حسين الراوي / أبعاد السطور / هذا الرجل

تصغير
تكبير
لا أحب أن أمتدح أحداً لا عبر قلمي ولا عبر لساني، لأن عندي قناعة مطلقة في هذا الأمر لا يساورها شك، وقناعتي في هذا الأمر أصيلة كفقر أهل دارفور، وصلبة كأهل نجران، وراسخة كأهل الشام، وطيبة كأهل اليمن، وهي أن الإنسان لا يملك إلا أن يكون جميلاً، ولابد أن يصل إلى درجة الجمال قسراً لا خياراً، ولأن المديح والإطراء ليسا إلا تحصيل حاصل في جيوب أهل الإخلاص والتفاني ممن يُراد مدحهم وإطراؤهم. لكن من يمنحك الجمال لابد أن تمنحه الجمال، ومن يتقد نشاطاً ويشتعل كالشمعة عملاً ويحترق تعباً ليضيء عتمة دروب الآخرين لابد أن نلتفت إليه بعين الاحترام والإجلال والإكرام والتقدير ونكتب عنه ونتحدث، خصوصاً إن كان هذا الإنسان زاهداً بالتفاتات العيون البشرية كلها، وزاهداً بالإعلام وأضوائه المغرية التي يسيل عليها لعاب الكثيرين من المسؤولين، وزاهداً بالتلميع والتطبيل والتصفيق والتزمير الذي يدوخ بحثاً عنه الكثير من المسؤولين.
الدكتور فهد الوردان، مدير إدارة الحضانة العائلية، من الرجال المخلصين والشرفاء في نهجهم العملي والإصلاحي، إذ استطاع بكل قوة وثقة أن يجعل إدارة الحضانة العائلية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كالقمر الدُري في ليل البادية الحالك بين إدارات مختلفة عدة ومتعددة في قطاع الرعاية الاجتماعية، واستطاع بحنكته الفطرية وعلميته المتينة وخبرته الطويلة أن يسمو ويرتقي بدار الأطفال التابعة لإدارته إلى أجمل النتائج والمتغيرات المثمرة، فأسس هذا الرجل جيلاً جديداً من الأبناء اليتامى بأخلاق حميدة وصفات طيبة، يختلفون عن سابقيهم من إخوانهم نزلاء الدار بشكل ملحوظ تُحدثنا عنه التقارير والنتائج والإحصائيات الكثيرة التي عكف عليها أساتذة مختصون في مجال التربية الاجتماعية والنفسية والدينية.
أبو مساعد الدكتور فهد الوردان كثيراً ما كان يوّجه الأبناء اليتامى للدين والعِلم بقلب المُربي المصلح، وكثيراً ما كان يُذلل أمامهم الصعوبات التي تواجههم بقلب الأب الرحيم، وكثيراً ما كان يمسح على رؤوسهم ويتفقدهم ولو عبر الهاتف بقلب المسؤول الحريص، هذا كله تشعب واتساع إدارته وما يتبع لها من فروع مختلفة، ورغم كونه رب أُسرة لها عليه حقوق وواجبات. ولأن للنجاح أعداء ولأن النفيس غريب حيثما كان، ولأن النخلة ذات الطلع النضيد تشد الأبصار إليها، كثيراً هم الذين يحاربون هذا الرجل، لمصالح شخصية بحتة، وبكل صلابة لم يرضَ شموخ جبين الدكتور الوردان أن ينحني أمام المتنفذين ويجاري موت ضمائرهم، ولو سطروا أمامه ألواناً كثيراً براقة من المغريات التي يلين أمامها بعض المسؤولين من ضعاف النفوس.
كم تمنيت أن يكون عندنا الكثيرون من شخصية الدكتور فهد في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كي نواجه بهم الفساد المستشري في جسد الوزارة، ولكي ينهضوا بها من الحضيض إلى السماء، ولكي يوضع الموظف المناسب في المكان المناسب، ولكي نتقدم ونتطوّر بأجمل النتائج، ولكي نوقف حنفيات الاختلاسات المنهمرة هنا وهناك، ولكي نطهر أروقة الوزارة كافة من مبدأ «شيلني وشيلك»، ولكي نجد عندنا رجالاً أفذاذاً شجعاناً لا يخافون في الله والحق لومة أو ضغوطاً أي مسؤول يحاول أن يرهبهم بصلاحياته ونفوذه.
حسين الراوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي