لمن نعتذر؟

أسد فولادكار: بعد عائلتي اعتذر من تلاميذي / 27

تصغير
تكبير
| بيروت - من محمد حسن حجازي |
دائما نطرح على انفسنا السؤال: من يستحق ان نعتذر له؟ وعلى هذا الاساس الاجابة ستكون ... ذلك الشخص الذي يتميز بالاخلاق الحميدة، او القريب من الوجدان والقلب، وذلك الذي لا يمكن ان نعيش الحياة، وهو غاضب منا، سواء احد افراد الاسرة، او صديق.
واقتربنا من خلال فصول «لمن نعتذر؟» من حياة الفنانين والمشاهير، كي نتعرف على هذا الشخص الذي يتقدمون بكل رحابة صدر وحب كي يعتذرون له، او الاسباب التي تدفعهم في بعض الاحيان إلى الاعتذار عن خطأ وقعوا فيه.
«لمن نعتذر؟» ... فصول نتعرف من خلالها على المقربين من الفنانين، والاسباب التي تدفعهم للمبادرة في الاعتذار.
«أسهل شيء في حياتي هو الاعتذار، لأنني حين اشعر بأنني اخطأت مع شخص اسارع الى طلب السماح فأنا لا احب ان يبقى بيني وبين احد اي نوع من سوء التفاهم».
وما دام الأمر كذلك مع المخرج اسد فولادكار المقيم منذ فترة في القاهرة ينجز تصوير عدة اجزاء من حلقات «راجل و6 ستات» مع اشرف عبد الباقي، فان هذا يُسهّل الامر لكي يقول اكثر عن قناعاته الشخصية والفنية خصوصاً فيما يتعلق بطريقة عمله ومن يعمل معهم لذا لم يفاجئنا جوابه عندما سألناه لمن تعتذر، فضحك ولم يفكر كثيراً، وقال:
- ممكن ان اقول اعتذر لعائلتي لان العمل اخذني منهم طوال الفترة الماضية، لكن هذا امر تحصيل حاصل انا بصراحة سأعتذر من طلابي الذين تركتهم في الجامعة اللبنانية الاميركية (LAU) واضطررت للسفر الى مصر والعمل في هذا المشروع، اضافة الى مشاريع اخرى حاضرة لوقت لاحق.
• هل من رباط قوي مع تلاميذك الى هذا الحد؟
- طبعاً. وانا احب هذا التواصل، لقد تعودنا معاً ان نلتقي ونتبادل الافكار ونناقش قضايا سينمائية وفنية ثم نشاهد افلاماً ونناقش اخرى، ونطرح نظريات نعم. كنا بكل بساطة في ورشة لا تهدأ.
• أيعني هذا انك ذهبت الى المقلب الآخر من الحضور الى العملي؟
- لا اقول ذلك، لكنني حالياً ملتزم بهذا المناخ العملي وعندما يناديك العمل يفترض بك ان تكون جاهزاً، وهذا ما افعله.
• الا تجد انك مضطر للاعتذار من المناخ الاكاديمي؟
- لكل جانب في الحياة نكهته الخاصة، لقد درّست كثيراً وقدمت عصارة ما عندي ولم اتوان عن تقديم كل ما اعرفه لتلاميذي، وأحببت هذا الجانب من حياتي، الجانب الاكاديمي، ويعز عليّ ان ابتعد عنه، فكيف بالابتعاد كثيراً.
• ها انت تعمل مع فريق مصري بالكامل، هي تجربة جديدة؟
- الآن لم تعد كذلك ابداً، المناخ في الاستوديوهات المصرية بات مفهوماً معلوماً وأدرك كامل تفاصيله.
• هل تعود الى الفنانين اللبنانيين؟
- لقد عملنا معاً في افلام وحلقات تلفزيونية وانا مشتاق اليهم، لكن السؤال الى متى تظل الصورة هكذا لا اعلم. انا جاهز تماماً كعادتي لكنني لا اعرف ظروف ارتباطاتي كيف ستكون في الفترة المقبلة. فأنا في مرحلة صياغة حضوري العملي حالياً، تمهيداً لرسم خطة تحرك للمرحلة اللاحقة.
• كأنك اخذت اجازة من السينما؟
- لن اعتذر من السينما لأنها موجودة في رأسي وقلبي وقريباً اعود اليها بعد التلفزيون وفي فيلم كوميدي مصري نحضر له حالياً، لقد اشتقت للسينما، وما ارجوه ان نقدم تجربة متميزة جداً في هذا الاطار.
• ما الذي يربطك حالياً بالشاشتين، هل من قضية تجدها اكثر حضوراً؟
- طبعاً، لكن ليس من واحدة محددة، بل اي قضية تكون ذات قيمة ووزن. اميل الى الانسان وأتحمس له واعتبر ان الدنيا غير قادرة على الاستمرار مع الظلم مثلاً.
• هل سبق ان ظلمت احداً؟
- ربما، لكن ليس بشكل مقصود. انا مثلاً اظلم عائلتي عندما اغيب عدة اشهر عنها، لكن العائلة تدرك ان نجاحي وارتباطي الكبير بعملي هو نجاح لها ايضاً. هذا يجعل الامور اكثر وضوحاً.
• ومن تناولتهم في اي عمل فني؟ مثلاً في لما حكيت مريم؟
- شوف، السينمائي او الفنان عموماً لا يتعمد الاساءة عادة لأي شخص، فعندما يقدم عملاً ذا قيمة فهو يعتمد مثلاً على احداث يعرفها جيداً لكنه من خلالها يريد ان يقول رسالة. نعم بطلة فيلمي شابة موجودة، لكنني اشتغلت عليها كسينمائي وأردت من خلال الفيلم ان اوجه رسالة الى كل المجتمع باسم النساء. فهل من اروع من هذه الخدمة المتميزة في الحياة التي نحياها. يعني لا اعتذار.
• حين صياغة اي سيناريو للتصوير ما الذي يكون في ذهنك اولاً؟
- اولاً انا انقطع عن محيطي وأذهب بأفكاري في اتجاه واحد رسمته لنفسي واعتبرته دائماً نمطاً له قيمة وثقلا خاصا. وهنا تصبح الافكار هي مالكة اللعبة. ولست انا. تأخذني الى حيث تريد وأصير هنا منفذاً، فلا تتصور كم هي لعبة رائعة ان تحملك الافكار الى حيث هي تريد.
• الا تخونها احياناً؟
- يحصل.
• لماذا؟
- لانني انسان عندي مليون قصة في رأسي، وأخطئ. لكن كيف تحصل الخيانة؟ تحصل حين اقطع حبل الافكار ولا اتركها تنفلت على مداها. وأحياناً يكون رائعاً ان تذهب هي الى حيث تستطيع لأنها تعطيني افضل ما عندها وهذا ما اريده، واذا كنت تتحدث عن اعتذار فهنا مثلاً اشعر بالذنب تجاه نفسي فأعتذر منها.
• اي صراحة تعتمدها في حياتك؟
- اكون انا. لا اجامل ابداً وأكثر ما احبه في نفسي هو التصالح مع الذات.
• وتحب نفسك؟
- جداً، أليست نفسي، لكنني وهذا واقع اتعرف على اناس لا يحبون شيئاً في حياتهم حتى انفسهم وحين تسألهم لماذا يعطون اجابات سطحية تؤكد ان نفوسهم ضعيفة جبانة لا تُحبّ.
• وأكثر من تحبه؟
- عائلتي. زوجتي وأولادي، حياتي، يعني انا وهم. نعيش تكاملاً وتداخلاً وتوازناً يصعب فصمه او تجاوزه او التقليل من قيمته، وأدّعي انني اعيش من اجلهم وأعمل من اجلهم لكن المساحة الوحيدة المتاحة لي ويحبونها هي حبي لعملي، انا اعشق ما اقوم به وعندي اندفاع غير طبيعي له.
• واذا اردت في الختام تقييماً حكيماً منطقياً لواقعك ماذا تقول؟
- اعطيت نفسي ومن حولي اهم ما في الحياة: الاستقرار. لا احد يقدر على ذلك الا الواثق بنفسه وقدراته. وهذه حقيقة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي