خواطر صعلوك

الكاهن... والخاطئة!

تصغير
تكبير
لا أدري هل يصح لكاتب مثلي يرتدي قبعة توفيق الحكيم أن يكتب مقالاً بطريقة شعبان عبدالرحيم لكي يخاطب السفارة الأميركية في الكويت أم أن ذلك سيعتبر إهانة للمقال الصحافي أو إهانة للسفارة!!

في الواقع لست مهتماً بالإجابة كما أنك عزيزي القارئ لست مهتما بالسؤال أصلاً.


لذلك أرجوك أعطني حريتي واطلق يداي و خذ نفساً عميقا معي لكي نقف عند خبر ورد في جريدة «الراي» الغراء التي يتمتع بها القراء،يقول إن الهاتف النقال تسبب في اعتقال 24 كويتياً بسبب احتوائه على (صور مخلة بالآداب) وصور وفيديوهات تهدد الأمن القومي.

وسيكون الخبر منطقيا إذا ما كانت الدولة التي اعتقلت الكويتيين هي كوريا الشمالية مثلا على اعتبار أن الدعاية الأميركية جعلت منها مفتش نوايا، ولكن أن يكون هذا الاعتقال قد وقع في أميركا، فهذا ما لا يمكن أن يتصوره عقل بشر على امتداد البصر ليكون عبرة لمن لا يعتبر.

فالدولة الأولى المصدرة للأفلام الإباحية وأفلام «البورنو» في العالم تعتقل من يحملون إنتاجها! عجيب يا سفارة!

تماماً مثلما هي الدولة الأولى المصدرة للسلاح وفي الوقت نفسه تضع الآخرين في قائمة الإرهاب لأنهم يحملون في هواتفهم المشاهد التي صنعتها أفلام هوليوود في الاستديو لتطبقها الميلشيات في الوطن العربي... غريب يا سفارة!

وقبل أن تتحول إلى قارئ يلعب خط هجوم للسفارة كعادة أي مثقف عربي عنده شقة في العمارة قائلاً (إن من حقهم أن يعترضوا أي أحد يخالف قانون الولاية، حتى لو كانت هناك ولايات أخرى داخل أميركا تسمح بذلك، وأن لكل ولاية خصوصيتها وقوانينها)، فاسمح لي أن ألعب دور حكم الراية لأرفع راية التسلل قائلاً لك (إذا كانت أميركا لا تملك رؤية موحدة لقوانينها وتصنيفات الخطر عليها حيث السماح لولايات أن تعتقل البعض لأسباب قد تكون غير مبررة في ولايات أخرى، فلماذا إذاً تدعي أميركا أنها تمتلك رؤية أخلاقية موحدة للعالم رغم أنها لم تلملم أجزاءها المبعثرة داخليا). ولماذا يخرج علينا فرنسيس فوكوياما بمقال مليء برائحة الغائط لكي يقول لنا إننا كدول عالم ثالث متخلفون ونحتاج من يعلمنا كيف نأقلم دولنا عند التاريخ الذي انتهى عند الليبرالية الأميركية.

فلا يعقل أن يكون التاريخ عندنا هنا قد انتهى بمقالة فوكوياما التي نشرها في صيف 1989 في مجلة ناشيونال إنترست بعنوان (نهاية التاريخ) ولنكتشف أن التاريخ لم ينتهِ هناك بل مازال قائما حيث لم يحزموا قناعاتهم بعد كولايات مجتمعة في مكان جغرافي واحد، ورغم ذلك يصدرون لنا قناعات معلبة عبر القارات.

والآن عزيزي القارئ اسند ظهرك على أقرب كرسي وولِ وجهك تجاه السفارة، وقل لهم بالله عليك كيف تكون الدولة التي تصدر تمثال الحرية وفلسفة الليبرالية والفردية والخصوصية من المحيط الأطلسي إلى المحيط الهندي هي الدولة ذاتها التي تفتش هواتف الآخرين الزائرين لها، في خطوة غريبة إذا فعلتها أي دولة مثل السعودية أو مصر أو تركيا لقامت قيامة الدنيا على قدم وساق من دون أن تقعد حتى لو كانت المبررات هي نفسها (لحماية الأمن القومي).

وهنا سنكتشف أن جميع (الأمنيات القومية) مستباحة عدا الأمن القومي الأميركي والذي هو شبيه (بالهيولي) في الفلسفة الإغريقية والذي تخبط في تعريفه الفلاسفة كما يتخبط الساسة اليوم في تعريف وتحديد أطر الأمن القومي.

فكم أنت ناكر للجميل يا عم سام... إنها عادتك ولن تشتريها، فرغم أن أعداد الكويتيين تزداد عاماً بعد عام لزيارتكم حتى بلغت 75 ألف مسافر في السنة في الوقت الذي يكرهكم فيه العالمين، إلا أن ذلك لم يشفع لنا عندكم.

ورغم أن مطاركم هو أكبر مطار (مفتوح) في العالم حيث يدخل ويخرج منه إرهابيو العالم وتجار مخدراتها وأكبر تجار غسيل الأموال في المعمورة والخاربة منها، إلا أنكم بكل بلطف تهددون الآخرين متهمين إياهم بأن مطارهم يحتاج إلى تشديد أمني من أجل صفقة لم تحصلوا عليها من ضمن عشرات الصفقات التي حصلتم عليها من قبل!

فأرجوك يا خواجة يا من تعمل في السفارة بلغ الخواجة الكبير الذي أرسلك أنه لا داعي أن تلعبوا معنا دور الكاهن وتجعلوا من شبابنا يلعبون دور الخاطئة لأنه فيلم سخيف وانتهى زمنه، حتى أن السبكي شخصياً لم يعد ينتج هذا النوع من الأفلام في السينما التجارية.

كاتب كويتي

@moh1alatwan.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي