هل يدفع «المركز الماروني الثاني» ثمن الفراغ في «الموقع الماروني الأول»؟

لبنان مرشّحٌ لاشتباك سياسي حول «التفاهم النفطي» بين بري وعون

تصغير
تكبير
انحسار الموجة الدعائية بارتفاع حظوظ عون الرئاسية
فيما يفرغ المشهد السياسي في لبنان طوال الأسبوع الجاري من أيّ تحركات رسمية وسياسية بفعل العطلة الطويلة لعيد الفطر ونهاية الأسبوع، تبدو الأجندة الداخلية أمام الملفات التي ستعود الى واجهة التداول بعد العطلة مثقلةً بالمراوحة والتجاذبات الحادة التي زاد من تَفاقُمها الهاجس الأمني المتصاعد.

ذلك ان فتْح ملف النفط والغاز في شكل مفاجئ الاسبوع الماضي عبر الاتفاق الذي أُعلن بين رئيس مجلس النواب نبيه بري بصفته رئيساً لحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» الذي يتزعّمه العماد ميشال عون لم يَسقُط برداً وسلاماً على غالبية القوى الأخرى التي تتهيّأ لإثارة شكوكها او تحفّظاتها لدى إدراج هذا الملف على اللجنة الوزارية المختصة بهذا الملف تمهيداً لإعادة طرْحه على مجلس الوزراء من أجل وضْع المراسيم التطبيقية موضع التنفيذ بعد إحالة مشروع قانونٍ ضريبي متّصل بالملف على مجلس النواب.


وقالت مصادر وزارية متحفظة عن اتفاق بري والفريق العوني لـ «الراي» امس ان أحداً لن يعارض إطلاق الرحلة الطويلة الشائكة لهذا الملف الحيوي الذي اتّخذ مساره منذ ثلاث سنوات وبقي طيّ التجميد حتى الآن بفعل الخلافات والتجاذبات وطغيان الأزمة الرئاسية على مجمل الواقع الداخلي. ولكن في الوقت نفسه فإن ثمة شكوكاً كبيرة أثيرت الأسبوع الماضي ولا تزال تتصاعد في ظل الوقائع الملتبسة التي رافقت التفاهم المفاجئ بين رئيس البرلمان و«التيار الحر» وكان من بينها ما بدأ يتكشف من تحضيرات واتصالات ومحادثات ذات طابع خارجي تولاها الفريقان كلٌّ من جهته بمعزل عن الحكومة او الوزارات المعنية الأخرى، وكأن الملف ملك الفريقين وحدهما او كأنهما وضعا اليد عليه وهو أمرٌ لن يمرّ بسهولة.

وتلفت المصادر الى ان التصريحات العلنية التي أدلى بها الرئيس بري عن تَواصُله مع الجانب الأميركي في ملف النفط والغاز والتي واكبتْها معلومات عن إثارة وزير المال علي حسن خليل، وهو الوزير الأوثق صلة ببري، هذا الملف ايضاً مع الجانب الروسي لم تترك ارتياحاً ابداً لدى الجهات المتحفظة عن اختزال مثل هذا الموضوع الحيوي بيد فريق او اثنين.

وتعتقد المصادر ان هذا الملف سيشكل تالياً طليعة تجاذبات جديدة بعد عطلة الفطر من شأنها ان تضع الحكومة كلاً أمام اختبارٍ صعبٍ اضافي، علماً ان ثمة مَن يهمس بأن رئيس الحكومة تمام سلام نفسه لا ينظر الى مجريات ما حصل نظرة ارتياح ولو انه يمتنع عن الإدلاء بأيّ موقف استباقي لطرح الأمر على مجلس الوزراء.

وثمة عنوان آخر بدأ يتسلل الى أجندة الملفات الخلافية المحتملة يتمثّل بطرح الاحتمالات المبكرة نوعاً ما لموضوع التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي قبل نحو ثلاثة أشهر من نهاية مدة خدمته الممدَّدة والتي تنتهي في آخر شهر سبتمبر المقبل. اذ تلفت المصادر الوزارية الى ان طرْح الملف مبكراً سواء في بعض الاعلام الموالي لقوى 8 آذار او من خلال بعض الاتصالات التي تهدف الى جس نبض الأفرقاء المعنيين بالتوصل الى مخرج مبكّر لهذا الموضوع، سيثير بدوره موضوعاً شائكاً في ظل معطياتٍ متناقضة حول التمديد المحتمل للعماد قهوجي للمرة الثانية.

وتقول المصادر انه يبدو من الواضح ان الفريق العوني بدأ التمهيد للوقوف ضدّ هذا التمديد كما زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط في وقتٍ يؤيد التمديد زعيم «القوات اللبنانية» سمير جعجع ولا يمانع فيه الرئيس بري ولم تتّضح بعد مواقف قوى أساسية أخرى مثل «تيار المستقبل» و«حزب الله».

واذ ترجح المصادر عدم بلورة المواقف النهائية من التمديد لقهوجي او تعيين قائد جديد للجيش قبل شهر على الأقل، فإنها تلفت الى ان العوامل الضاغطة على المستوى الأمني والعسكري تبدو في مجملها لمصلحة التمديد لقائد الجيش وتجنب المحاذير التي قد تنشأ عن خلاف حكومي وسياسي على ملء هذا المنصب الحساس الاساسي خصوصاً وسط الأزمة الرئاسية التي لا تسمح بالمغامرة بمصير المنصب الماروني الثاني الأساسي في الدولة.

وتمضي المصادر نفسها انطلاقاً من هذين الملفين السابقين الى إبداء خشيتها من ان يكون المناخ السياسي متجهاً نحو تفاقم واسع في التباينات والخلافات التي ستمعن في تَعثُّر الحكومة بالدرجة الأولى وخصوصاً ان مجمل ما تجمّع عن التحركات السياسية الأخيرة في ملف الأزمة الرئاسية انتهى الى الدوران في الحلقة المفرغة ولم يؤد الى إحداث أيّ تبديل في المشهد المأزوم.

واذا كانت بعض الجهات الدائرة في فلك «8 آذار» والفريق العوني تحديداً قد عادت الى نغمة الرهانات على مواعيد زمنية قريبة موحيةً باتساع فرص انتخاب العماد عون، فان كل ذلك لم يخرج في رأي المصادر عن إطار التعامل الدعائي العقيم الذي لم يعد يحجب عقم هذا النوع من التعامل مع التطورات المتعلّقة بالملف الرئاسي بدليل انحسار هذه الموجة الدعائية تدريجاً في الأيام الأخيرة وخصوصاً بعد استقبال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للرئيس سعد الحريري الذي شكّل رسالة غير سارة لخصوم الحريري الداخليين وبرّد ايضاً رهانات المراهنين على تَراجُع الحريري عن موقفه من ترشيح النائب سليمان فرنجية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي