موسكو تريد ضبْط «تدخّل» إسرائيل وتهدّدها بالـ «إس 300»

معركة «قادسية الجنوب» موجّهة ضد سورية... ولبنان

تصغير
تكبير
«البنتاغون» يرفض التعاون مع موسكو لأنه لا يؤمن بالحلول الديبلوماسية

لافروف يستفزّ كيري بدفعه لإعلان تفاصيل الاتفاق الذي ترفض أميركا كشْف كامل محتوياته
«يتلخّص هدف العمليات العسكرية التي تقوم بها مجموعات مسلّحة معارِضة وجهادية في الجنوب السوري وعلى طول خط الجولان بهدفيْن: إنشاء حزام آمن للمنطقة المحتلة في الجنوب، وربْط الخط الممتدّ على الحدود بـ بيت جنّ ليتسنى مهاجمة «حزب الله» وإشغاله في منطقة شبعا والعرقوب بعد الاحتكاك الجغرافي بالأراضي اللبنانية».

هذا ما قاله لـ «الراي» أحد صنّاع القرار الموجودين على المنطقة الحدودية السورية - الاسرائيلية.

في الاسبوع الفائت، قامت مجموعة من «بيت المقدس» و«القاعدة» (جبهة فتح الشام) و«أحرار الشام» و«لواء العز» وألوية «سيف الشام» وغيرهم بالهجوم على موقع للجيش السوري في مزارع الأمل وطرنجة وسرايا حضر وتل قرين وناسج وتل الحميرية لطرد الجيش من آخر نقاط له ملاصِقة للجولان المحتل بعدما كان المسلحون أكملوا السيطرة - في الأعوام الماضية - على اكثر من 120 قرية سورية على طول 87 كيلومتراً المتاخمة للجولان بعرْض يتفاوت بدءاً من مئات الأمتار الى 9 كيلومترات في بعض المواقع. واستطاع هؤلاء السيطرة على تل الحميرية، الا ان دمشق وحلفاءها ارسلوا تعزيزات كانت كافية لصدّ الهجوم وإفشاله (ما عدا سيطرة المسلحين على التل المذكور) وقتل أكثر من 180 مسلحاً وإعطاب العشرات من الآليات لمنْع أهدافه.

ويقول قائد ميداني في منطقة الجولان لـ «الراي» ان «اسرائيل تدفع المجموعات لاحتلال منطقة الحضر والوصول الى بيت جن للاحتكاك بحزب الله اللبناني وإكمال الحزام الأمني. وبهذا تكون اسرائيل أصابت عصفورين بحجر واحد بالالتفاف على حزب الله وإشغاله في مناطق شبعا والتواصل مع الأراضي اللبنانية. وفي بيت جن الواقعة تحت سيطرة المسلحين، هناك المئات من المسلحين الذين يستخدمون الحمير لنقل الأشخاص والعتاد والمؤونة والذخيرة باتصالهم بالجولان المحتلّ لعدم وجود طرق معبدة تسمح للآليات بالعبور الى داخل الاراضي التي تحتلها اسرائيل. وهذا التواصل يتمّ بشكل متقطع مرصود من القوات الموجودة على التخوم والتي تعمل على منع خروج المسلحين للاتصال ببيئة حاضنة داخل شبعا والعرقوب حيث يتواجد عشرات الآلاف من النازحين السوريين في مخيمات داخل الأراضي اللبنانية والذين يستطيعون تشكيل خطر حقيقي على لبنان، ولاسيما لتواجُد خلايا نائمة من اللبنانيين المسلحين في المنطقة والذين ينتظرون الفرصة المواتية للانقضاض على المناطق اللبنانية في تلك البقعة».

ويقول المصدر القيادي ان «الهجوم - اي (قادسية الجنوب) - كان يهدف لسيطرة المسلحين بما يسمح بتواجد حاجز بشري كبير غير معاد لاسرائيل، لكنه يمنع تواجد عمليات مسلّحة ضدها او التحضير الميداني في تلك المنطقة لانشاء قوة عسكرية على غرار «حزب الله» لاستعادة الأراضي المحتلة. الا ان الأوان قد فات. فهناك فصيل وطني كبير يعمل مثل «السرايا الوطنية» وساهم مباشرة بوقف الهجوم. وهذه السرايا مؤلفة من فصائل خضعت للتدريب المكثف منذ فترة طويلة. ووضعت آليات عمل وأولويات وهناك مسؤولو قطاعات ومسؤولو مناطق تعمل مع الجيش السوري لتحريك هذه الجبهة، في الوقت المناسب، لما لها من أهمية في العقل الاسرائيلي التوسعي».

وعن إطلاق سورية لصواريخ «اس 200 - اس آي 5» ضد الطائرات الاسرائيلية للمرة الاولى منذ 1973، أكد المصدر: «انها رسالة روسية - سورية مزدوجة. لقد حذّرت روسيا اسرائيل من التوغل واللعب كثيراً في وجه النظام السوري لان وقف الحرب في سورية يعنيها مباشرة. والرسالة تقول ان نظام (اس 200) أُطلق كطلقات تحذيرية. واذا لم تكن هذه الطلقات كافية فالمرحلة المقبلة ستقدم الـ (اس 300). ولهذا فان لاسرائيل خيارين: إما الوقوف على الحياد والتوقف عن الاستفزاز ودعم المسلحين المباشر، واما التدخل بالملف السوري وعندها ستطوّر روسيا قدرات سورية وترمّم دفاعاتها الجوية والصاروخية ما سيهدد التفوق العسكري الاسرائيلي في المنطقة. فاسرائيل تريد ان يتناسى العالم الجولان لتفاوض على الحزام الآمن والشريط الذي تبنيه من مسلحين معادين لدمشق. ولاسرائيل مصلحة - كما اعلنت هي بنفسها على لسان مسؤوليها - في ان تبقى الحرب مستعرة في سورية وتبقى ايران وحلفاؤها وحزب الله وروسيا غارقين في وحول بلاد الشام لأطول مدة ممكنة. الا ان اسرائيل غفلت عن تصميم روسيا بعدم الفشل ومنع اي دولة او تنظيم بأن يقسم سورية او ينهي النظام او يظهر عدم قدرتها على إنتاج وضع ينهي الحرب هناك. فروسيا ابلغت اميركا ان سورية أصبحت جزءاً من امنها القومي ولن تفرط به. وهذا ما لم تستوعبه اسرائيل بعد».

لكن حسابات روسيا تصطدم بخيارات قليلة أمامها في الساحة السورية، خصوصاً بمفاوضاتها مع اميركا. ففرض وقف النار يصبّ ضدّ مصلحة اسرائيل التي أرادت للمسلحين السيطرة على الحضر ومن بعدها الالتزام بوقف النار، وهذا ما لم تستطع تحقيقه. اما الإدارة الأميركية فقد دخلت في صراع مع «البنتاغون» الرافض للتعاون مع روسيا لانه (البنتاغون) يمثّل قوة اميركا العسكرية ولا يؤمن بالحلول الديبلوماسية وترك الساحة السورية للروس.

وظهر خلل باتفاق وقف النار الذي اتفقت بموجبه اميركا وروسيا على بنود ظلت غالبيتها غير معلنة. ويستفزّ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الاميركي جون كيري بدفعه لإعلان تفاصيل الاتفاق الذي ترفض اميركا كشْف كامل محتوياته. وتعتقد موسكو ان واشنطن لن تجرؤ على اعلان التفاصيل لان ذلك سيستفز حلفاءها في الشرق الاوسط ولانها تحاول التنصل منه اذا فشل. وتجلى موقف المعارضة السورية والجهاديين الذين يرفضون الاتفاق.

ومما لا شك فيه ان لغة السلاح ستعود الى الصدارة في سورية وان الحرب المستمرة تخدم مصالح دول عدة تدفع بلاد الشام من جديد الى نفق مظلم.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي