تطرقنا في مقال سابق إلى قضية الفساد في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، وحينما يصل الأمر إلى فساد إداري وتضارب مصالح بشكل حاد يصبح الأمر نكسة في العملية الإدارية.
إن اعتصام التطبيقي كشف النكسة الإدارية والقيادية التي تعاني منها الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، والأمر بلغ حد الاعتصام بعد أن فقدت نقابة التعليم التطبيقي والتدريب آمالها في إدارة الهيئة ومجلس الخدمة المدنية، حسب قول أمين سر النقابة الأخ الفاضل فنيس العجمي.
فنيس العجمي، أمين سر نقابة العاملين في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، سلك جميع الطرق المؤدية إلى كشف التجاوزات والفساد الذي اشتهرت فيه الهيئة وعلى يد نائب المدير العام والمحاسب المستشار الذي ذكرنا «خمطة» بسيطة من تجاوزاتهم... وما خفي أعظم!
الأمر عرض على الوزيرة الصبيح ومدير عام الهيئة الدكتور يعقوب الرفاعي وكذلك مجلس الخدمة المدنية بالنسبة إلى كادر الإداريين.... ولم تجد النقابة أذناً صاغية!
إن أي خلل في التعامل مع الحقوق المستحقة من منظور عادل ويتبعه تجاهل للمطالبات فلا شك أنه سيفرز حالاً من التوتر لغير المعنيين بالأمر المطالبين بإعادة الحقوق لأصحابها في وقت تربع على عرشه المفسدين في الهيئة... وهذا السلوك السلبي ينشر حالة الإحباط ويقلل من مستوى الإنتاجية كون العلاقة بين الأمان الوظيفي والاستقرار الذهني للعامل والإنتاجية متأصلة وطردية!
إن ما لفت انتباهنا في الاعتصام الذي يعتبر الشعرة التي قصمت ظهر البعير في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بعض العبارات التي وردت في شعارات رفعها المعتصمون وهي: «مستشار الفساد» و «أين مبدأ المساواة يا رئيس الديوان». فماذا يريد ديوان الخدمة المدنية من تعطيل كادر الإداريين؟ وماذا حصل مع المستشار؟
إذا كان الفساد قد بدأ من سلوك أفراد واستمر في إفساد العملية التشغيلية في المؤسسة فإن المؤسسة ستصبح مؤسسة فساد ولن تكون هناك عدالة إلا إذا؟
يقول النائب مسلم البراك الذي تحدث في الاعتصام: «إنه سيتواجد في كل اعتصام أو إضراب لتحقيق مطالب الطبقة العاملة» وزاد: «إن ديوان الخدمة المدنية اجتمع بالأمس ولم يترك كلمة لم يقلها في قضية الخمسين ديناراً بدل غلاء المعيشة».
هذا القول ليس بغريب على النائب بوحمود فمساهماته في مساندة الحقوق وكشف أوجه الفساد معلومة ومشهود لها، وقد يعتبر البعض من لديه حساسية مفرطة إزاء دستورية النقد البناء أن مواقف البراك تأزيمية، وهو ما يتفاخر به النائب البراك. فحكاية الخمسين ديناراً موضوعها غريب وزيادة على إنها لم تكن عادلة في التطبيق ويفترض أن تضاف إلى الـ120 ديناراً لجميع المواطنين، فإننا نستغرب عدم صرفها من قبل الحكومة الإلكترونية.
الإخفاقات المتتالية تدل على وجود قيادات تبحث عن توفير أرضية للتأزيم، وليس النواب كما يدعي البعض والأوضاع القائمة تؤكد حقيقة الموقف ومازلنا نتذكر الأخذ برأي البنك الدولي في شأن الكوادر ورفض الحكومة تقريره عن «المصفاة الرابعة».
الغرابة في الأمر أن العاقل يستطيع تمييز الأحداث ومسبباتها، ولكن أين العاقل من صاحب القرار كي يوقف بحزم في وجه المفسدين في قطاعات الدولة بشقيها العام والخاص.
إن الحديث يطول في شأن طبيعة الفساد الإداري، وأي تأخير في محاربة الفساد سيجعل حال الفساد هي السائدة ويأخذ بها الضعفاء كعرف لسلوكهم. ورغم سوء الأوضاع إلا إننا نؤمن بأنه لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف... والله المستعان!
تركي العازمي
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]