تتطلب كفاءات ومتخصصين لتحقيق انضباط معين، واتباع قوانين أمن وصحة وسلامة، وبالتالي ليس موظفي واسطات أو أشخاص من غير المؤهلين».

واعتبر «من الأفضل ان يكون الوزير قيادياً متفهماً لطبيعة عمل القطاع، وفي الوقت نفسه سياسياً، وليس عضواً في مجلس الأمة، إذ إن أولوياته ستكون حينذاك شعبوية انتخابية، كما يجب أن يدرك الفرق بين دوره كوزير، ودور الرئيس التنفيذي في القطاع خصوصاً لجهة رسم السياسات»، لافتاً إلى أن الوزير يرأس مجلس إدارة القطاع، وبالتالي لديه قياديون ومجالس إدارات المؤسسة والشركات التابعة، وبناء على ذلك، يجب أن يمتلك خبرة تمكّنه من تقييم الاداء وادارة الجلسات واتخاذ القرارات الفنية المناسبة.

وقال سلطان: «كرئيس تنفيذي سابق عملت مع 7 وزراء خلال 11 عاماً، بينما الرئيس التنفيذي الحالي، نزار العدساني، عمل مع 4 وزراء خلال 3 سنوات، وبالتالي استقرار السياسات النفطية هي الضامن لنجاحه، وليس كل وزير يغيّر سياسات القطاع».

العواد

من جانبه، يرى عضو مجلس إدارة «المؤسسة» السابق، عبدالهادي العواد، أن وزير النفط المقبل يجب أن يكون من القطاع، بصرف النظر من القدامى أو العاملين الحاليين، ولابدّ أن يكون متفهماً لطبيعة العمل، ومهتما بتطوير العاملين، خصوصاً وأن كثيراً من الكوادر الجيدة تقاعدت.

وأضاف: «الأمر الآخر أن يكون الوزير عادلاً في العمل، وليس له توجهات خاصة، وصاحب قرار لا يخضع لأي جهة، وأن يكون رجلاً فنياً ومخلصاً ينتمي للكويت وحدها».

وشدد على اهمية اهتمام الوزير بالشباب الموجودين بالقطاع والمستحقين للقيادة، قائلاً «التحديات التي تواجه القطاع الفترة المقبلة تتعلق بالقيادة، سواء مجلس ادارة المؤسسة أو مجالس ادارات الشركات أو المجلس الأعلى للبترول»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أهمية الحفاظ على مستويات الإنتاج والتصنيع واستكمال المشاريع الضخمة التي تنفذ.

بوقريص

بدوره، أكد العضو المنتدب الاسبق للتخطيط والمالية في «المؤسسة»، سهيل بوقريص، أن دور وزير النفط مهم جداً، قائلاً: «على الرغم مما قدمه الوزير الصالح، وإدارته للأمور بشكل جيد، لكن تنقصه الخبرة الفنية».

وقال: «وزير النفط يجب أن يكون فنياً بحتاً، ولديه خبره فنية بطبيعة العمل النفطي»، معتبراً أن «القول بأنه منصب سياسي غير صحيح، ولا بدّ أن تكون لديه خلفية فنية في العمل ومن داخل القطاع».

وأكد بوقريص أن «من الصعب فصل الوضع السياسي عن مناصب الوزراء، فالوضع السياسي غير مريح»، مطالباً بـ «حماية القطاع من التدخلات التي تضر بالمشاريع، وبالتالي بمصالح الكويت من جانب، وحماية الوزير من جانب آخر، وأن تكون لديه تغطية تدعمه أو كتلة كبيرة أو سلطة عليا تحميه».

وأضاف: «بطبيعة الحال ستكون هناك مماحكات سياسية، ولذلك يجب ان يكون هناك من يساند الوزير، ولا يتخلى عنه، ويجب أن يكون متجانساً مع القيادات النفطية، ولديه قدرة البناء على ما تحقق خلال الفترة الأخيرة من إنجازات، وليس نسفها وعرقلتها، فضلاً عن الاعتماد على القيادات الحالية لتحقيق الاستقرار»، محذراً من تجارب سابقة مع بعض الوزراء غير الفنيين، «ممن عطلوا قرارات فنية تركت تبعات سيئة في ما بعد».

الكوح

أما عضو هيئة التدريس في كلية الدراسات التكنولوجية، قسم هندسة البترول، الدكتور أحمد الكوح، فقد لفت إلى أن الوضع القائم في ظل انخفاض أسعار النفط، وصراع السيطرة على الحصص السوقية، يتطلب شخصاً ملماً بهذا الموضوع، ويكون ابن القطاع النفطي أو على الاقل قريباً منه.

وأضاف ان وزير النفط المقبل يجب ان يكون على دراية تامه بكل ما يدور في دهاليز القطاع النفطي، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، كما أن المرحلة تتطلب وزيراً ذا خبرة ودراية تمكنه من اتخاذ القرارات الصحيحة.

وقال الكوح»إن الاختيار صعب جداً، لأن الحكومة ستكون بين نارين، إذ من الممكن اختيار من لديه صراعات نفطية سابقة، أو من لا علاقة له بالنفط من قريب أو بعيد»، داعياً إلى التمعن بهذه الحقيبة الوزارية المهمة، كي يكون اسنادها بشكل ثابت، وليس بالوكالة أو موقت لأحد الوزراء.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي