الثقافة هي نبراس يشع كثيرا من الفنون والعلوم والآداب والتراث الذي يميز الامم والشعوب وهو يعبر عن أصالة الأمة وسماتها، وإن لهذه الديرة الحبيبة تراثاً مميزاً وثقافة يتوارثها الاباء عن الأجداد تمزج فيها كثير من العلوم والفنون والآداب.
وجدير بالمجتمع والدوائر الثقافية المتخصصة فيه أن تنشر هذا التراث بالوسائل الاشعاعية المختلفة.
سررت كثيرا في الاسبوع الماضي بالتعرف على معرض العملات الذي اقامته الأمانة العامة للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب والجمعية الكويتية لهواة الطوابع والعملات لمناسبة مرور 130 عاما على اصدار اول عملة معدنية وطنية، حيث تضمن هذا المعرض تطور اصدار العملة في دولة الكويت وكذلك انواع من العملات الورقية والمعدنية في بعض الدول العربية.
وفي هذه المناسبة التراثية الثقافية، اصدر الباحث في هذا المجال الاستاذ محمد عبدالهادي جمال كتابا قيماً بهذه المناسبة حيث غاص الكاتب في بحور النقد الوطني لكي يعرف القارئ على لآلئ مختلفة في هذا الصدد لحقب متعددة من الزمن حيث تطرق ابو علي من خلال كتابه الى الوضع النقدي في الكويت منذ نشأتها والعملات التي استخدمت فيها، مرحلة طويلة ناهزت اكثر من مئة عام استخدمت الامة خلالها عملات للنقد مختلفة الاشكال والانواع والالوان، وكان الكويتيون يعرفون قيمة كل عملة يستخدمونها.
طويلة الحسا هي من اوائل العملات التي تم تداولها في ربوع هذه الديرة الحبيبة وهي عملة تشبه مشبك الشعر منها نحاسية وفضية ويقال عن بعضها ذهبية ايضا. هذه العملة هي التي تحدث عنها الرحالة بيل جريف عام 1866 واعطى عنها وصفا دقيقا واستخدمت هذه العملة في شرق الجزيرة العربية وخاصة في منطقة الاحساء.
ثم العملة العثمانية وهي العملة الوحيدة التي استخدمت في جميع البلدان العربية الخاضعة لحكم العثمانيين في ذلك الوقت ثم الجنيه الذهبي الانجليزي والفرنسي في فترة قصيرة لانجاز المعاملات التجارية واستخدم الكويتيون الجنيه الذهبي الفرنسي عام الطفحة 1912 عندما ازدهرت تجارة اللؤلؤ.
ثم استخدم ريال تبريزا وكان يطلق عليه محليا الريال الفرنسي ثم الغران الايراني وهو نوعان: الاول يطلق عليه بو دبيله والآخر الشرخي.
ثم البيزة العمانية هي من ضمن العملات التي استخدمها اهل هذه الديرة الطيبة في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ثم البيزة البرغشية الزنجبارية ثم الروبية الهندية.
الجدير بالذكر ان الروبية الهندية مرت بمراحل كثيرة وهي تنقسم الى 16 آنة وتنقسم الآنة الى 4 بيزات والبيزة الى 3 بايات وكان يطلق على الباي «آردي» في الكويت، ولدى الكويتيين مثلا لطيف في هذا الصدد حيث يقولون:
نيشن يا بو واردي
ما تحوش الآردي
ثم العملات الورقية الهندية التي اصدرت عام 1957 جنبا الى جنب مع الفئات المعدنية الى عام 1959، وفي عام 1960 صدر المرسوم الأميري بقانون رقم 41 لسنة 1960 الذي نص على انشاء مجلس النقد الكويتي ليختص باصدار اوراق النقد والمسكوكات في الكويت وجعل الدينار وحدة للنقد الكويتي الجديد، وبتاريخ 20 نوفمبر 1960 صدر مرسوم بتعيين اعضاء مجلس النقد الكويتي برئاسة المرحوم الشيخ جابر الاحمد الصباح رئيس المالية والاقتصاد آنذاك.
وقد وافق المجلس في اول اجتماع له على طرح الدينار الكويتي للتداول في الاول من ابريل عام 1961.
رحلة رائعة طاف من خلالها الكاتب المتألق الاستاذ محمد عبدالهادي جمال رئيس مجلس ادارة الجمعية الكويتية لهواة الطوابع والعملات بانواعها التي تداولت في دولة الكويت على مدى 130 عاما حيث تطرق الى جوانب متعددة من الاحداث هي: الظروف السياسية والاقتصادية التي سادت منذ بدايات تأسيس الكويت والوضع النقدي في الكويت منذ نشأتها والعملات التي استخدمت فيها.
وجدير بالمتخصصين في مجال الثقافة ان يبرزوا هذا التراث عن طريق المعارض المختلفة وتشجيع الناشئة على زيارتها كي يتعرفوا على تراث هذه الديرة الحبيبة اما المتخصصون التربويون فعليهم واجب وطني في نقل افاق مختلفة من تراث هذه الديرة الى اذهان الطلاب والطالبات عن طريق تضمين المناهج الدراسية بجذوات متنوعة من تراث هذا الوطن العريق.
عزيزي القارئ المسار الثقافي يوازيه في هذه الايام مسار سياسي في تلاقح الافكار وتنوع النقاش والسجال بين البعض والبعض. والكل يظهر وجهة نظره حتى يوم السادس والعشرين من الشهر الجاري والجدر لم يزل على نار تهدأ تارة وتشتد أخرى خبرات واتجاهات وميول وتخصصات تنصهر فنرجو الا تذوب الافكار الطيبة والخبرات الواثقة والتخصصات النادرة والافكار الواعدة ويخرجها الملاس الى آفاق ينتشر فيها التشريع والرقابة وتطرح ثمرات تنتظرها الامة لآفاق تبعث على الطمأنينة وتنشر الخير بمختلف صنوفه.
وتحية لجميع المخلصين في كل المجالات من ابناء هذه الديرة الطيبة.
الحب لا يخفى على من يرى
مهما انطوى بصدر خل أمين
والجهر يحلو عند صدق الوفا
محبوبتي ذكر اسمها يحييني
هي الكويت موطني شامخ
جبينها يعلو فيعلو جبيني