الميزان في القرآن
| بقلم أبو القاسم الديباجي | ورد الحديث عن الميزان في القرآن (23) مرة بتعبيرات وألفاظ مختلفة، واغلبها ترتبط بالميزان يوم القيامة، مع التوجه إلى انه ذكر سبع مرات في القرآن بصيغة الجمع (الموازين)، والتي تشير الى تعدد الموازين المختلفة في يوم القيامة، وهنا لنتأمل في بعض تلك الايات.
1 - «والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون» (الاعراف: 8-9).
2 - «ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين» (الانبياء: 47).
3 - «فأما من ثقلت موازينه، فهو في عيشة راضية، واما من خفت موازينه، فأمه هاوية، وما ادراك ماهية، نار حامية» (القارعة: 6-11).
صرحت الاية الاولى بأن مسألة قياس ووزن الاعمال بموازين دقيقة قطعا ستتحقق، والذين حسناتهم كثيرة وثقيلة سيفوزون ويفلحون، والذين حسناتهم قليلة وخفيفة سيصيبهم الضرر ويخسرون ويستفاد من هذه الآية عدة نقاط.
1 - يوم القيامة يوم سيادة الحق، وتكون الموازين وتحسب على اساس من الحق وتحكيم الحق.
2 - لا يوجد ميزان واحد فقط، بل لكل شخص موازين مختلفة، وبعبارة اوضح، لكل عمل للانسان قدوة ونموذج موحد ويقارن ويقاس به، كلما نقص عنه قلت قيمته، واذا كان كاملا مثله، تكون قيمته كاملة.
3 - التوقع بالفوز من دون عمل شيء لا محال له.
4 - قلة العمل الصالح خسارة وخذلان.
5 - يعتبر الانكار بآيات الله ظلما لها، واحدى عوامل خفة ميزان العمل.
6 - الدنيا كالسوق ونتيجتها تظهر في الآخرة، بأن هل استفاد الانسان ام خسر.
والاية الثانية ذكرت ايضا الموازين المتعددة التي نظمت على اساس من العدل والحق، وانها دقيقة جدا بحيث لا تظلم اي احد، والجميع يأخذون حقوقهم، ولا تخطئ او تنحرف ولو بمقدار مثقال حبة من خردل ويستفاد من هذه الاية النقاط التالية:
1 - الموازين متعددة، وكلها ممزوجة بالعدل الالهي، اي لكل شيء ميزان خاص به، فكما ان درجة الهواء تقاس بالبارومتر، والفواكه تقاس بالكيلو والقماش بالمتر، كذلك الانسان العادي يقاس بالعدالة المطلقة.
2 - قال الامام الصادق (ع) في تفسير هذه الاية: الموازين، الانبياء والاوصياء، اي ميزان البشر هو الانسان الكامل.
3 - كل شيء ولو كان صغيرا جدا يقاس بموازين الاعمال حتى لو كان بمقدار حبة من خردل سيكون حاضرا للحساب، مع التوجه الى ان حبة الخردل حبة صغيرة جدا، اذا نستنتج ان الميزان لا يغفل عن اي شيء، وعن علي (ع) قال قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الايات: واما قوله تبارك وتعالى: «ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا»، فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيامة، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين.
4 - الذي يحاسب هو الله عز وجل واوضح انه لا يخطئ في الحساب ولا يؤخر الملف ويعرض على الخلائق نتيجة اعمالهم بصورة سريعة جدا وكاملة وبميزان ممزوج بعدله.
والاية الثالثة تحدثت ايضا بوضوح عن الموازين، بأن ثقلها يوجب حياة سعيدة وعيشة راضية، وخفتها يوجب الهلاك والهاوية والنقاط التي وردت في هذه الاية هي عبارة عن:
1 - بعد قيام القيامة تنصب موازين الاعمال.
2 - في ذلك الوقت، ستشخص الموازين الافراد الصالحة والافراد العاصية.
3 - وفي ذلك الوقت سينال الصالح ثواب اعماله، والعاصي سينال عقاب اعماله.
4 - سيكون عقاب الافراد الذين اعمالهم خفيفة في الميزان شديدا للغاية، حيث يقول: «فأمه هاوية» اي فمأواه جهنم ومسكنه النار، وانما سماها امه لانه يأوي اليها كما يأوي الولد الى امه ولان اصل السكون إلى الامهات، والهاوية من احدى دركات النار، وحارقة جدا، وبعض المفسرين فسروا «فأمه هاوية» ام رأسه يقلب في النار على رأسه، ومع التوجه إلى كلمة هاوية التي اخذت من «هوى»، يصبح معنى الاية التالي: ان العاصي سيهوي به في جهنم على أم رأسه.
والمقصود من «ثقل الموازين» الحسنات الكثيرة، و«خفة الموازين» الحسنات القليلة، اي ان الذي عنده حسنات كثيرة من جهة الكمية والكيفية، ستكون حياته سعيدة ومن اهل الجنة، واذا كانت حسناته قليلة وخفيفة سيكون من اهل النار.
كما اشار امير المؤمنين علي (ع) إلى هذا المطلب في كلام مشروح حيث قال: فمن ثقلت موازينه، وخفت موازينه، فهو قلة الحسنات وكثرتها.
ويؤيد هذا المطلب ايضا اجابة الامام الصادق (ع) عندما سئل: او ليس يوزن الاعمال؟ قال: لا ان الاعمال ليست باجسام وانما هي صفة ما عملوا، وانما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الاشياء، ولايعرف ثقلها وخفتها، وان الله لا يخفى عليه شيء، قال: فما معني الميزان؟ قال: العدل، قالك فما معناه في كتابه فمن ثقلت موازينه؟ قال: فمن رجح عمله.
والشيء الملفت للنظر انه طبقا للروايات ان سر ثقل وخفة الموازين في الآخرة هو ثقل الخير وخفة الشر حيث روي عن الامام الصادق (ع) قال: ان الخير ثقل على اهل الدنيا علي قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة، وان الشر خف على اهل الدنيا علي قدر خفته في موازينهم يوم القيامة.
ونظير هذا المطلب روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث قال - في قول الله لآدم يوم القيامة -: قم عند الميزان فانظر مايرفع اليك من اعمالهم، فمن رجح منهم خيره على شره مثقال ذرة فله الجنة، حتى تعلم اني لا ادخل النار منهم إلا ظالما.
الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي
1 - «والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون، ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم بما كانوا بآياتنا يظلمون» (الاعراف: 8-9).
2 - «ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وان كان مثقال حبة من خردل اتينا بها وكفى بنا حاسبين» (الانبياء: 47).
3 - «فأما من ثقلت موازينه، فهو في عيشة راضية، واما من خفت موازينه، فأمه هاوية، وما ادراك ماهية، نار حامية» (القارعة: 6-11).
صرحت الاية الاولى بأن مسألة قياس ووزن الاعمال بموازين دقيقة قطعا ستتحقق، والذين حسناتهم كثيرة وثقيلة سيفوزون ويفلحون، والذين حسناتهم قليلة وخفيفة سيصيبهم الضرر ويخسرون ويستفاد من هذه الآية عدة نقاط.
1 - يوم القيامة يوم سيادة الحق، وتكون الموازين وتحسب على اساس من الحق وتحكيم الحق.
2 - لا يوجد ميزان واحد فقط، بل لكل شخص موازين مختلفة، وبعبارة اوضح، لكل عمل للانسان قدوة ونموذج موحد ويقارن ويقاس به، كلما نقص عنه قلت قيمته، واذا كان كاملا مثله، تكون قيمته كاملة.
3 - التوقع بالفوز من دون عمل شيء لا محال له.
4 - قلة العمل الصالح خسارة وخذلان.
5 - يعتبر الانكار بآيات الله ظلما لها، واحدى عوامل خفة ميزان العمل.
6 - الدنيا كالسوق ونتيجتها تظهر في الآخرة، بأن هل استفاد الانسان ام خسر.
والاية الثانية ذكرت ايضا الموازين المتعددة التي نظمت على اساس من العدل والحق، وانها دقيقة جدا بحيث لا تظلم اي احد، والجميع يأخذون حقوقهم، ولا تخطئ او تنحرف ولو بمقدار مثقال حبة من خردل ويستفاد من هذه الاية النقاط التالية:
1 - الموازين متعددة، وكلها ممزوجة بالعدل الالهي، اي لكل شيء ميزان خاص به، فكما ان درجة الهواء تقاس بالبارومتر، والفواكه تقاس بالكيلو والقماش بالمتر، كذلك الانسان العادي يقاس بالعدالة المطلقة.
2 - قال الامام الصادق (ع) في تفسير هذه الاية: الموازين، الانبياء والاوصياء، اي ميزان البشر هو الانسان الكامل.
3 - كل شيء ولو كان صغيرا جدا يقاس بموازين الاعمال حتى لو كان بمقدار حبة من خردل سيكون حاضرا للحساب، مع التوجه الى ان حبة الخردل حبة صغيرة جدا، اذا نستنتج ان الميزان لا يغفل عن اي شيء، وعن علي (ع) قال قد سأله رجل عما اشتبه عليه من الايات: واما قوله تبارك وتعالى: «ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا»، فهو ميزان العدل يؤخذ به الخلائق يوم القيامة، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين.
4 - الذي يحاسب هو الله عز وجل واوضح انه لا يخطئ في الحساب ولا يؤخر الملف ويعرض على الخلائق نتيجة اعمالهم بصورة سريعة جدا وكاملة وبميزان ممزوج بعدله.
والاية الثالثة تحدثت ايضا بوضوح عن الموازين، بأن ثقلها يوجب حياة سعيدة وعيشة راضية، وخفتها يوجب الهلاك والهاوية والنقاط التي وردت في هذه الاية هي عبارة عن:
1 - بعد قيام القيامة تنصب موازين الاعمال.
2 - في ذلك الوقت، ستشخص الموازين الافراد الصالحة والافراد العاصية.
3 - وفي ذلك الوقت سينال الصالح ثواب اعماله، والعاصي سينال عقاب اعماله.
4 - سيكون عقاب الافراد الذين اعمالهم خفيفة في الميزان شديدا للغاية، حيث يقول: «فأمه هاوية» اي فمأواه جهنم ومسكنه النار، وانما سماها امه لانه يأوي اليها كما يأوي الولد الى امه ولان اصل السكون إلى الامهات، والهاوية من احدى دركات النار، وحارقة جدا، وبعض المفسرين فسروا «فأمه هاوية» ام رأسه يقلب في النار على رأسه، ومع التوجه إلى كلمة هاوية التي اخذت من «هوى»، يصبح معنى الاية التالي: ان العاصي سيهوي به في جهنم على أم رأسه.
والمقصود من «ثقل الموازين» الحسنات الكثيرة، و«خفة الموازين» الحسنات القليلة، اي ان الذي عنده حسنات كثيرة من جهة الكمية والكيفية، ستكون حياته سعيدة ومن اهل الجنة، واذا كانت حسناته قليلة وخفيفة سيكون من اهل النار.
كما اشار امير المؤمنين علي (ع) إلى هذا المطلب في كلام مشروح حيث قال: فمن ثقلت موازينه، وخفت موازينه، فهو قلة الحسنات وكثرتها.
ويؤيد هذا المطلب ايضا اجابة الامام الصادق (ع) عندما سئل: او ليس يوزن الاعمال؟ قال: لا ان الاعمال ليست باجسام وانما هي صفة ما عملوا، وانما يحتاج إلى وزن الشيء من جهل عدد الاشياء، ولايعرف ثقلها وخفتها، وان الله لا يخفى عليه شيء، قال: فما معني الميزان؟ قال: العدل، قالك فما معناه في كتابه فمن ثقلت موازينه؟ قال: فمن رجح عمله.
والشيء الملفت للنظر انه طبقا للروايات ان سر ثقل وخفة الموازين في الآخرة هو ثقل الخير وخفة الشر حيث روي عن الامام الصادق (ع) قال: ان الخير ثقل على اهل الدنيا علي قدر ثقله في موازينهم يوم القيامة، وان الشر خف على اهل الدنيا علي قدر خفته في موازينهم يوم القيامة.
ونظير هذا المطلب روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث قال - في قول الله لآدم يوم القيامة -: قم عند الميزان فانظر مايرفع اليك من اعمالهم، فمن رجح منهم خيره على شره مثقال ذرة فله الجنة، حتى تعلم اني لا ادخل النار منهم إلا ظالما.
الأمين العام للهيئة العالمية للفقه الإسلامي