هل تنجح الشفافية في سوق اعتاد «العشوائية»؟

تصغير
تكبير
«الهيئة» مطالبة بالمرونة في التعامل مع الشركات

الفارس: كلفة المكتب الاستشاري تتراوح بين 50 و80 ألف دينار

البنوك وشركات الاستثمار لن تواجه مشكلة في الالتزام
رويترز - وصل قطار الحوكمة أخيراً إلى بورصة الكويت بعد انتظار دام 6 سنوات، منذ إقرار هيئة أسواق المال قواعد حوكمة الشركات لنشر قيم الشفافية في سوق، اعتاد المتعاملون فيه العمل بعشوائية ودون الالتزام بكثير من القواعد، التي تضبط الحركة وتحافظ على حقوق صغار المستثمرين.

ويأتي تطبيق هذه القواعد، التي أصبحت واجبة النفاذ اعتباراً من أول الشهر الجاري، وسط آمال بأن تساهم في تعزيز الثقة في البورصة، المثخنة بالجراح منذ اندلاع الأزمة المالية العالمية في 2008.


وخلال الأشهر الأخيرة، استنفرت الشركات التي تعاني من تواضع الأرباح أو حتى تسجيل خسائر، كثيراً من طاقاتها البشرية وطواقمها المالية والإدارية، كما استعانت بالعديد من الجهات الاستشارية للوفاء بمتطلبات الحوكمة، رغم إجراءاتها المعقدة وكلفتها العالية.

وبعد إقرار قانون تطبيق الحوكمة في 2010، أصدرت هيئة أسواق المال القواعد التنفيذية لنظام الحوكمة في عام 2013. لكن من خلال مهلة تلو الأخرى، جرى تأجيل تطبيق الحوكمة إلى منتصف عام 2016، من أجل إتاحة الفرصة أمام الشركات لترتيب أوضاعها الداخلية.

وتتضمن هذه القواعد عدداً من الإجراءات لضمان تطبيق «أفضل الممارسات، في شأن الأساليب الإدارية الحديثة والالتزام بأخلاقيات وقواعد السلوك المهني الرشيد»، ومنها تعيين عضو مستقل في مجلس إدارة الشركة المساهمة، وإلزام الشركات بتعيين مسؤولين لإدارة المخاطر والتدقيق الداخلي.

وقال مصدر في هيئة أسواق المال، إنه يتوقع التزام جميع الشركات بقواعد الحوكمة، مستشهداً بمؤشرين، الأول مستوى حضور وتفاعل ممثلي الشركات في الورش التدريبية، التي أقامتها الهيئة للشركات المعنية لتدريبهم على تطبيق قواعد الحوكمة.

والمؤشر الثاني، هو أن جميع الشركات التزمت بتعليمات الهيئة بعدم استقبال أي معاملات ورقية، والتعامل فقط إلكترونياً من خلال بوابة الهيئة، مبيناً أن جميع الشركات التزمت بالتسجيل في البوابة، وهو ما يشير إلى حرصها على التجاوب مع التعليمات.

ورغم تأكيد المصدر، أن «الهيئة» ستطبق القانون على غير الملتزمين بقواعد الحوكمة، إلا أنه أوضح أن تطبيق هذه القواعد هو أمر جديد، ولابد أن يكون هناك «بعض المرونة» من قبل الهيئة في التعامل مع الشركات.

الفارس

من جهته، يقول رئيس جمعية المحاسبين والمراجعين الكويتية، أحمد الفارس، إن الشركات «ليس لديها حجة» في عدم الالتزام، لأن الهيئة منحتها أكثر من مهلة، كما أن قواعد الحوكمة ذاتها تم تعديلها وتخفيفها.

ويرى أن شركات الخدمات والشركات الصناعية والعقارية، لاسيما الصغيرة ستكون أقل التزاماً، «لأنها تعمل منذ فترة طويلة بلا رقيب»، على عكس البنوك وشركات التمويل والاستثمار وشركات الاتصالات.

ويقول خبراء، إن البنوك الكويتية سواء كانت تقليدية أو إسلامية، بالإضافة إلى شركات الاستثمار، لن تواجه مشكلة في الالتزام بهذه القواعد، نظرا لأنها تطبقها بالفعل، بحكم خضوعها لتعليمات بنك الكويت المركزي، في حين ستواجه شركات أخرى تحدياً حقيقياً، بحكم صغر حجمها، وحداثة خبرتها بهذه القواعد.

بدوره، يعتقد مدير المجموعة المحاسبية في شركة الصالحية العقارية، محمد المصيبيح، أن «غالبية الشركات» لن تلتزم بتطبيق القواعد في موعدها، معتبراً أنها لم تأخذ الأمر على «محمل الجد»، قائلاً «أظن أن هيئة أسواق المال ستتسامح في هذا الموضوع، وستعطيهم مجالا أكبر وتمدد لهم المهلة».

أما مؤلف كتاب «النظام القانوني لأسواق المال والهيئة»، المحامي بدر الملا، فقد طالب بعدم التعامل بالمنطق «المتشدد» مع الشركات والتركيز في المقابل على هدف تطبيق قواعد الحوكمة، لا على معاقبة الشركات.

وقال «إذا كانت الهيئة ستتعامل بالمنطق المتشدد مع الشركات، فستحيلها إلى مجلس التأديب، وهذا أمر أعتقد أنه ليس سليما ... لماذا نتصيد الأخطاء بدلا من أن نحاول تقييم الشركات والأشخاص المرخص لهم».

وتتطلب إجراءات الحوكمة، تعيين كوادر مهنية على درجة عالية من الخبرة والكفاءة، وإنشاء بعض الإدارات الجديدة، مثل إدارات المخاطر، الالتزام والتدقيق الداخلي، علاقات المستثمرين، مكافحة غسيل الأموال في بعض الشركات، والرقابة الشرعية في الشركات الإسلامية.

واعتبر الفارس، أن التقصير في التطبيق، يمكن أن يأتي من المكاتب التي ستعينها هذه الشركات الصغيرة، كمستشارين لتطبيق قواعد الحوكمة.

وأوضح أن كلفة المكتب الاستشاري، الذي يضع الاطار العام للحوكمة، قد تتراوح بين 50 و80 ألف دينار، وهو مبلغ قد تعجز عنه بعض الشركات الصغيرة، كما أن تطبيق الحوكمة بعد ذلك سيحتاج كلفة مالية إضافية.

وتشكو الشركات من أن تطبيق هذه القواعد، بما ينطوي عليه من إنشاء إدارات جديدة وتعيين موظفين جدد، واجتماعات دورية لأعضاء مجلس الإدارة وبعض اللجان، سيكلفها مزيداً من الأموال، التي تبدأ بنحو 100 ألف دينار سنويا للشركة الصغيرة، وترتفع مع الشركات الكبيرة بالتناسب مع حجم الشركة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي