تقرير
هل تفكّ «النصرة» ارتباطها بـ «القاعدة» لتجنُّب ضربها بسبب الاتفاق الروسي - الأميركي؟
كثر الكلام عن اتفاق أميركي - روسي في سورية يقضي بضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) و«جبهة النصرة» (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) مقابل أن تزوّد واشنطن الكرملين بإحداثيات عن المعارضة السورية التي تعتبرها معتدلة لتجنُّب قصفها، وفي المقابل الآخر تلتزم موسكو بعدم السماح للطيران السوري بضرب أهداف والتزام وقف النار على كل الأراضي السورية (ما عدا مناطق وجود النصرة وداعش)، والمحافظة على خطوط تماس ثابتة على كافة الأراضي السورية لتجميد الجبهات وإيجاد خطوط حمر بما يعني تسجيل إنجاز لأميركا وروسيا على صعيد منطقة الشرق الأوسط.
إلا أن إنجاز هكذا اتفاق يحتاج لتوافق والتزام من الطرفين ومن الدول الداعمة للمتحاربين وكذلك من حلفاء كل طرف. إضافة الى ذلك، تعالت الأصوات التي تنادي أقوى فريق يعمل ضمن المعارضة - ألا وهي «جبهة النصرة» - بفك ارتباطها بجماعة «قاعدة الجهاد» كي لا تصبح هدفاً مشروعاً للطرفين الجبّاريْن (في حال الالتزام بالاتفاق)، لأن ذلك من شأنه أن يضعضع المعارضة السورية ويجعلها لقمة سهلة للنظام السوري وحلفائه عند انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما، وفي حال انتكس الوضع العسكري وعادت الحرب من جديد.
وتصاعدت الصيحات من داخل المعارضة السورية مناديةً «جبهة النصرة» بفك ارتباطها بـ «قاعدة الجهاد» لتحقيق «الوحدة» وتجنيب المعارضة تداعيات التحالف الأميركي - الروسي المحتمل، ومطالِبةً الجبهة «بالانصهار في المشروع الوطني السوري للثورة». لكن ما تداعيات واحتمالات هذه الخطوة؟
منذ مدة طويلة طلبت «النصرة» الاندماج مع «أحرار الشام» لتصبح القوة الأعظم المسيطِرة على المعارضة كلها. هذا المشروع، لو قُدّر له أن يبصر النور، لكان وحّد الفصائل تحت راية واحدة أو على الأقل فرض الشروط على الجميع. إلا أن «أحرار الشام» لم تتجاوب مع مطلب «النصرة» لأن العقيدة الواحدة وشجاعة «النصرة» في كل المعارك على كل الجبهات كانت ستبتلع رويداً هذا الفصيل ليصبح الفكر والهدف والعقيدة والانتماء ليس لسورية بل لعقيدة «الجهاد» التي لا تعترف بالحدود، رغم ان الساحة الشامية هي الأولوية اليوم عند «النصرة» الى حين تحقيق التمكين.
وطُلب من «النصرة» مراراً وتكراراً - حتى قبل الاتفاق الروسي - الأميركي الذي لم يبصر النور بعد - فك ارتباطها بـ «قاعدة الجهاد»، إلا أنها سألت: هل فك الارتباط يوحّد صف المعارضة السورية؟ وهل تغيير الاسم يغيّر بالفكر والعقيدة والهدف؟ وهل تفك الفصائل ارتباطها بداعميها ومموّليها لتوحيد الصف المعارض السوري رغم تَعدُّد المشارب والأهداف والانتماءات؟
فـ «جبهة النصرة» ليست فقط أقوى فريق على الساحة السورية، بل أقوى تنظيم ينتمي الى «قاعدة الجهاد» ويملك أكبر قوة برية وأحدث السلاح والقطاعات والأذرع العسكرية المتعددة منذ تاريخ إنشاء «القاعدة». واستطاعت «النصرة» كسب قلوب أهل الشام وعقولهم - رغم بعض التظاهرات المضادة المتفرقة - واحتلت الصفوف الأمامية في القتال وقدّمت الانتحاريين في بداية كل هجوم والانغماسيين كطلائع القوى المجابهة، واستخدمت أسلوب الحرب الكلاسيكية مدموجاً بحرب العصابات لتتغلب على حلفاء دمشق في معارك (العيس وخلصة) وخسرت في مواقع أخرى من دون أن يثني ذلك من اندفاعها على جبهات القتال.
في حال الاستعداد، كان «الشرعي» عبد الله المحيسني يدعو الى حملة «أنفر» ويجنّد الشباب ويتقاسم العدد بين «النصرة» وبقية الفصائل من دون الاستئثار لفريق دون الآخر.
وثمة سؤال يُطرح: هل عدم فكّ ارتباط «النصرة» بـ «القاعدة» سيجعلها هدفاً وتنهال عليها طيور أبابيل ترميها بالحمم والقنابل؟ الجواب نعم. هذا محتمل وقد أظهرت الولايات المتحدة العام الماضي كيف تستطيع ضرب «مجموعة خرسان» بقوّة أوجعت «النصرة». وسيتبع القصف انسحاب بعض العناصر القليلة من «النصرة» لأن «الجبهة» لم تستقطب المقاتلين بالمال - كما هي حال «داعش» - وستُضرب مقراتها ولن تستطيع الفصائل الأخرى مساعدتها. حتى أن منظّر «القاعدة» المدعو «أبو محمد المقدسي» صرّح أن «فك الارتباط لا يغيّر بالعقيدة شيء». إلا أن موقف المقدسي شخصي لا يقدّم ولا يؤخر بقرار «الجبهة».
على أن ردة فعل «النصرة» لن تكون سهلة، فلغاية اليوم التزمت «قاعدة الشام» بإعلان «جهادها» على أرض الشام ولكن من غير المستبعد أن تمتد أذرع «قاعدة الجهاد» لضرب أميركا في عقر دارها وخصوصاً أن نفوذها أكبر بكثير من نفوذ «داعش».
أما موقف مناصري «النصرة» فهو واضح. فأكثرهم يعلم أن قلوب الفصائل عليها ومن الممكن أن تصبح سيوفها ضدّها إذا ضعفت «النصرة» في الشام. لذلك تعالت الأصوات داخل «النصرة» تذكّرها بأن عليها أن تنظر «الى مصلحة الأمة ولا تتأثر بأصوات فك الارتباط لأن العقيدة مرتبطة بدين الله».
وقال آخرون إن «القابض على دينه كالقابض على الجمر. فقد علمتم أن العالم سيقاتلكم فاستعينوا بالله لأن فك الارتباط هو فك الارتباط بالإسلام».
ومن غير المستبعد أن تتمزّق «النصرة» إذا قبِلت بفك الارتباط، فعدد كبير من المهاجرين حضروا الى الشام «للجهاد» تحت مبدأ لا يتغيّر مع متغيرات المطالب الأميركية، وستُتهم «النصرة» بأنها شبيهة بـ «يهود أمتي» وأن قيادتها «أحداث سنان» وأنها «تحمي نفسها راغبة بالدنيا». ولهذا، فقد علم زعيم «قاعدة الجهاد» أيمن الظواهري بالضغوط التي تتعرّض لها «النصرة» من المحيط الشامي والعربي، فطلب من كل «المجاهدين» الالتحاق بـ «أرض الشام» ليحمي «النصرة» ويشدّ عصَبها. وهكذا فإن القرار يعود الى مجلس شورى «النصرة» المكوّن من رعيل لا يتأثر بالتواصل الاجتماعي ولا بما يقبل به أو يرفضه المقدسي، ولهذا السبب فإن «النصرة» أمام قرار مصيري، فإما تدفع بمقاتليها إلى الصبر والتمسك بالعقيدة أو بالتشرذم واللحاق بـ «داعش» أو المغادرة إلى أرض مختلفة أكثر ثباتاً.
إلا أن إنجاز هكذا اتفاق يحتاج لتوافق والتزام من الطرفين ومن الدول الداعمة للمتحاربين وكذلك من حلفاء كل طرف. إضافة الى ذلك، تعالت الأصوات التي تنادي أقوى فريق يعمل ضمن المعارضة - ألا وهي «جبهة النصرة» - بفك ارتباطها بجماعة «قاعدة الجهاد» كي لا تصبح هدفاً مشروعاً للطرفين الجبّاريْن (في حال الالتزام بالاتفاق)، لأن ذلك من شأنه أن يضعضع المعارضة السورية ويجعلها لقمة سهلة للنظام السوري وحلفائه عند انتهاء ولاية الرئيس باراك أوباما، وفي حال انتكس الوضع العسكري وعادت الحرب من جديد.
وتصاعدت الصيحات من داخل المعارضة السورية مناديةً «جبهة النصرة» بفك ارتباطها بـ «قاعدة الجهاد» لتحقيق «الوحدة» وتجنيب المعارضة تداعيات التحالف الأميركي - الروسي المحتمل، ومطالِبةً الجبهة «بالانصهار في المشروع الوطني السوري للثورة». لكن ما تداعيات واحتمالات هذه الخطوة؟
منذ مدة طويلة طلبت «النصرة» الاندماج مع «أحرار الشام» لتصبح القوة الأعظم المسيطِرة على المعارضة كلها. هذا المشروع، لو قُدّر له أن يبصر النور، لكان وحّد الفصائل تحت راية واحدة أو على الأقل فرض الشروط على الجميع. إلا أن «أحرار الشام» لم تتجاوب مع مطلب «النصرة» لأن العقيدة الواحدة وشجاعة «النصرة» في كل المعارك على كل الجبهات كانت ستبتلع رويداً هذا الفصيل ليصبح الفكر والهدف والعقيدة والانتماء ليس لسورية بل لعقيدة «الجهاد» التي لا تعترف بالحدود، رغم ان الساحة الشامية هي الأولوية اليوم عند «النصرة» الى حين تحقيق التمكين.
وطُلب من «النصرة» مراراً وتكراراً - حتى قبل الاتفاق الروسي - الأميركي الذي لم يبصر النور بعد - فك ارتباطها بـ «قاعدة الجهاد»، إلا أنها سألت: هل فك الارتباط يوحّد صف المعارضة السورية؟ وهل تغيير الاسم يغيّر بالفكر والعقيدة والهدف؟ وهل تفك الفصائل ارتباطها بداعميها ومموّليها لتوحيد الصف المعارض السوري رغم تَعدُّد المشارب والأهداف والانتماءات؟
فـ «جبهة النصرة» ليست فقط أقوى فريق على الساحة السورية، بل أقوى تنظيم ينتمي الى «قاعدة الجهاد» ويملك أكبر قوة برية وأحدث السلاح والقطاعات والأذرع العسكرية المتعددة منذ تاريخ إنشاء «القاعدة». واستطاعت «النصرة» كسب قلوب أهل الشام وعقولهم - رغم بعض التظاهرات المضادة المتفرقة - واحتلت الصفوف الأمامية في القتال وقدّمت الانتحاريين في بداية كل هجوم والانغماسيين كطلائع القوى المجابهة، واستخدمت أسلوب الحرب الكلاسيكية مدموجاً بحرب العصابات لتتغلب على حلفاء دمشق في معارك (العيس وخلصة) وخسرت في مواقع أخرى من دون أن يثني ذلك من اندفاعها على جبهات القتال.
في حال الاستعداد، كان «الشرعي» عبد الله المحيسني يدعو الى حملة «أنفر» ويجنّد الشباب ويتقاسم العدد بين «النصرة» وبقية الفصائل من دون الاستئثار لفريق دون الآخر.
وثمة سؤال يُطرح: هل عدم فكّ ارتباط «النصرة» بـ «القاعدة» سيجعلها هدفاً وتنهال عليها طيور أبابيل ترميها بالحمم والقنابل؟ الجواب نعم. هذا محتمل وقد أظهرت الولايات المتحدة العام الماضي كيف تستطيع ضرب «مجموعة خرسان» بقوّة أوجعت «النصرة». وسيتبع القصف انسحاب بعض العناصر القليلة من «النصرة» لأن «الجبهة» لم تستقطب المقاتلين بالمال - كما هي حال «داعش» - وستُضرب مقراتها ولن تستطيع الفصائل الأخرى مساعدتها. حتى أن منظّر «القاعدة» المدعو «أبو محمد المقدسي» صرّح أن «فك الارتباط لا يغيّر بالعقيدة شيء». إلا أن موقف المقدسي شخصي لا يقدّم ولا يؤخر بقرار «الجبهة».
على أن ردة فعل «النصرة» لن تكون سهلة، فلغاية اليوم التزمت «قاعدة الشام» بإعلان «جهادها» على أرض الشام ولكن من غير المستبعد أن تمتد أذرع «قاعدة الجهاد» لضرب أميركا في عقر دارها وخصوصاً أن نفوذها أكبر بكثير من نفوذ «داعش».
أما موقف مناصري «النصرة» فهو واضح. فأكثرهم يعلم أن قلوب الفصائل عليها ومن الممكن أن تصبح سيوفها ضدّها إذا ضعفت «النصرة» في الشام. لذلك تعالت الأصوات داخل «النصرة» تذكّرها بأن عليها أن تنظر «الى مصلحة الأمة ولا تتأثر بأصوات فك الارتباط لأن العقيدة مرتبطة بدين الله».
وقال آخرون إن «القابض على دينه كالقابض على الجمر. فقد علمتم أن العالم سيقاتلكم فاستعينوا بالله لأن فك الارتباط هو فك الارتباط بالإسلام».
ومن غير المستبعد أن تتمزّق «النصرة» إذا قبِلت بفك الارتباط، فعدد كبير من المهاجرين حضروا الى الشام «للجهاد» تحت مبدأ لا يتغيّر مع متغيرات المطالب الأميركية، وستُتهم «النصرة» بأنها شبيهة بـ «يهود أمتي» وأن قيادتها «أحداث سنان» وأنها «تحمي نفسها راغبة بالدنيا». ولهذا، فقد علم زعيم «قاعدة الجهاد» أيمن الظواهري بالضغوط التي تتعرّض لها «النصرة» من المحيط الشامي والعربي، فطلب من كل «المجاهدين» الالتحاق بـ «أرض الشام» ليحمي «النصرة» ويشدّ عصَبها. وهكذا فإن القرار يعود الى مجلس شورى «النصرة» المكوّن من رعيل لا يتأثر بالتواصل الاجتماعي ولا بما يقبل به أو يرفضه المقدسي، ولهذا السبب فإن «النصرة» أمام قرار مصيري، فإما تدفع بمقاتليها إلى الصبر والتمسك بالعقيدة أو بالتشرذم واللحاق بـ «داعش» أو المغادرة إلى أرض مختلفة أكثر ثباتاً.