حوار / «أُفكِّر في كتابة مذكراتي... والتعاون مع عادل إمام حلم جميل»

دريد لحام لـ «الراي»: لن أعتزل الفن... ولو اعتزلني!

u062fu0631u064au062f u0644u062du0627u0645
دريد لحام
تصغير
تكبير
لن أترك بلدي... أمي هي وطني الأول وسورية وطني الثاني وأنا أنتمي إليه

قضيتُ مع هالة البيطار 53 عاماً... وهي صديقتي حيناً وزوجتي حيناً لكنها حبيبتي دائماً

عايشتُ السلم والحرب على مدى نصف قرن... ولذلك أختلف مع الكثيرين سياسياً

الوطن ليس «شنطة سفر» نضعها في طائرة ونرحل... بل هو يهاجر في داخلك!

عادل إمام هو «الزعيم» في الفن والحياة... وليس هناك من يأخذ مكانه
الحديث مع دريد لحام ليس كأي حديث!

فهو الفنان المخضرم المنغمس في فضاء الفن، والذي يقول عن نفسه: «لن أعتزل الفن حتى لو اعتزلني»!


وهو الإنسان الذي عايش الحياة سلماً وحرباً على مدى خمسة عقود جعلت منه شخصاً «منتمياً» إلى وطنه برغم الحرب الأهلية التي تجتاحه منذ ست سنوات، وهو يملك من الآراء ما جعل الكثيرين يختلفون معه في وجهات النظر السياسية، وإن كان هو لا يحب أن يخسر مخالفيه!

ودريد لحام هو أحد المناصرين للمرأة والمقدسين لمكانتها، ليس فقط من خلال أمه التي يجعل منها وطناً ينتمي إليه قبل وطنه الكبير، بل أيضاً من خلال زوجته هالة البيطار التي يقول عنها بعد عِشرة جاوزت 53 عاماً: «كانت صديقتي حيناً وزوجتي حيناً آخر، لكنها ظلت حبيبتي دائماً»!

«الراي» التقت دريد لحام أحد أقطاب الكوميديا في المشهد الفني العربي، وتنقلت معه، في هذا الحوار الثري، بين مذكراته التي ينتوي نشرها، خلال الفترة المقبلة، وفيلمه «المنتمي» الذي يتحدث عن جانب من مسيرته الشخصية، وسورية الوطن الذي يرفض أن يغادره، لأنه لا يراه مجرد «شنطة سفر» ليتركه ويرحل، حتى إن كان يئن تحت وطأة الحرب الضارية.

• بدايةً، كيف جاءت فكرة الفيلم الوثائقي «المنتمي» الذي تروي من خلاله قصة حياتك؟

- الفكرة جاءت من خلال المخرجة الشابة ماجي أنور، التي سعدتُ بها جداً، وعندما جاءت لتقابلنى في سورية، فوجئت بأن عمرها صغير، لكنني من دون شك أعجبتُ بطموحها، وتحمست للفكرة، خصوصاً أن الفيلم يتحدث عن حياتي. من منظوري أنا والحمد لله الفيلم خرج بشكل أرضاني، وعندما عُرض للمرة الأولى استقبله جمهور مهرجان الإسكندرية بحفاوة، وهو بالمناسبة إنتاج الفنان هشام سليم.

• وهل ستقدم جزءاً ثانياً من الفيلم بعنوان «المنتمي 2»؟

- هذه فكرة واردة بالفعل.

• وكيف ترى مقاومة الواقع بالفن... خصوصاً في ما يحدث على أرض سورية؟

- الآن نحن في حاجة إلى ثقافة المقاومة أكثر من أي وقت مضى، وما أقصده هنا ليس المقاومة المسلحة ضد العدو، ولكن كل شيء خطأ في حياتنا يحتاج إلى أن نقاومه، مثل الفساد والجهل والتخلف، وبخس حقوق المرأة والعنف ضدها، فالمقاومة أصبحت ضرورة في حياتنا اليومية.

• كيف ترى دور السينما في نقل الواقع في ظل ما تشهده سورية من دمار؟

- أثناء الأزمات والحروب، عندما تقدم أعمال فنية سواء سينما أو دراما تلفزيونية أو حتى مسرح، فإنها تكون بمنزلة توثيق للفترة وتقديم صور من الواقع. وعلى الجانب الآخر هي لا تحلل أو تناقش الأسباب والنتائج، فهذه الأمور تحتاج إلى فترات طويلة تكون فيها الحرب قد وضعت أوزارها، ويكون أطراف الصراع قد اتضحت نواياهم.

وقتها تكون لدى المبدع خلفيات ومعلومات مؤكدة يستطيع أن يعتمد عليها، كي يقدم وجهة نظر ناضجة في الأزمة.

• من وجهة نظر الكوميديان الساخر دريد لحام، هل هناك وقت لا يصح فيه أن يعلن الفنان موقفه السياسي؟

- في رأيي الفنان لا بد ألا يتحدث في السياسة، ويجب أن نفرق بين أن يقول رأياً سياسياً يتحدث فيه عن الوطن، وأن يتخذ جانباً ما في الصراع. فالسياسة هي وجهة نظر... أما الوطن فهو حصيلة كل الآراء مجتمعة، فمن الممكن أن أسمع لأكثر من رأي. لذلك، في رأيي لا بد ألا ينخرط الفنان في السياسة، ولكن لا بد أن ينخرط فقط في الانتماء إلى وطنه. وعلينا أن نفرق الآن بين مسألتين: الأولى أن الفنان يطالب بالحرية والديموقراطية والعدالة الاجتماعية... إلى آخره. وثانياً، أن هذا ليس طرحاً سياسياً ولكنه طرح وطني يطالب بتوافر عناصر المواطنة، وليس مطالب سياسية.

• رفضتَ أن تترك سورية في وقتٍ هجرها فيه كثيرون... ألا تخاف على نفسك وعائلتك من الظروف القاسية التي تمر بها بلادك؟

- الوطن ليس «شنطة سفر» نضعها في طائرة ونرحل... «فوين ما رحتي بالكون الوطن يهاجر بداخلك»، ولا تستطيعين أن تنسيه أو تنفصلي عنه. وأنا مثل الشجرة التي لا تستطيع أن تتخلى عن جذورها وإلا ماتت، ولا أستطيع التخلي عن جذوري في بلدي... واللي بيسير على غيري بيسير عليّ، والمهم ما أترك وطني وأهرب، لأنني إذا تركتُه فهو لن يتركني.

• هل توافق على تقديم قصة حياتك في فيلم أو مسلسل؟

- أوافق بشرط: إذا كان العمل جديراً بالاحترام، خصوصاً إذا كانت الكتابة جيدة وتتحدث عن الأمور الجوهرية، لكن مجرد «هيك» شغلات سريعة وبلا طعم، وتتحدث ماذا آكل وماذا أشرب، ومتى أنام ومتى أستيقظ، وتتحدث عن لوني المفضل، فهذا لن يكون عملاً فنياً!

• السير الذاتية تتنوع بين تقديم البطل شخصاً ملائكياً خالياً من العيوب، وتقديمه بوصفه إنساناً طبيعياً يخطئ ويصيب، فإلى أي نوع تنحاز؟

- المفروض أن صاحب السيرة الذاتية هو الذي يكشف جوانب حياته بنفسه، لأنه بالتأكيد هناك مناطق في حياة أي إنسان ليست للنشر... ومعظم ما قُدِّم عن حياة الفنانين صورهم على أنهم ملائكة، وهذا غير صحيح لأن الشخصية العامة هي إنسان كسائر البشر، له أخطاؤه ولا بد من تقديمه بسلبياته وإيجابياته، وتكون نابعة منه وليس بالنيابة عنه.

• وما حقيقة أنك تعتزم كتابة مذكراتك؟

- طُلب مني كثيراً هذا الأمر، وأن أقوم بتسجيلها فيديو على الأقل، وهذا المشروع قيد الدراسة والتنفيذ وسيتم طرحه قريباً إن شاء الله.

• من الشخص الذي تعتبر أن له دوراً كبيراً في حياة دريد لحام، وسيكون له حيز مميز في مذكراتك؟

- أولهم أمي، وآخرهم أمي... فهي الوطن الأول. فالأم والوطن تعبيران لشيء واحد اسمه «الانتماء»... وفي أي مكان أذهب إليه من الجائز ألا يعرفون من أين أتيت، وعندما يسألونني: من أين أنت أقول لهم وطني الأول أمي والثاني سورية. أمس عشتُ في أحشائها 9 أشهر... «ليش» ما يحسبوه من العمر؟ فبدون الأم والمرأة ما استمر الخلق.

• حرصت عبر مشوارك الفني على أن تتمسك بلهجتك السورية في أعمالك، ورفضت التمثيل من دونها في أي عمل مشترك. فما السر في ذلك؟

- لهجتي جزء مني، فمثلاً لا أستطيع أن أرى نور الشريف يتحدث باللهجة اللبنانية، وقتها أشعر كأنه تخلى عن شخصيته. ولهجة الإنسان جزء من شخصيته، لا بد أن يتمسك بها. أما أن يتخلى عنها لأسباب تجارية، ويذهب للعمل بأكثر من لهجة، فهذه وجهة نظر شخصية تخص غيري، وهم أحرار في اختياراتهم، ولا أريد التفكير بالنيابة عن الآخرين.

• من أكثر فنان سوري نجح في مصر من وجهة نظرك؟

- جمال سليمان أكثر فنان سوري حقق نجاحاً في مصر، وهو صديق وزميل عزيز. وفي آخر زياراتي للقاهرة التقيته، وتحدثنا كثيراً، فنحن قد نختلف في الآراء، ولكننا لا نختلف في المحبة.

• هل من الممكن أن تخسر صديقاً بسبب السياسة؟

- من جهتي أنا لا يمكن أن أخسر صديقاً... لكن يجوز أن هذا الصديق يريد أن يخسرنى. «فلا يصح أن يتحول خلاف في وجهات النظر إلى عداء. ولا بد أن يحترم بعضنا وجهة نظر البعض الآخر، وإلا نصير كاذبين، عندما نظل نطالب بالحرية، ثم لا نحترم الرأي الآخر.

• إلى أين وصل مشروعك الفني الذي سيجمعك بـ «الزعيم» عادل إمام، وطالما سمعنا عنه؟

- ما زال مجرد حلم جميل أحلم به... وأتمنى أن يظل موجوداً بداخلي لأن الحلم يعطي الأمل والتفاؤل. وإذا تحقق تنتهي السعادة. أما بالنسبة إلى المشروع، فلا توجد خطوة بصدده على أرض الواقع حتى الآن.

• حدثني عن علاقتك بعادل إمام إنسانياً وفنياً؟

- عادل إمام هو «الزعيم» في الفن والحياة... ولا يوجد من يأخذ مكانه.

• هل فكرة الاعتزال واردة في حياتك؟

- حتى إذا الفن اعتزلني فأنا لن أعتزله... فمسألة الاعتزال مثل مسألة الوطن إذا هو اعتزلني أنا لا أعتزله.

• كلمة أخيرة توجهها إلى زوجتك هالة البيطار؟

- زوجتى هالة عشت معها 53 سنة، وكانت عشرتها طيبة ولها الفضل في بناء عائلتي واستمرارها بسبب تضحياتها وصبرها. من أجل ذلك، أقول عنها أحياناً هي صديقتي وأحياناً هي زوجتي... لكنها حبيبتي دائماً.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي