المسرحية افتتحت مهرجان «ليالي كوميدية»

«صدى الصمت»... نضيعُ عندما تغيب لغة التفاهم

u0633u0645u0627u062d u0648u0641u064au0635u0644 u0627u0644u0639u0645u064au0631u064a u0641u064a u0645u0634u0647u062f u0645u0646 u0627u0644u0639u0631u0636   (u062au0635u0648u064au0631 u0633u0639u062f u0647u0646u062fu0627u0648u064a)
سماح وفيصل العميري في مشهد من العرض (تصوير سعد هنداوي)
تصغير
تكبير
«نضيعُ... عندما تغيب لغة التفاهم»!

هذه الفكرة التي سيطرت على حضور افتتاح مهرجان «ليالي مسرحية كوميدية» على خشبة مسرح الدسمة، الذي ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، والذي انطلقت دورته الأولى مساء الأمس الأول، حيث ران «صدى الصمت» على الحضور. وبحضور الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب المهندس علي اليوحا إلى جانب كمّ من الفنانين والجمهور، تماهى الجميع مع عرض «صدى الصمت» الذي قدمته فرقة المسرح الكويتي عن نص للكاتب العراقي الراحل قاسم مطرود، تولى معالجته المخرج فيصل العميري، الذي تشارك بطولته أيضا مع الفنانين سماح وعبدالله التركماني وعلي الحسيني، والسينوغرافيا فيصل العبيد، والأزياء هبة الصانع، وبإشراف عام للفنان أحمد السلمان.

واستطاع «صدى الصمت»، هذا العمل المسرحي الذي سبق له أن قدّم أكثر من مرّة في فعاليات مسرحية داخل وخارج الكويت محققاً العديد من الجوائز، مجدداً إمتاع حضور «الدسمة» قصّة ومضموناً وأداءً وإشراكه في اللعبة المسرحية، حيث سلّطت المسرحية الضوء على إحدى الحروب - دون تحديد موقع النزاع رغم أن كاتب النص كان يرمز إلى الحرب العراقية الإيرانية - التي دارت بين البلدين، وتلك المعاناة من أعمال القتل والعنف والتعذيب التي أدّت إلى هرب الناجين.

وصاغ المخرج فيصل العميري القصة لتدور وفق قالب المعاناة من الحرب وفقدان الأبناء ومعاناة الأمهات النفسية أثناء الحرب، والاغتراب عن الوطن، في إطار من الكوميديا السوداء. وتمكن المخرج فيصل العميري، الذي وصف عمله بقوله «لم يرهقني البكاء يوماً وإنما الضحك هو ما يخيفني، إن لم أبالغ فنحن نملك في صمتنا بلاغة عظيمة تعكس انكسارنا الداخلي الذي تصدّأ، ومرآة الابتسامة ما هي إلا سراب يروي صدى الصمت»، من خلال ممثليه من إيصال رؤيته الإخراجية ببساطة دون بهرجة بالصورة التي أرادها متنقلاً بين عدد من المدارس المسرحية بكل سلاسة.

بداية «صدى الصمت» تكون بين يدي ذلك «الدراماتوج» القابع خلف مكتبه في زاوية المسرح، وأمامه حفنة من الأوراق والآلة الطابعة التي من خلالها يباشر في بناء أحداث المسرحية ويسيّرها ويشكّلها كما يشاء فارضاً على الممثلين -الجار والجارة- هذا الديكور وتلك الإضاءة، وفي نفس الوقت متحكماً في استمرار الحدث وتوقفه كأنما يشاهد تلفازاً أو فيلماً، ويقوم بذلك كلّه أمام الجمهور الذي جعله أحد اللاعبين الأساسيين معه، من ثم نشهد دخول بقية الشخصيات، حيث نرى رجلاً يطرق باب امرأة بعد أن سمع صراخ رجل مقعد على كرسي طبي، فتفتح له الباب وتدعوه إلى الدخول بالإشارة والكلام، فيدخل لتبدأ الأحداث بالتصاعد. والجميل في العرض بصورة عامة كانت تلك اللمسة الاخراجية التي قام بها العميري في هذا المشهد، وهو استغناؤه عن المؤثرات الصوتية المسجلة، حيث جعل من ذلك «الدراماتوج» المصدر الأساسي للمؤثرات الحية التي يحتاجها ما أضفت نكهة خاصة على العمل ككل.

العمل المسرحي ارتكز على شخصية «الجار» التي جسدها العميري، وشخصية «الجارة» التي جسدتها الفنانة سماح، وشخصية الرجل العاجز بعد اغترابه عن بلده التي جسدها الفنان علي الحسيني، وشخصية «الدراماتوج» الذي أصبح فيما بعد مخرجاً وديكتاتورياً أيضاً جسدها الفنان عبدالله التركماني. حيث يلتقي كلا الجارين مع بعضهما بمحض الصدفة في منطقة محايدة بعيدة كل البعد عن بلدهما، حيث يصادف أن ابن كل واحد منهما قد تمّ قتله على يد جيش البلد الآخر، وهنا يبدأ الحدث الدرامي بينهما في محاولة للتواصل رغم أنهما لا يتحدثان اللغة نفسها، فترى الجار يتحدث في موضوع والجارة تفهم شيئاً آخر والعكس صحيح، ويستمر هذا الأمر بينهما على الرغم من أن كليهما بات على علم بمأساة الآخر والسبب بها، فيعيشان إلى اللحظة الأخيرة من حياتهما دون أن يتمكنا من التفاهم بلغة يعرفها الطرفان. وجاء الأداء التمثيلي للفنانين متقناً ومتجانساً ومتناغماً لأبعد الحدود، وبغض النظر عن نجومية كل واحد منهم، إلاّ أن السبب الأهم في ذلك النجاح هو تقديمهم للعرض ذاته أكثر من مرّة، وهو الأمر الذي جعل كل ممثل منهم يتشبّع ويتقمّص شخصيته بالصورة الصحيحة، أما السينوغرافيا فقد كانت متلائمة مع الحالة المسرحية ككل فأدّت الغرض منها بالصورة المطلوبة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي