لبنان في «إجازة سياسية» بعد فشل الحوار بإعطاء «جواز مرور» الى الحلّ

تصغير
تكبير
دخل لبنان في مدار «إجازة صيفية» في السياسة بعدما عاد المتحاورون على طاولة رئيس البرلمان نبيه بري الى «المربّع الاول» وانتهت «ثلاثية» الحوار الى ما يشبه «طبخة البحص»، بحيث أفضت مداولاتها الى فتح «نوافذ» جديدة للتعقيد عوضا ان ترمي حجراً في المياه الراكدة وتمهّد لفتح الباب امام حلول للأزمة التي تعيشها البلاد على خلفية الفراغ في رئاسة الجمهورية المستمر منذ 26 شهراً ونيّف.

ولم يتطلّب الأمر عناءً كبيراً لاستخلاص ان الأفرقاء اللبنانيين منقسمون بين فريقين، الأول يسعى الى فكّ أسر الانتخابات الرئاسية عبر مبادرات داخلية، ولو من فوق «خطوط الانقسام» السياسي الحادّ بين معسكريْ «8 و 14 آذار» وهو ما عبّر عنه ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجية كما ترشيح رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع للعماد ميشال عون. أما الثاني، الذي يشكّل «حزب الله» رافعته الأساسية، فيتكىء على «نتوءات» الاستقطاب الداخلي للإبقاء على الملف الرئاسي في «حضن» الاشتباك الاقليمي الكبير لتوظيفه في مسار الحلول لأزمات المنطقة على قاعدة «الأوعية المتصلة»، كما لاستخدامه لاستيلاد نمط حكم جديد في لبنان وفق قواعد لإدارة اللعبة السياسية تشكل واقعياً عملية ترسيم نفوذ للطوائف والمذاهب تعكس الموازين الخارجية وحدود تأثير قوى النفوذ الاقليمي في «بلاد الأرز» وتموْضعاتها في المنطقة.


وفي حين ستمرّ الجلسة 43 لانتخاب رئيس للجمهورية الاثنين المقبل كما سابقاتها بحيث لا يتوافر النصاب القانوني لانعقادها، فان الفترة الفاصلة عن 5 سبتمبر المقبل وهو الموعد الجديد لطاولة الحوار لن يشكّل إلا فسحة لملء الوقت الضائع الفاصل عن بروز معطى خارجي يسمح بكسْر المراوحة في دائرة الفراغ.

وتوقفت دوائر سياسية عبر «الراي» عند الفشل الذي انتهت إليه ثلاثية الحوار أول من امس في تحقيق أيّ اختراقٍ سواء في ما خص الأزمة الرئاسية او قانون الانتخاب واندفاعها نحو «تكبير الحجر» عبر إخراج بري من جيْبه «أرنب» ملف الاصلاحات الدستورية في اتفاق الطائف مثل مجلس الشيوخ وقيام مجلس نواب خارج القيد الطائفي مع ما يقتضيه من قانون انتخاب وفق معايير تراعي واقع وجود نظام «المجلسيْن»، معتبرة ذلك عملية «هروب الى الأمام» ترمي الى أمرين:

* الأول إعطاء مبرّر جديد لاستمرار الحوار وتفادي إعلان «وفاته» وذلك كي يبقى «حاضنة» جاهزة لتلقُّف اي حلول خارجية عندما «تدق ساعتها».

* والثاني ان هذا التطوّر فتح باب النقاش رسمياً للمرة الاولى في قضية الإصلاحات الدستورية ولو تحت سقف «الطائف»، وهو ما ترى الدوائر نفسها انه متعمّد من فريق «8 آذار» بحيث تبدو «السلة المتكاملة» للحلّ الرئاسي (تشتمل على الرئاسة وقانون الانتخاب والحكومة الجديدة رئيساً وتوازنات وبياناً وزارياً وبعض التعيينات الحساسة وضوابط لإدارة الحكم في العهد الجديد) «أهون الشرور» أمام ترْك الأزمة تتفاعل حتى موعد الانتخابات النيابية، مع ما يعنيه الوصول الى الفراغ الكامل بحال لم يكن جرى انتخاب رئيس من إمكان إطاحة النظام برمّته.

ومن هنا ترى الدوائر السياسية أنه بمعزل عن «الـ لا شيء» الذي ستفضي اليه على الأرجح جلسة 5 سبتمبر الحوارية التي حُدد لها عنوان تسليم المتحاورين أسماء شخصيات وخبراء لتمثيلهم في لجان أو ورش عمل لمتابعة ملف مجلس الشيوخ وقانون انتخاب المجلس النيابي خارج القيد الطائفي، فإن الوضع الداخلي في لبنان يتّجه الى مزيد من الدوران في «الحلقة المفرغة» وسط محاولة حكومة الرئيس تمام سلام «الصمود» امام الخلافات التي تتراكم بين مكوناتها والتي حوّلت كل جلسة لمجلس الوزراء بمثابة «اختبار بقاء»، رغم الاقتناع بأن «ستاتيكو» الاستقرار السياسي والأمني الراهن «محروس» اقليمياً ودولياً ولن يهتزّ الا بحال قرّر أحد الأطراف ان يكون الحلّ للأزمة الرئاسية «على الحامي» بملاقاة تحوّلات في المنطقة او استباقاً لتطورات قد تكون كاسرة للتوازنات الاقليمية.

وفي هذه الأثناء يستقطب الجبل الأنظار اليوم وتحديداً المختارة التي يزورها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي لمناسبة تدشين اختتام أعمال ترميم كنيسة المختارة (آل الخازن)، ومع حلول الذكرى الـ 15 لمصالحة الجبل التاريخية المسيحية - الدرزية، على ان يعقب القداس الذي سيترأسه الراعي انتقال الأخير إلى دار المختارة حيث يقيم رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط استقبالاً سياسياً ورسمياً موسعاً يتخلله إلقاء كلمات وتليه مأدبة غداء على شرف البطريرك والمدعوين.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي