بفعل استمرار الصعوبات الناتجة عن انخفاض النفط

«المركز»: أرباح الشركات الخليجية خلال النصف الأول دون التوقعات

تصغير
تكبير
تباطؤ النمو الاقتصادي في ظل خفض الإنفاق الحكومي بالمنطقة
أشار تقرير شركة «مارمور مينا إنتليجنس» (تابعة لـ «المركز») إلى أن أرباح الشركات الخليجية خلال النصف الأول كانت دون التوقعات، متأثرةً باستمرار الصعوبات الناتجة عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط، والتي أدت إلى تباطؤ واضح في النمو الاقتصادي وخفض الإنفاق الحكومي في المنطقة.

وبحسب التقرير فقد كان تراجع أرباح الشركات وهوامشها الصافية واضحاً على المستوى الكلي في معظم القطاعات في المنطقة. غير أن هامش الربح الكلي لا يوضح بحد ذاته التباين الواسع في الاتجاهات بين القطاعات المختلفة.


كما ذكر التقرير أن هوامش الأرباح الصافية للأسهم عالية القيمة السوقية (17.5 في المئة في المتوسط لخمس سنوات) في دول مجلس التعاون الخليجي كانت أعلى بكثير، مقارنةً بهوامش الأرباح الصافية للأسهم متوسطة القيمة السوقية (9.9 في المئة في المتوسط لخمس سنوات) ومنخفضة القيمة السوقية (5.8 في المئة في المتوسط لخمس سنوات).

ورأت «مارمور» أنه يمكن أن يتحقق تفوّقٌ في الأداء، إذ إن معظم الأسهم كبيرة القيمة السوقية، ومنها أسهم الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك)، وشركة صناعات قطر، وشركة إعمار العقارية، غالباً ما تستفيد من العقود الحكومية والقدرة على الحصول على المواد الخام والتمويل.

من ناحية ثانية، كان هناك تفاوت واسع في هوامش الأرباح الصافية بين القطاعات التي تعتمد على حجم عملياتها. فعلى سبيل المثال، حققت شركات الاتصالات عالية القيمة السوقية، ومنها مجموعة الإمارات للاتصالات، وشركة الاتصالات السعودية، وشركة أوريدو، وغيرها، التي تتميز بأنها شركات سباقة وتتمتع بالدعم الحكومي، هوامش أرباح عالية تجاوزت 10 في المئة، بينما تأثرت شركات الاتصالات متوسطة القيمة السوقية في المنطقة سلباً بسوء أداء شركتين هما «فودافون قطر» وشركة الاتصالات المتنقلة (المملكة العربية السعودية)، وهما شركتان جديدتان نسبياً في السوق، ولم تصلا بعد إلى نقطة التعادل بين إيراداتها وتكاليفها.

ولقد نشأت ظاهرة هوامش الأرباح السلبية عموماً في القطاعات صغيرة القيمة السوقية، وعلى الأخص الشركات العاملة في قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا والطاقة. ويمكن أن يكون السبب في ذلك ناتجاً عن كونها لا تزال في مراحل تأسيس عملياتها والحصول على حصة من السوق.

من جهة أخرى، لفت التقرير إلى أن هوامش الأرباح في قطاعات كالمواد الأساسية، والإنتاج الصناعي، والطاقة، وخدمات المرافق العامة والاتصالات، قد تأثرت بعوامل مختلفة، معتبراً أن انحسار النشاط في قطاع البنية التحتية والعقار، كما يظهر من الركود في المبيعات وطول دورة رأس المال العامل، قد أدى إلى انخفاض هوامش أرباح شركات المقاولات، وشركات توريد مواد البناء كالإسمنت والحديد الصلب على سبيل المثال، وشركات البنية التحتية بمعدل 200 نقطة أساس إلى 800 نقطة أساس على مدى السنوات الخمس الماضية.

أما الشركات العاملة في قطاعي الطاقة والإنتاج الصناعي، فقد تأثرت هوامش أرباحها بانخفاض مبيعات المنتجات البتروكيماوية وارتفاع أسعار صرف العملة الأجنبية؛ كذلك تراجعت هوامش أرباح الشركات المقدمة لخدمات الاتصالات متأثرةً بالمنافسة الشديدة وما نتج عنها من تراجع في متوسط الإيرادات لكل مستخدم، وبتشبع الأسواق وخسائر صرف العملات الأجنبية.

وعلى صعيد آخر، نجد أن هناك قطاعات استطاعت تفادي هذا الاتجاه، ونجحت أيضًا في زيادة هوامش أرباحها. فالشركات في قطاعات التكنولوجيا والخدمات المالية، وعلى الأخص المؤسسات المالية غير المصرفية، والرعاية الصحية والقطاعات الاستهلاكية التي لا تتأثر بالدورة الاقتصادية، قد حققت جميعها أداءً جيدا في السنوات الخمس الماضية.

وقد نمت هوامش أرباح الشركات المقدمة للخدمات المالية كالقروض، ورأس المال العامل، والتأمين، ومنتجات إدارة الثروات، وحلول التأجير بمعدل 980 نقطة أساس في السنوات الخمس الأخيرة. وأسهم في تحقيق معدلات النمو العالية هذه عوامل منها انخفاض تكلفة رأس المال، وكفاية السيولة، وأنظمة التأمين الإلزامي.

ورأت «مارمور» أن شركات تعليب المواد الغذائية، وشركات تجارة التجزئة، وشركات التوزيع بالجملة، والشركات التجارية، والتي تمتاز جميعها بطلب استهلاكي لا يتأثر بالعوامل السلبية الناتجة عن الدورة الاقتصادية، قد حققت أداءً جيدًا أيضًا. وقد استفاد القطاع الاستهلاكي غير المتأثر بالدورة الاقتصادية من العوامل الديموغرافية الإيجابية وارتفاع دخل الفرد وتحسن الأنماط المعيشية الناتجة عن الاستهلاك، لترتفع بذلك هوامش الأرباح فيه بمعدل 480 نقطة أساس منذ العام 2011.

أما في الفترة المقبلة، فقد توقع التقرير استمرار الضغوط على هوامش الأرباح في قطاعات المواد الأساسية (2015 – 11.1 في المئة)، والإنتاج الصناعي (11.2 في المئة)، والطاقة (8.3 في المئة) إذ إنه من غير المتوقع أن يرتفع سعر النفط في المدى القريب، ويمكن أن يؤدي خفض الإنفاق الحكومي إلى تأخير مشاريع البنية التحتية. كذلك سيستمر تدني إنتاجية العمالة في الضغط على هوامش الأرباح في القطاعات كثيفة العمالة، بينما يمكن أن يتسبب ارتفاع أسعار الفائدة ومشاكل السيولة في ضغوط على الشركات العاملة في قطاع الخدمات المالية.

في المقابل، من الصعب المحافظة على ارتفاع هوامش الأرباح، فالصناعات المربحة لا بد وأن تجتذب المنافسة. غير أن الشركات التي تنجح في إيجاد هوامش وقاية من خلال تحقيق ميزة تنافسية هامة على منافسيها تستطيع تجاوز تأثيرات المنافسة وتحقيق نمو مستدام في أرباحها. ولكن هذا يسهل قوله ويصعب تحقيقه.

ولا تؤدي هوامش الأرباح العالية بحد ذاتها إلى تكوين ثروات. فعلى سبيل المثال، كان أداء قطاعي المواد الأساسية والإنتاج الصناعي بهوامش أرباحهما الأعلى مقارنةً بقطاع التقنية والقطاعات الاستهلاكية غير المتأثرة بالدورة الاقتصادية، متدنٍ من حيث إيجاد الثروات للمساهمين. وفي الواقع، فإن القطاعات التي أوجدت أكبر ثروة للمساهمين في السنوات الخمس الأخيرة كانت القطاعات الاستهلاكية عالية التأثر بالدورة الاقتصادية والتي تحقق أدنى هوامش أرباح.

وخلص التقرير إلى أن الربحية تعتبر مجرد عنصر واحد من عناصر المعادلة. فالربحية والنمو، اللذين يمكن المحافظة عليهما لفترة طويلة، يمكن أن يضيفا قيمة هامة للمساهمين. وبالتالي فإن فريق الإدارة يولي أهمية كبيرة لتحديد فرص النمو. وبينما تضمن العمليات المربحة استمرار المنشأة، فإن تقييم فرص النمو والاستثمار الناجح فيها يمكن أن يضمن إضافة القيمة والنجاح على المدى الطويل.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي