أحد آخر كبار الفن في لبنان لملمَ ألحانه وأوجاعه ورحل عن 72 عاماً
ملحم بركات... «ومشيت بطريقي»
ملحم بركات
في مسرحية «ومشيت بطريقي»
سميرة توفيق: حزينة... كنا أصدقاء وتربطني علاقة مع زوجته
إلياس الرحباني: رحلتَ باكراً يا صديقي
غسان صليبا: مالئ الدنيا بفنّه الجميل والراقي
إلياس الرحباني: رحلتَ باكراً يا صديقي
غسان صليبا: مالئ الدنيا بفنّه الجميل والراقي
لن يقف على بابه «قمرين» بعد اليوم، فـ «الموسيقار» اختار أن تكون «أغنية الوداع»: «ومشيت بطريقي».
لن يجد «أبو مجد» بعد اليوم مَن يسأله «شو بعدو ناطر»، فهو سافر إلى فوق، إلى حيث كبار الفن سبقوه ليكون من آخر رعيل «السجلّ الذهبي» للأغنية في لبنان.
لملم ملحم بركات أمس أعوامه الـ 72 وأوجاعه التي صارعها على مدى أسابيع في المستشفى إلى أن صرعه المرض، بعد معلومات متضاربة كثيرة رافقت وضعه الصحي وإصابته بالسرطان الذي قاومه ولكن قلبه خذله.
رفيق الدرب و«توأم روحه» الشاعر نزار فرنسيس نعى صديقه عبر «تويتر» قائلاً: «رفيق عمري راح، نفسي حزينة حتى الموت»، وسرعان ما صارت هذه «التغريدة» لسان حال الكثيرين، من الفنانين والمحبّين، الذين ودّعوا بركات الذي ترك بصمة كبيرة في عالم الأغنية كما المسارح والذي كان قبل أقل من شهرين يحيي حفلاً ويُحدِث الصخب، كما اعتاد طوال مسيرته، والذي بدا برحيله السريع وكأنه يغني «يا صمتي يا معذّبني».
ابن بلدة كفرشيما الذي تأثّر بفن الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، والتحق بالمدرسة الرحبانية حيث كانت معها انطلاقته الكبيرة، طوى أكثر من نصف قرن أمضاها في الفن الذي بدأ يدرسه «خلسة» عن والديْه، والذي صار من رواده وأعمدته «حارساً» للأغنية اللبنانية التي لم يغنّ غيرها والتي اعتُبر من أبرز «مجدّدي دمها».
بركات الذي قيل عنه إنه «سابق عصره» إذ قدّم نماذج من الأغنية العربية الجديدة منذ ثمانينات القرن الماضي، غالباً ما اعتُبر «مشاكساً»... هو الذي تعوّد أن يطلق مواقف مثيرة للجدل في السياسة والفن وغيرها كأنها «على حدّ السيف»، ولعلّ آخرها في حفلٍ أقامه أواخر أغسطس الماضي في بعبدا وجاهر فيه بتأييده انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بأسلوب لم يخل من الشتائم... إلا أنه رحل قبل ثلاثة أيام من الموعد المفترض لوصول الأخير بعد غد إلى القصر.
«الموسيقار» الذي غنّى الوطن مراتٍ وحمل أوجاعه سيلتحف ترابه على وقع «موعدنا أرضك يا بلدنا»، فيما لسان حال الأحبّة سيكون «يا حبي اللي غاب». لم يعرف بركات الندم في حياته الشخصية ولا الفنية، لكنه ندم على أغنية قدّمها للرئيس إميل لحود ورافقتْ انتخابه العام 1998 بعنوان «من فرح الناس»، وكان عاهد بعدها ألا يقدم أغنيات لأي «عهد». ظهرتْ موهبته منذ كان على مقاعد الدراسة، إذ قام في أحد الاحتفالات المدرسية بتلحين كلمات من جريدة يومية قام بغنائها، من دون أن يدرك حينها أنه سيصبح لعقودٍ «حديث الجرائد» ومحور الحدَث فيها، حتى وفاته التي أعلنت كـ «خبر عاجل».
بركات الذي تذوّق أعمال عبدالوهاب وأم كلثوم، طبع منذ نعومة أظفاره الأمسيات الثقافية والفنية التي لطالما استضافتها «كفرشيما» التي سكن فيها أيضاً حليم الرومي الذي كان أول من أعطاه جرعة دعم حين سمعه يغني ويعزف بين فصلَي مسرحية «جنفياف» التي كانت تُعرض في البلدة.
في مطلع الشباب، درس النظريات الموسيقيّة والصولفاج والغناء الشرقي والعزف على آلة العود في المعهد الوطني للموسيقى (الكونسرفاتوار)، قبل أن يلتحق بأحد البرامج المشهورة للأصوات، ومنها بالمدرسة الرحبانية بناء على نصيحة فيلمون وهبي حيث انضم إلى فرقة «الأخوين الرحباني»، ليفترق عنهما بعد 4 سنوات.
وسبق أن قال عن التعامل مع الرحابنة: «ذات يوم قال لي فيلمون وهبي بالحرف الواحد: يا ابني أنت ولد موهوب لكن مع بيت الرحابنة لن تصل إلى الشهرة، إما أن تكون مكان نصري شمس الدين أو أقلّ منه، ولن يتركوك تتفوّق عليه».
بركات عمل أيضاً مع روميو لحود، وانطبعت مسيرته التلحينيّة بأعمال لعدد كبير من الفنانين أبرزهم: وديع الصافي، صباح، سميرة توفيق، ماجدة الرومي، وليد توفيق، وغيرهم…وكانت أولى ألحانه، «بلغي كل مواعيدي» (ثنائي بينه وبين جورجيت صايغ).
لم يغب ملحم بركات عن المسرح، وأول عمل على الخشبة قام ببطولته كان مسرحية «الأميرة زمرد» مع سلوى القطريب، كما وقف أمام فيروز في مسرحية «فخر الدين»، وشارك في أكثر من مسرحية مع الشحرورة صباح «الفنون جنون» و«حلوي كتير». ولاحقاً كانت مسرحية «ومشيت بطريقي».
بركات الذي انطبعتْ صورة «الصياد» في أذهان محبيه، إذ شكّل مع إيلي شويري وفيلمون وهبي ثلاثياً معروفاً في هذا المضمار، لم تقلّ حياته الشخصية صخباً، فهو تزوّج أولاً من رندا عازار، وهي أم أولاده مجد ووعد وغنوة، ومن ثمّ من مي حريري التي أنجبت له ملحم جونيور قبل ان يطلّقها.
«ابو مجد» الذي في رصيده نحو 13 ألبوماً وأكثر من 107 أغنيات، عرف في الأعوام الأخيرة نجاحات مع الأغنية التي قدّمها لماجدة الرومي بعنوان «اعتزلت الغرام» وأخرى لكارول صقر بعنوان «يا حبيبي تصبّح فيي».
كبار عايشوه لـ «الراي»: خسارتنا كبيرة
بدت الفنانة الكبيرة سميرة توفيق في غاية التأثر بعد سماعها نبأ رحيل «ابن جيلها» ملحم بركات وقالت لـ«الراي»: «إنني حزينة لغياب الموسيقار الذي ربطتني به علاقة فنية وعائلية»، مشيرة الى أن بركات لحّن لها خمس أغنيات «وكنا نسافر معاً لإحياء حفلات في الخارج... كنا أصدقاء وتربطني علاقة مع زوجته السيدة رندة».
الموسيقار إلياس الرحباني أشار عبر «الراي» إلى أنه «صودف خلال الفترة التي قضاها ملحم بركات قبل وفاته في المستشفى أن يكون شقيق زوجتي في المستشفى عينه، وفي الطابق نفسه الذي تتواجد فيه غرفة الموسيقار الراحل، لذا كنّا إلى جانبه طوال تلك الفترة. وفي أيامه الأولى على سرير المرض كانت حالته جيدة ووجهه مرتاحاً ولم يبدُ عليه أي شيء يشير إلى الخطورة، بل كنّا نجلس إلى جانبه ونضحك معاً، ونتكلم في مواضيع عدة، وبعد أربعة أيام قالوا لي إنهم أدخلوه العناية المشدّدة، فأصررت على زيارته لأتفاجأ بأن التعب بات واضحاً على وجهه، فبدأت أقول له شد حالك ويلا قوم بقى بدنا نعمل شغل جديد، وبدنا نقدم فن حلو للناس، وبدنا نرجع نضحك ونرقص، فكان يضحك قليلاً رغم الأوجاع التي ألمت به. وبصراحة صدمت وتألمت كثيراً عندما تلقيت خبر وفاته».
وأوضح الرحباني أنه تعرّف إلى ملحم بركات في العام 1970 «وهو شخصية مرموقة وحالة خاصة لا تشبه أحداً، أكان بموهبته وصوته أو بشخصيته وكاراكتيره. وملحم شخص محبوب ومعروف في العالم العربي أجمع وكل البلدان التي تتكلّم العربية، وحقق شهرة كبيرة جداً ونجاحات لا تحصى»، مضيفاً: «أول الأعمال التي جمعتني بملحم بركات كانت مسرحية (أيام صيف) في بيت الدين، لتتوالى الأعمال الغنائية بيننا من (عشرة حدعش طنعش) و(يا حبيبي دوبني الهوا) و(لا تهزي كبوش التوتي)». وختم الرحباني مودعاً بركات بالقول: «كنتَ إنساناً مليئاً بالحيوية والنشاط والضحكة لا تفارقك، رحلتَ باكراً يا صديقي». أما الفنان غسان صليبا فقال لـ «الراي» إنه زار الموسيقار في المستشفى قبل وفاته «وجلست إلى جانبه وكان المرض بادياً على وجهه، ومن يومها حزنتُ كثيراً فهو ما زال شخصاً متوهجاً بفنه وصوته وعطائه وحضوره القوي، كما تربطني به علاقة إنسانية قديمة مبنية على الاحترام والأخوة. لذا أرى أن خسارتنا كبيرة جداً»، لافتاً إلى ان بركات قال له خلال تلك الزيارة «عندما تتحسن حالي وأخرج من المستشفى يجب أن نجلس ونتكلّم ونتعاون في أعمال فنية جديدة»، ومضيفاً: «سبق وتعاونت مع الموسيقار في أعمال غنائية عدة لحّنها لي، من بينها (يا حلوة) و(يا مجوزين) و(وحياة ولادي) و(عنيدة) و(شو هم القمر) وتلك الأعمال حققتُ من خلالها نجاحات لافتة ويمكنني القول إن شهرتي كانت من خلال ألحان ملحم بركات».
ولا ينسى صليبا المرحلة التي امتلك فيها بركات أحد النوادي المخصصة للحفلات والغناء، «فقد كان دائماً يقع خياره عليّ كي أحيي الحفلات هناك عندما تكون لديه ارتباطات في الخارج»، لافتاً إلى «أن الفن اللبناني والعربي خسر رمزاً من رموزه، خسر فناناً عظيماً لديه شخصية متميزة وغالباً ما كانت آراؤه الفنية والسياسية حديث الساعة وعلى كل لسان، وكان إنساناً صادقاً وعفوياً، وهو مالئ الدنيا بفنّه الجميل والراقي أكان عبر الألحان أو عبر الأغنيات التي قدّمها بصوته».
لن يجد «أبو مجد» بعد اليوم مَن يسأله «شو بعدو ناطر»، فهو سافر إلى فوق، إلى حيث كبار الفن سبقوه ليكون من آخر رعيل «السجلّ الذهبي» للأغنية في لبنان.
لملم ملحم بركات أمس أعوامه الـ 72 وأوجاعه التي صارعها على مدى أسابيع في المستشفى إلى أن صرعه المرض، بعد معلومات متضاربة كثيرة رافقت وضعه الصحي وإصابته بالسرطان الذي قاومه ولكن قلبه خذله.
رفيق الدرب و«توأم روحه» الشاعر نزار فرنسيس نعى صديقه عبر «تويتر» قائلاً: «رفيق عمري راح، نفسي حزينة حتى الموت»، وسرعان ما صارت هذه «التغريدة» لسان حال الكثيرين، من الفنانين والمحبّين، الذين ودّعوا بركات الذي ترك بصمة كبيرة في عالم الأغنية كما المسارح والذي كان قبل أقل من شهرين يحيي حفلاً ويُحدِث الصخب، كما اعتاد طوال مسيرته، والذي بدا برحيله السريع وكأنه يغني «يا صمتي يا معذّبني».
ابن بلدة كفرشيما الذي تأثّر بفن الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب، والتحق بالمدرسة الرحبانية حيث كانت معها انطلاقته الكبيرة، طوى أكثر من نصف قرن أمضاها في الفن الذي بدأ يدرسه «خلسة» عن والديْه، والذي صار من رواده وأعمدته «حارساً» للأغنية اللبنانية التي لم يغنّ غيرها والتي اعتُبر من أبرز «مجدّدي دمها».
بركات الذي قيل عنه إنه «سابق عصره» إذ قدّم نماذج من الأغنية العربية الجديدة منذ ثمانينات القرن الماضي، غالباً ما اعتُبر «مشاكساً»... هو الذي تعوّد أن يطلق مواقف مثيرة للجدل في السياسة والفن وغيرها كأنها «على حدّ السيف»، ولعلّ آخرها في حفلٍ أقامه أواخر أغسطس الماضي في بعبدا وجاهر فيه بتأييده انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بأسلوب لم يخل من الشتائم... إلا أنه رحل قبل ثلاثة أيام من الموعد المفترض لوصول الأخير بعد غد إلى القصر.
«الموسيقار» الذي غنّى الوطن مراتٍ وحمل أوجاعه سيلتحف ترابه على وقع «موعدنا أرضك يا بلدنا»، فيما لسان حال الأحبّة سيكون «يا حبي اللي غاب». لم يعرف بركات الندم في حياته الشخصية ولا الفنية، لكنه ندم على أغنية قدّمها للرئيس إميل لحود ورافقتْ انتخابه العام 1998 بعنوان «من فرح الناس»، وكان عاهد بعدها ألا يقدم أغنيات لأي «عهد». ظهرتْ موهبته منذ كان على مقاعد الدراسة، إذ قام في أحد الاحتفالات المدرسية بتلحين كلمات من جريدة يومية قام بغنائها، من دون أن يدرك حينها أنه سيصبح لعقودٍ «حديث الجرائد» ومحور الحدَث فيها، حتى وفاته التي أعلنت كـ «خبر عاجل».
بركات الذي تذوّق أعمال عبدالوهاب وأم كلثوم، طبع منذ نعومة أظفاره الأمسيات الثقافية والفنية التي لطالما استضافتها «كفرشيما» التي سكن فيها أيضاً حليم الرومي الذي كان أول من أعطاه جرعة دعم حين سمعه يغني ويعزف بين فصلَي مسرحية «جنفياف» التي كانت تُعرض في البلدة.
في مطلع الشباب، درس النظريات الموسيقيّة والصولفاج والغناء الشرقي والعزف على آلة العود في المعهد الوطني للموسيقى (الكونسرفاتوار)، قبل أن يلتحق بأحد البرامج المشهورة للأصوات، ومنها بالمدرسة الرحبانية بناء على نصيحة فيلمون وهبي حيث انضم إلى فرقة «الأخوين الرحباني»، ليفترق عنهما بعد 4 سنوات.
وسبق أن قال عن التعامل مع الرحابنة: «ذات يوم قال لي فيلمون وهبي بالحرف الواحد: يا ابني أنت ولد موهوب لكن مع بيت الرحابنة لن تصل إلى الشهرة، إما أن تكون مكان نصري شمس الدين أو أقلّ منه، ولن يتركوك تتفوّق عليه».
بركات عمل أيضاً مع روميو لحود، وانطبعت مسيرته التلحينيّة بأعمال لعدد كبير من الفنانين أبرزهم: وديع الصافي، صباح، سميرة توفيق، ماجدة الرومي، وليد توفيق، وغيرهم…وكانت أولى ألحانه، «بلغي كل مواعيدي» (ثنائي بينه وبين جورجيت صايغ).
لم يغب ملحم بركات عن المسرح، وأول عمل على الخشبة قام ببطولته كان مسرحية «الأميرة زمرد» مع سلوى القطريب، كما وقف أمام فيروز في مسرحية «فخر الدين»، وشارك في أكثر من مسرحية مع الشحرورة صباح «الفنون جنون» و«حلوي كتير». ولاحقاً كانت مسرحية «ومشيت بطريقي».
بركات الذي انطبعتْ صورة «الصياد» في أذهان محبيه، إذ شكّل مع إيلي شويري وفيلمون وهبي ثلاثياً معروفاً في هذا المضمار، لم تقلّ حياته الشخصية صخباً، فهو تزوّج أولاً من رندا عازار، وهي أم أولاده مجد ووعد وغنوة، ومن ثمّ من مي حريري التي أنجبت له ملحم جونيور قبل ان يطلّقها.
«ابو مجد» الذي في رصيده نحو 13 ألبوماً وأكثر من 107 أغنيات، عرف في الأعوام الأخيرة نجاحات مع الأغنية التي قدّمها لماجدة الرومي بعنوان «اعتزلت الغرام» وأخرى لكارول صقر بعنوان «يا حبيبي تصبّح فيي».
كبار عايشوه لـ «الراي»: خسارتنا كبيرة
بدت الفنانة الكبيرة سميرة توفيق في غاية التأثر بعد سماعها نبأ رحيل «ابن جيلها» ملحم بركات وقالت لـ«الراي»: «إنني حزينة لغياب الموسيقار الذي ربطتني به علاقة فنية وعائلية»، مشيرة الى أن بركات لحّن لها خمس أغنيات «وكنا نسافر معاً لإحياء حفلات في الخارج... كنا أصدقاء وتربطني علاقة مع زوجته السيدة رندة».
الموسيقار إلياس الرحباني أشار عبر «الراي» إلى أنه «صودف خلال الفترة التي قضاها ملحم بركات قبل وفاته في المستشفى أن يكون شقيق زوجتي في المستشفى عينه، وفي الطابق نفسه الذي تتواجد فيه غرفة الموسيقار الراحل، لذا كنّا إلى جانبه طوال تلك الفترة. وفي أيامه الأولى على سرير المرض كانت حالته جيدة ووجهه مرتاحاً ولم يبدُ عليه أي شيء يشير إلى الخطورة، بل كنّا نجلس إلى جانبه ونضحك معاً، ونتكلم في مواضيع عدة، وبعد أربعة أيام قالوا لي إنهم أدخلوه العناية المشدّدة، فأصررت على زيارته لأتفاجأ بأن التعب بات واضحاً على وجهه، فبدأت أقول له شد حالك ويلا قوم بقى بدنا نعمل شغل جديد، وبدنا نقدم فن حلو للناس، وبدنا نرجع نضحك ونرقص، فكان يضحك قليلاً رغم الأوجاع التي ألمت به. وبصراحة صدمت وتألمت كثيراً عندما تلقيت خبر وفاته».
وأوضح الرحباني أنه تعرّف إلى ملحم بركات في العام 1970 «وهو شخصية مرموقة وحالة خاصة لا تشبه أحداً، أكان بموهبته وصوته أو بشخصيته وكاراكتيره. وملحم شخص محبوب ومعروف في العالم العربي أجمع وكل البلدان التي تتكلّم العربية، وحقق شهرة كبيرة جداً ونجاحات لا تحصى»، مضيفاً: «أول الأعمال التي جمعتني بملحم بركات كانت مسرحية (أيام صيف) في بيت الدين، لتتوالى الأعمال الغنائية بيننا من (عشرة حدعش طنعش) و(يا حبيبي دوبني الهوا) و(لا تهزي كبوش التوتي)». وختم الرحباني مودعاً بركات بالقول: «كنتَ إنساناً مليئاً بالحيوية والنشاط والضحكة لا تفارقك، رحلتَ باكراً يا صديقي». أما الفنان غسان صليبا فقال لـ «الراي» إنه زار الموسيقار في المستشفى قبل وفاته «وجلست إلى جانبه وكان المرض بادياً على وجهه، ومن يومها حزنتُ كثيراً فهو ما زال شخصاً متوهجاً بفنه وصوته وعطائه وحضوره القوي، كما تربطني به علاقة إنسانية قديمة مبنية على الاحترام والأخوة. لذا أرى أن خسارتنا كبيرة جداً»، لافتاً إلى ان بركات قال له خلال تلك الزيارة «عندما تتحسن حالي وأخرج من المستشفى يجب أن نجلس ونتكلّم ونتعاون في أعمال فنية جديدة»، ومضيفاً: «سبق وتعاونت مع الموسيقار في أعمال غنائية عدة لحّنها لي، من بينها (يا حلوة) و(يا مجوزين) و(وحياة ولادي) و(عنيدة) و(شو هم القمر) وتلك الأعمال حققتُ من خلالها نجاحات لافتة ويمكنني القول إن شهرتي كانت من خلال ألحان ملحم بركات».
ولا ينسى صليبا المرحلة التي امتلك فيها بركات أحد النوادي المخصصة للحفلات والغناء، «فقد كان دائماً يقع خياره عليّ كي أحيي الحفلات هناك عندما تكون لديه ارتباطات في الخارج»، لافتاً إلى «أن الفن اللبناني والعربي خسر رمزاً من رموزه، خسر فناناً عظيماً لديه شخصية متميزة وغالباً ما كانت آراؤه الفنية والسياسية حديث الساعة وعلى كل لسان، وكان إنساناً صادقاً وعفوياً، وهو مالئ الدنيا بفنّه الجميل والراقي أكان عبر الألحان أو عبر الأغنيات التي قدّمها بصوته».