يوم المعلم العالمي ... صائغ أم حداد؟!

تصغير
تكبير
‏يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر من كل عام- وافق أمس- باليوم العالمي للمعلم، والذي حددته منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، وذلك للإشادة بدور المعلم ومكانته في المجتمع. ويمر هذا اليوم بأفضل حالاته بفعاليات شكلية، تتضمن أناشيد، وتوزيع الورود، وبعض الخطب العصماء، لينتهي هذا اليوم من دون أثر جوهري يبقى في نفوس المعلمين وغيرهم من أفراد المجتمع، تعزيزا لدور المعلم ومكانته الحقيقية.

في يوم المعلم العالمي ندّعي بأن المعلم في الكويت مكرمٌ ومقدرٌ من قبل المجتمع، ولكنه في الحقيقة يهاجم على مدار العام الدراسي، ويُحمّل وزر تردي الأوضاع التعليمية دائما. عزيزي المسؤول... المعلم لا يحتاج أنشودة أو وردة تهدى له في يوم محدد، وفي احتفاليات شكلية لا مضمون لها، من المؤسف أنه هو مَنْ يتحمل أعباء التكاليف والتنظيم والإعداد ليحتفي بنفسه! وذلك لتخدر ضميرك ولترفع عنك ثقل تقصيرك تجاهه على مدار العام الدراسي.

عزيزي المسؤول ما يحتاجه المعلم هو التكريم الفعلي المتمثل بتوفير سبل تعزيزية لرفع قدراته وإمكانياته، لا تحميله أعباء لا علاقة له بها، و إدخاله في دوامة العمل الروتيني، وتحميله وزر التخبط في النظام التربوي، الذي يقتل التميز والإبداع وسبل التطوير لديه.

رسالة للمعلم/‏ المعلمة... إنك لا تحتاج ليوم لتكريمك وتقدير مكانتك، فأنت مكرمٌ من الله عز وجل بتولي أشرف مهنة ورسالة تولاها قبلك أشرف البشر، الرسل والأنبياء معلمي البشرية عليهم أفضل الصلاة والسلام، ولنا في المصطفى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قدوةٌ حسنة فهو المربي الأول والمعلم الملهم الذي غير تاريخ البشرية.

عزيزي المعلم/‏ المعلمة، لنجعل لهذا اليوم العالمي أثرا فعليا في الميدان، ليكن يوما للتقييم الذاتي، لا أعني بذلك جلد الذات، إنما المحاسبة البناءة، والتي تنبع من أهمية مكانتك ودورك، فأنت عصب المنظومة التعليمية وعمودها الفقري، فشلك في القيام بدورك وإتمام رسالتك يعني ببساطة انهيارا للنظام والمجتمع. إن كنت تبحث عن تكريمٍ أو تقدير فلا أروع أن ترى ثمار جهدك طوال العام في أبنائك التلاميذ.

معلمي الفاضل عليك طرح هذا السؤال البسيط، هل أنت معلم صائغ أم معلم حداد؟

معلم صائغ يرى تلاميذه في القاعات الدراسية كالجواهر والألماس التي تبحث عن صائغ يصقلها ويلمعها بكل صبر ومهارة، ليُظهر أجمل ما فيها، فتزداد بريقاً ولمعاناً يخطف الأبصار، لتزهر طاقاتهم الكامنة ومواهبهم الإبداعية في أروقة المدارس، تمهد لهم سُبل المعرفة واكتساب المهارات، وتخلق لهم بيئة مدرسية جاذبة، تتشكل فيها أجمل الذكريات ليحتفي بهم الوطن ويزدهر. أم تقمصت دور الحداد وامتهنت الحدادة، فشحذت همتك لتضرب بمطرقة التثبيط والإهمال والتهميش، ورأيت في تلاميذك معادن رخيصة تحتاج إلى التطويع بمطرقة التلقين وصهر شخصياتهم واغتيال التميز لديهم، ليخرج جيل مستهلك للعلم، غير منتج، حُبس في صندوق أسود، فانزوت إمكانياتهم ومواهبهم ومعالم هويتهم في دهاليز التدريس التقليدي.

أخيرا عزيزي المعلم/‏ المعلمة، أحسن صوغ تلك الجواهر الثمينة والعناية بها، فهي أعظم تكريمٍ لك، وكل عام وأنت أكثر ابداعا وتميزا وتطورا، أنت كما قال مصطفى صادق الرافعي: «المُعَلِّمُ ثَالِثُ الأَبَوَيْنِ، فَلْيَنْظُرْ كيفَ يأبُوْ، حِينَ يَنظُرُ كَيفَ يُعَلِّمُ».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي