أكثر الأشياء أهمية هي تلك الأشياء التي لا تشعر بوجودها لكنك تشعر بغيابها، لا تشعر بوجودها على سبيل الاعتياد أو على سبيل أن وجودها مرتبط بوجودك فلا تتخيل الحياة دونها أصلا لدرجة تشعر انها أنت أو أنك هي ولا تتوقع غيابها حتى تغيب، هذه الأشياء قد تأتي على هيئة أشخاص أو على هيئة نمط حياة أحياناً أو على شكل قيم مثل: ديموقراطية الكويت.
لا ينكر أحد البعد التاريخي والجغرافي للديموقراطية الكويتية حتى باتت كالكويت وجود دائم مهما كانت أشكالها وأشخاصها،وجود عابر وعابر سريع كذلك كسرعة انتهاء دور انعقاد مجلس الأمة ما لم يسبق النهاية حل يمثل حلا فبعد انتهاء عصر الحل غير الدستوري اعتاد الكويتيون على حل بعد حل حتى صار الحل في الحل وهو كذلك فعندما يخطئ من أخطأ في الممارسة الديموقراطية فليس من الممكن تصويب الخطأ إلا بمزيد من الديموقراطية على طريقة وداوها بالتي كانت هي الداء.
لم تعد الديموقراطية تقبل الديموقراطية فهي الأصل الثابت وكل المتغيرات حولها ظروف استثنائية لكن الاستثناء خلق قاعدة من عدم الاهتمام حتى بتنا لا نتذكر وجود المجالس النيابية إلا عند التلويح بحلها وننسى السبب والنتيجة كذلك.
في عصور سابقة كان الكويتيون يسهرون حتى الصباح لمتابعة استجواب، ويزدحمون لدى مبنى مجلس الأمة ويعودون من سفرهم للتصويت، واليوم من كثرة الاستجوابات انشغلنا عنها لدرجة أنها ما عادت تشغلنا، وما عاد المواطن يعرف طريق المجلس، بل إنه فاته أن يتابع بث جلساته تلفزيونيا، ولو نمى إلى سمعه حكاية تمسه هنا وهناك فسيذهب ليبحث عنها في مختصرات وسائل التواصل الاجتماعي التي اختلط فيها المزح بالجد، ولو مُنح إجازة رسمية للمشاركة بالتصويت، لترك التصويت وراح يركض نحو أقرب مطار ليسافر إلى بلاد قد لا تعرف الديموقراطية ومع ذلك لا يقبل الاقتداء بها مهما قارن نفسه بها
والحل؟
منذ صار الحل الدستوري بديلاً للحلول غير الدستورية التي شكلت أسوأ علاقة ممكنة مع السلطة، والحل الدستوري هو الحل الدائم فالناس هنا يختلفون في التطبيق لكنهم يتفقون على المبدأ.
يكفر الناس بالممارسات الديموقراطية ويؤمنون بالديموقراطية ولو رفضوها.
فهل من حل؟
reemalmee@