نجح في رفع احتياطاته بنحو 7 مليارات دولار

«المركزي» اللبناني يدشّن خطته الجديدة: نمو كبير لأرباح المصارف على المدى القريب

تصغير
تكبير
رياض سلامة - تراجع أسعار النفط خفض السيولة في الدول العربية

- تداعيات مرتقبة على مستوى النمو عالمياً مع خروج بريطانيا من «اليورو»

- المؤسسات العالمية نصحت العملاء بالاستثمار بسندات «اليورو بوند» في لبنان

- التعاون بين البنوك العربية و»المراسلة» يؤدي إلى تقليص المخاطر وحماية النظامين المالي والمصرفي
جذبت عملية الهندسة المالية التي نفذها لبنان أخيراً، اهتمامات محافظي البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية، في ضوء ما تعانيه غالبية الأسواق العربية وبما فيها النفطية، من انكماشٍ في السيولة، وعجز في الموازنات العامة، وتراجعات مقلقة في احتياطات العملات الصعبة.

ففي مداخلة له خلال الدورة الأربعين لمجلس محافظي المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية، التي استضافتها المغرب، عرض حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، آخر التطورات الاقتصادية والمالية الإقليمية والدولية وتداعياتها على الدول العربية، لجهة المتغيرات التي شهدها العالم والمنطقة في عام 2016، والتي أتت في غالبيتها سلبية، ومن أهمّها تراجع النشاط الاقتصادي الذي كان غير متوقع في الولايات المتحدة وأوروبا.


ولفت إلى التراجع الحاد في أسعار النفط والمواد الأولية، ما خفف من السيولة في الدول العربية وأفريقيا، بالإضافة إلى أبرز التحديات التي تواجه العالم، وأبرزها قرار بريطانيا الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وعدم وضوح ما قد يتأتي عن ذلك من تداعيات على مستويات النمو وأسواق المال وأسعار الصرف العالمية.

السياسة الجديدة

سلط سلامة (المصنَّف حديثاً من بين أفضل حكام البنوك المركزية في العالم)، الضوء على تجربة لبنان في مواجهة هذه التحديات، مشيراً إلى الهندسة المالية الأخيرة التي قام بها البنك المركزي، والتي ساهمت في تعزيز احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية وبلوغها رقماً قياسياً، إضافة إلى تدعيم ميزانيات المصارف وتوفير السيولة اللازمة لتمويل الاقتصاد اللبناني بقطاعيْه الخاص والعام.

وأضاف أنه على المستوى العملي، فقد أنتجت هذه العملية زيادة نوعية في مستوى احتياطات البنك المركزي من العملات الصعبة، وبمقدار قارب 7 مليارات دولار.

وأفاد أنه تم ضخ هذه المبالغ من خلال عمليّة استبدال سندات خزينة بالعملة اللبنانيّة، وسندات دين حكوميّة بالدولار الأميركي، بين مصرف لبنان ووزارة المال اللبنانيّة، في موازاة عمليات اكتتاب مصرفية بشهادات ايداع أصدرها البنك المركزي، ومحفزة أيضاً بحسم سندات خزينة بالليرة اللبنانية، مع توزيع مناصف للعوائد المحددة.

وذكر سلامة أنه وفق تعريف الأسواق، فإن الهندسة المنجزة قامت على مبدأ المبادلة (SWAP)، وهي أداة مالية معتمدة في الأسواق الدولية، مبيناً أن ما حصل في حسم شرائح من سندات الخزينة بالليرة، محمولة من المصارف لاستحقاقات تصل إلى 10 و 12 سنة.

وأشار إلى أن هذا الأمر يعني عملياً زيادة في الأرباح العاجلة، يقابله نقصان في الأرباح الآجلة، خصوصاً إذا لم تطرأ حاجات مالية إضافية في خزينة الدولة.

ووفق تأكيدات البنك المركزي، فقد نجحت هذه الخطة من دون أي تكلفة، إذا لم يرفع مصرف لبنان الفوائد، ولم يحمّل أي جهة أي أعباء من جراء هذه الهندسة.

وأظهرت ميزانية مصرف لبنان المركزي نهاية الشهر الماضي، ارتفاعاً قياسياً في حجم موجوداته بالعملات الأجنبية، بحيث بلغت الاحتياطات 40.7 مليار دولار، من دون احتساب احتياط الذهب، مقابل نحو 36.9 مليار دولار منتصف أغسطس نفسه، ونحو 33.2 مليار دولار في نهاية النصف الأول من العام.

دعم ميزانية المصارف

في موازاة النتائج الرقمية ذات الأهمية القصوى، في دعم الاستقرار النقدي والمالي، في ظل أوضاع شائكة داخلياً جراء الفراغات المتمددة في المؤسسات التنفيذية والشلل التشريعي، فقد مكّنت العملية الجهاز المصرفي من تدعيم ميزانياته وأمواله الخاصة، ما يعزز كفاءته في واجبه، والتزام تحديات مهنية تتعلق بكفاية الرساميل وفق متطلبات «بازل 3»، بحيث يصل متوسط الملاءة حالياً إلى نحو 15 في المئة، ويفوق المعدلات الدولية المطلوبة.

وتم تعزيز قدرات المصارف في مواكبة التزام المعايير المحاسبية الدولية، وبالأخص المعيار المحاسبي الجديد «IFRS 9».

كما ساهمتْ شروط المشاركة في تحفيز المصارف، على استقطاب ودائع وتحويلات خارجية من قبل لبنانيين عاملين في الخارج أو مغتربين، ومستثمرين غالبيتهم من الأسواق العربية، والذين جذبتهم عوائد مجزية مقارنةً بالعوائد المتدنية خارجياً، وباضطرابات البورصات وأسواق الأسهم، فضلاً عن ترقُّب مبادرات مصرفية لتصريف فوائض السيولة بالليرة في برامج تمويلية مشجعة، ما يؤثر في تحريك النشاط الاقتصادي الواقع تحت تأثير الركود المتمادي منذ العام 2011.

واتخذ المجلس المركزي في مصرف لبنان قراراً، بتخصيص الأموال التي دخلت إلى المصارف لتلبية حاجات المعيار المحاسبي الجديد «IFRS 9».

وسيبحث المجلس المركزي بالتنسيق مع لجنة الرقابة على المصارف، إمكان تكوين ما بين 1 و2 في المئة، كمؤونة عامة على المحفظة الائتمانية في القطاع المصرفي بالليرة اللبنانية، وتبعاً لحاجة المصرف.

أمل في ما يتعلق بما تبقى من المداخيل المتأتية من هذه الهندسة، فسيبحث المجلس المركزي مع لجنة الرقابة على المصارف، وجمعية المصارف، في آلية يتم بموجبها تحرير المبالغ الفائضة من الأرباح، شرط أن تكون هذه المبالغ تساوي تسليفات جديدة، تمنحها المصارف بالليرة اللبنانية إلى القطاع الخاص.

وأشار بيان صادر للبنك المركزي، إلى أن توافر السيولة بالليرة اللبنانية، أدى إلى خفض الفائدة على العملة اللبنانية، ما يسمح للخزانة اللبنانية بالاستدانة تبعاً لحاجاتها، بفوائد أقلّ مما كانت عليه قبل هذه الهندسة. ومن نتائج هذه الهندسة أيضاً أن البيوت المالية العالمية قد نصحت زبائنها، بالاستثمار بسندات «اليورو بوند»، المصدّرة من الجمهورية اللبنانية بالدولار الأميركي، ما أدى أيضاً إلى انخفاض الفوائد على «اليورو بوند» في الأسواق الثانوية.

التعاون مع البنوك

تناولت المداخلة الثانية التي قدّمها سلامة في اجتماع المحافظين، موضوع تداعيات إجراءات البنوك المراسلة العالمية على القطاع المصرفي في الدول العربية، إذ شدّد على ضرورة تطبيق المعايير الدولية، وإصدار الأنظمة المطلوبة لمكافحة تبييض الأموال، وتمويل الإرهاب في المنطقة، وهذا ما حصل في لبنان، بحيث حرص البنك المركزي من خلال سلسلة من التعاميم، على تطوير الهيكلية اللازمة للمحافظة على سلامة القطاع المصرفي، وحمايته من مخاطر السمعة وتعزيز الثقة به من قبل المصارف المراسلة.

وأشار سلامة إلى ضرورة تكثيف التعاون والتواصل من جميع المصارف في المنطقة، مع دوائر الامتثال لدى البنوك المراسلة، لما لذلك من دور في الحد من سياسات تقليص المخاطر «De-Risking»، وحماية النظام المالي والمصرفي في الدول العربية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي