العجز سيتضاعف خلال السنوات الثلاث المقبلة

انفلات مرتبات الوزارات وهيئاتها يقلق الحكومة: مستقبل مرعب بفاتورة تصل إلى 13 مليار دينار!

تصغير
تكبير
مصروفات الباب الأول قفزت خلال 24 عاماً من 829 مليوناً إلى 5.5 مليار دينار

رواتب الهيئات الحكومية الملحقة ارتفعت من 198 مليوناً إلى 763.5 مليون خلال 10 سنوات

120 ألف وظيفة جديدة خلال 3 سنوات مقبلة ترفع الإجمالي إلى 450 ألفاً

مليارا دينار مصروفات تسدّدها الدولة لـ «التأمينات» بحصة 25 في المئة من راتب العامل

«الوثيقة الإصلاحية» تسعى لزيادة الإيرادات غير النفطية من 1.5 إلى 4 مليارات خلال 5 سنوات
أظهرت مقارنة أعدتها «الراي» حول إجمالي المصروفات الفعلية لميزانية الوزارات والإدارات الحكومية، وفقاً لبيانات الباب الأول، أن مرتبات الوزارات قفزت في 24 عاما نحو 6 أضعاف، حيث سجلت في ميزانية العام (1991 /1992) نحو 829 مليون دينار، مقابل أكثر من 5.46 مليار دينار في ميزانية العام (2015 /2016).

وفي السياق نفسه، نمت المرتبات الفعلية للهيئات الحكومية الملحقة من نحو 198 مليون دينار في العام (2000 /2001) إلى 763.5 مليون في العام (2015 /2016) ما يعني انها تضاعفت نحو 4 مرات في 16 سنة.


ووفقا للبيانات الرسمية التي اعتمدت عليها مقارنة «الراي»، فإن إجمالي المصروفات الفعلية لميزانية الوزارات والإدارات الحكومية المسجلة في الباب الأول تجاوزت خلال العام الماضي 6.2 مليار دينار، علما بأن هذه الجردة للمرتبات الحكومية لا تشمل مرتبات أفراد الجيش وأعضاء هيئة القضاء التي تدرج في الباب الخامس بالميزانية، حيث تكشف أرقام الميزانية في هذا الخصوص أن إجمالي مصروفات هذه الجهات تربو على مليار دينار سنوياً.

وتكتسي هذه الأرقام أهمية إضافية مع الملحقات التأمينية لها، حيث تستتبع مرتبات الوزارات والجهات الحكومية مصروفات أخرى تسددها الدولة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تقدر سنوياً بنحو ملياري دينار، وهي تمثل حصة الحكومة، والتي تسهم بها عن الموظفين بنسبة تقدر بـ 25 في المئة من مرتب العامل.

ومع زيادة التوقعات حول دخول 120 ألف وظيفة حكومية جديدة إلى سوق العمل حتى العام (2020 /2021) من مخرجات التعليم المختلفة، بكلفة تصل إلى 2.5 مليار دينار.

وبحسبة بسيطة من خلال تجميع أرقام المرتبات الحكومية سواء للوزارات أو الهيئات التابعة، وكذلك مصروفات مرتبات أفراد الجيش وأعضاء هيئة القضاء، والاستحقاقات التأمينية ستصل كلفة إجمالي الباب الأول مع أجزاء من الباب الخامس خلال السنوات الثلاث المقبلة لنحو 13 مليار دينار، ما يشكل نحو 70 في المئة من إجمالي ميزانية الدولة المعتمدة عن العام الحالي والبالغة 19 مليار دينار.

وأمام صعوبة كلفة هذه الأرقام المتوقّعة، يبرز السؤال حول الآثار السلبية وكلفة الضرر الذي سيلحق باحتياطات الدولة النقدية حال استمرت ضغوط الباب الأول خلال السنوات الثلاث المقبلة؟

مالياً، تميل التكهنات مع هذه الأرقام أكثر إلى أن الميزانية العامة للدولة ستواجه تحديات كبيرة ستضعف مقدرتها على تغطية كلفة المرتبات خلال السنوات الثلاث المقبلة، إلى الحدود التي ستأخذ معها الميزانية إلى مسار منحدر قد يعرضها إلى صدمات مالية عنيفة قد تستنزف مواردها أحادية الدخل، خصوصا إذا استمرت الدولة على نهجها الحالي دون استحداث آليات إصلاح اقتصادي واضحة وسريعة، واستمر تدني سعر النفط لسنوات مقبلة قد تطول.

زيادة المخاوف

ووفقاً لمصادر مسؤولة، فإن المخاوف الحكومية تزداد أكثر فأكثر مع مسار المرتبات الحكومية الحالي، خصوصاً في ظل دخول الميزانية العامة للكويت في مرحلة العجز المالي الفعلي، حيث بدأت الدولة التحرك لتغطيته من خلال إصدار أدوات دين محلية، فيما تحضر أيضاً لطرح سندات خارجية.

في الوقت نفسه، تؤكد مؤشرات الاقتصاد الحالية أن كلفة الدولة لتحمل الإنفاق على المرتبات الحكومية ستكون مرتفعة خلال السنوات المقبلة، متوقعة أن يكون مستقبل عجوزات سداد الرواتب مرعباً، ما لم تقابلها إجراءات حاسمة تعزز من مقدرة الميزانية العامة.

وتقول المصادر «بالطبع هناك معالجات عديدة لمواجهة الانفلات الحاصل في الباب الأول، يأتي في مقدمتها إصلاح الخلل ورفع كفاءة الميزاينة من خلال العمل على تعزيزها بخطوات إصلاحية مدروسة تشمل تقليل الهدر الحاصل في مصروفاتها، مع العمل على زيادة الكفاءة المالية للدولة عبر تنويع مصادر الإيرادات العامة على أن تتضمن الإجراءات بهذا الشأن زيادة حصة المداخل غير النفطية، وإعادة توزيع خريطة الوظائف مستقبلا، بما يضمن مشاركة القطاع الخاص بتعيين حصة كبيرة من المخرجات التعليمية».

في المقابل، كشفت مصادر مسؤولة لـ «الراي» أن خطة الإصلاح الاقتصادي التي طرحتها الحكومة تشمل زيادة الإيرادات غير النفطية من 1.5 مليار دينار كما في ميزانية العام الماضي إلى 4 مليارات خلال السنوات الخمس المقبلة، حتى تضمن رفع مقدرتها على سد عجوزات الرواتب المستقبلية، وفي حال لم تقدر على ذلك فستزداد أرقام العجز بشكل قياسي.

وترى المصادر أن من ضمن الحلول الإصلاحية للباب الأول، أن يقر مشروع «البديل الاستراتيجي» الخاص بإعادة جدولة رواتب موظفي القطاع الحكومي في الدولة، والذي يزيد عددهم على 331 ألفا (تشكل نسبة الكويتيين منهم نحو 75 في المئة، ما يعادل 274.665 ألف موظف كويتي)، حيث تؤكد الجهات المعنية على أن البديل بصيغته المقترحة من الحكومة سيعزز مشروع الإصلاح المالي لجهة تطبيق قاعدة ربط الأجر والزيادات بالانتاجية، وأن هذا يمثل أحد الحلول العلمية لتحقيق مبدأ عدالة توزيع الرواتب والمزايا والتعويضات المالية.

وفي الإطار ذاته، من المتوقع أن يزيد هذا الإجراء من القاعدة الإنتاجية على أساس ما سيحققه من تنافسية بين الموظفين طلبا للمزايا المحققة من زيادة الإنتاج، كما أنه لا يضر أي فئة وظيفية حيث لن يقل دخل أي موظف، عما يتقاضاه حاليا، وان لم يزد فهو لن يُمسّ.

وعلى ضوء الحلول المطلوبة لتخفيف أعباء زيادة كلفة المرتبات عن الميزانية العامة، تبرز الحاجة إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في المشاريع الاقتصادية وتخفيف البيروقراطية التي يواجهها في تنفيذ مشاريعه، والأهم العمل على زيادة الإنفاق الاستثماري سواء لجهة حجم القاعدة الاستثمارية أو لتنوع مشاريعها في البلاد مع رفع حصة مشاريع البنية التحتية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي