الموازنة العامة على خط التعقيدات السياسية بعد «النفط والغاز»

«خلوة أغسطس» الحوارية في لبنان محاصَرة بالاستقطاب الداخلي و«الاستعصاء» الخارجي

u0644u0627u0641u062au0629 u0641u064a u0645u0646u0637u0642u0629 u0627u0644u062cu062fu064au062fu0629 u0641u064a u0634u0631u0642 u0628u064au0631u0648u062a u062au062fu0639u0648 u0627u0644u0633u0648u0631u064au064au0646 u0625u0644u0649 u0639u062fu0645 u0627u0644u062eu0631u0648u062c u0644u064au0644u0627u064b  (u0627 u0641 u0628)
لافتة في منطقة الجديدة في شرق بيروت تدعو السوريين إلى عدم الخروج ليلاً (ا ف ب)
تصغير
تكبير
يتّجه المشهد الداخلي في لبنان نحو مرحلةٍ تزداد معها مؤشرات التخبّط الرسمي والسياسي حيال مختلف الاستحقاقات المطروحة بعدما عادت الى الواجهة ملامح تجاذبات سياسية واسعة تنذر بتعطيلٍ إضافي لملفاتٍ أساسية من بينها ملفّ التنقيب عن الغاز والنفط.

واذا كان ملف الانتخابات الرئاسية عاد يطلّ خجولاً مع بعض التحركات والمواقف السياسية البارزة، فإن مصادر وزارية قلّلت عبر «الراي» من أهمية التحركات الداخلية ما دامت لا تحظى بغطاءٍ خارجي، بمعنى ان محاولات حلحلة الأزمة الداخلية لا تزال معزولة عن أيّ بُعد إقليمي او دولي، وأيّ رهان على تحرّك داخلي لن يقدّم او يؤخّر شيئاً في واقع الأزمة الرئاسية.


وأشارت المصادر في هذا الإطار الى ان ما يثير الخشية لدى الكثير من الجهات الداخلية هو بداية ترسيخ انطباعٍ عن امكان ان تسبق الانتخابات النيابية التي ستجرى في الربيع المقبل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو الأمر الذي لفت الى خطورته رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع في حديث تلفزيوني ليل الاثنين وعزا تحركه السياسي المتواصل في شأن الملف الرئاسي الى ضرورة التوصل الى انتخاب رئيس قبل الاستحقاق النيابي المقبل (مايو 2017) وإلا سيغدو خطر الفراغ شاملاً باعتبار ان إجراء الانتخابات النيابية يحتم استقالة الحكومة.

واذ تنتظر الأوساط السياسية ما ستسفر عنه الجولة المقبلة من الحوار الوطني التي ستعقد لثلاثة ايام متعاقبة بدءاً من الثاني من اغسطس المقبل، فان المصادر الوزارية أَبرزت مخاوف أخرى على مصير هذا الحوار الذي يفترض ان يعطي دفعاً للتوافق على قانون الانتخاب الذي يشكّل جزءاً من السلة المتكاملة لحلّ الأزمة الرئاسية جنباً الى جنب مع التفاهم على حكومة العهد المقبلة رئيساً وتوازنات وبياناً وزارياً اضافة الى بنود أخرى، وهو ما تتحفّظ عنه قوى «14 آذار» معتبرة انه بمثابة «حمولة زائدة» في طريق اي إفراج عن الاستحقاق الرئاسي.

ولاحظت المصادر ان بروز الخلافات التي كانت تعتمل بصمت حول ملف النفط والغاز بين رئيس الحكومة تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تَرافق مع ظهور خلافات أخرى على ملف إقرار الموازنة لسنة 2017 الذي قرّره مجلس الوزراء في جلسته اول من امس، معتبرة ان هذين المؤشريْن لا يسهّلان أبداً تَوقُّع مرونة او حلحلة في الأزمة السياسية المتصلة بالفراغ الرئاسي.

وتخشى المصادر نفسها وسط هذه الأجواء الملبدة ان يتمدد التعطيل وعلى الاقل العقم الحاصل على سائر جولات الحوار الوطني وخصوصاً ان هناك تحفظات علنية للكثير من الجهات ولا سيما في قوى «14 آذار» على منطق السلة الكاملة التي يجب ان تسبق التوافق على رئيس الجمهورية. وكان جعجع عبّر بسخرية عن هذا الطرح في حديثه التلفزيوني اذ قال ان الافضل ان يضعوا «سلة تين» على طاولة الحوار.

ويبدو واضحاً ان ثمة توافقا بين جعجع والرئيس سعد الحريري على هذا الأمر، في وقت أعلن النائب وليد جنبلاط تأييده للسلّة، بما يعني ان ليس هناك أرضية تحمل اي تفاؤل بإمكان حصول اختراق في زوايا الأزمة من مختلف جوانبها.

وتقول المصادر انها تراقب ما ستؤول اليه معالم الخلاف الجديد على ملف النفط والغاز الذي يُحدِث واقعاً متأزماً جديداً وهذه المرة بين رئاستيْ البرلمان والحكومة لأن من شأنه التأثير السلبي الاضافي على مجمل المناخ المسدود سياسياً. وهو الأمر الذي دفع بالبعض الى التخوّف على جولة الحوار المقبلة ولو ان أيّ مؤشرات جدية حيال إمكان تأجيلها لم تبرز بعد.

وكان ملف الموازنة دخل على خط التعقيدات وقفز الى واجهة الاهتمام في ضوء مداولات جلسة مجلس الوزراء اول من امس والتي كرّست أهمية إنجاز الموازنة وتضمينها الرؤية المالية والاقتصادية لمواكبة التحديات المتزايدة على هذا الصعيد والتي حذّر منها وزير المال علي حسن خليل، وسط شكوك عميقة في إمكان تفكيك «أم العقد» التي حالت في الأعوام العشرة الاخيرة دون إقرار الموازنات والمتمثّلة في إنجاز قطع حسابٍ، وهي العقدة التي يستخدمها فريق «8 آذار» لـ «إطلاق النار» السياسي على تيار «المستقبل» وتحديداً الرئيس فؤاد السنيورة في ما بات يُعرف بملف الـ 11 مليار دولار التي تمّ صرفها (من خارج القاعدة الاثني عشرية) خلال فترة ترؤسه الحكومة ولا سيما بين 2006 و 2009 والتي تخطت سقف إنفاق موازنة 2005، علماً ان نفس آلية الصرف كانت اعتُمدت بعدها في حكومتي الرئيسي سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي (الأخير أنفقت حكومته لوحدها أكثر مما صُرف في حكومات السنيورة).

وفيما لم تستبعد بعض الدوائر إمكان البحث في إرجاء بتّ قطع حساب موازنة 2015 إلى ما بعد إقرار موازنة الـ2017 لايجاد آلية لتشريع مجمل ما تم صرفه منذ 2006، برز منحى ضاغط في اتجاه إقرار الموازنة عبّر عنه تطوران: الاول جسّ نبض حيال امكان البدء بإعداد مشروع الموازنة لإقراره وإرساله إلى البرلمان قبل بدء الدورة العادية في اكتوبر المقبل، وإذا لم يتمكّن البرلمان من إقراره بسبب الخلاف السياسي على عقد الجلسات التشريعية، فحينها يحقّ لمجلس الوزراء وفق المادة 86 من الدستور أن يُقرّ مشروع الموازنة بمرسوم. والثاني ما كشفه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس عن اتجاه جدي لدى مجموعة من الوزراء الى الامتناع عن حضور جلسات الحكومة اذا لم تقرّ الموازنة، لافتاً الى مثل هذا الاجراء سيعطل نصاب الجلسات ومن شأنه ان يضغط سلباً للوصول الى نتيجة ايجابية الا وهي إقرار الموازنة قبل (انتخاب) الرئيس، موضحاً في الوقت نفسه انه «اذا تمت التسوية في الكويت حول الموضوع اليمني، فهذا سيعني ان التسوية تمت بين ايران والسعودية، وسيترجم ذلك بحثاً جدياً عن حلّ للأزمة في لبنان».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي