عجيب أمر إخوتنا الكرام عندما يجلسون لمناقشة وضع ما، سواء بوضع «رِجل على رِجل»، وهي جلسة تعني أن صاحبها في وضع «أريحي»، أو رجليه بالتوازي ممتدة إلى الأرض في وضع رسمي!
في الغالب تأتي ساعة الجلوس الحاسمة بعد ما «تشرب مروقها» بحثاً عن قرارات ردود الأفعال، حيث لا معايير ولا مرجعية لأسس محددة للتقييم والعلاج.
يريدون أن ترتفع الأسعار بلا أي مبرر. يريدون خفض المصروفات وتعزيز الميزانية بعيداً عن الجوانب المراد البحث فيها حسب التقارير المالية وتحديدا في ما يتعلق بالمردود الاستثماري.
يجلسون، وتجد من جلس الجلسة «الاسترخائية»، في حالة أعلم إنها سبب تدني طريقة معالجتنا للقضايا العالقة? يسخر من فكر مجموعة ويقلل من شأن مجموعة آخرى.
الله أكبر.... كيف نسخر من بعضنا البعض ونقلل من شأن البعض الآخر؟
لا تسخر من الذي يذكره الناس بسوء بأن تقول عنه، هذا «موضع شبهة» لعلاقته بفلان أو تلك المجموعة. فالرسول صلى الله عليه وسلم، قيل عنه ساحر ومجنون، ولكنه كان عند الله حبيباً.
لا تسخر أبدا أو تنقص من قدر أحد. فلا ينقص من الناس إلا ناقص واجعل طبعك «حسن الظن بالآخرين»!
طبعا لا أعني الحكومة أو المجلس... بل أقصد البعض من فئات مجتمعنا، بمن فيهم ممثلو الأمة ومسؤولو الحكومة وأعتقد أن «الهاشتاقات» في مواقع التواصل الاجتماعي مؤشر من ضمن المؤشرات الأخرى.
المعيار مع صفوة الخلق محمد صلى الله عليه وسلم، هو القرآن، والحكم رب عادل يعلم بما تكنه السرائر. فقد كان خلقه القرآن الكريم، والظلم لا يدوم وقد تتحق في ليلة ما دعوة مظلوم تعود علينا بحال من البؤس والتيه!
أما نحن، فمن المفروض أن تكون طريقة تقييمنا مبنية على حوكمة ثابتة وقيم معلومة وأطر مقارنة ثابتة واضحة المعالم. أما من يحاول إقصاء العقلاء الحكماء لأنه فقط مقتنع برأيه ويجلس بكل أريحية ولا يعير المعايير أدنى أهمية، وبالتالي تستمر كل «وصفات» العلاج الخاطئة ويبقى الجسد الوطني اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، مريضاً يبحث عن العلاج الشافي.
لماذا لا ننظر ولو ساعة واحدة فقط عبر نافذة العقل وننزل إلى الشارع لنفهم الوضع على حقيقته. فمن نختلف معه سياسيا قد يكون هو الأصلح لإدارة شؤوننا وإن كان البعض «ما يحبه»، فنحن نتحدث عن مستقبل دولة.
ولماذا البقية من أحبتنا ممن يريدون زجنا في ممارسات معبرة عن رفضهم للتيه الذي نعيشه من مسيرات وخلافه وضرب من تحت الطاولة وسب وقذف سواء بشكل مباشر أو عبر «وسطاء»؟
لماذا لا نفهم الحاجة الملحة للتقييم؟
لماذا لا ندرك الهفوات المتكررة من مسؤولين قصروا في أداء واجباتهم ولم يجدوا من يوقفهم عن العبث بالنسيج الاجتماعي في حقبة زمنية في غاية الحساسية؟
البعض غير ملام في إبداء شعوره الغاضب من أوجه الفساد المتفشية بشكل مخيف... فهو يبحث عن الصالح؟
والبعض لا يجب أن نسخر منه أو نقلل من شأنه إن حاول وضع الحلول. فكم من حل قد يأتيك من «أمي» لا يحمل شهادة عليا ولا يعرف «الدرب» الموصل للكراسي الوثيرة وعبارة «هات الدلة»!
لا تسخر أو تقلل من شأن أحد في شؤون إدارة مؤسساتنا ومعالجة همومنا نحن المواطنين البسطاء حيث قيل من قبل «أهل مكة أدرى بشعابها»، فلا مستشار «أشقر الشعر» يفهم بثقافتنا ولا مسؤول بعيدا عن مخالطة أصحاب الشأن، أعرف بخفايا الأمور.
إننا في مركب واحد. الضرب فيه قد يغرقنا وعلينا أن نلتفت لمن كنا نسخر ونقلل من شأنه لسبب أو لآخر، لعلنا ننقذ ما يمكن إنقاذه رأفة بالبلاد والعباد... والله المستعان.
[email protected]Twitter: @Terki_ALazmi