الاختلاف مازال قائماً في إثبات رؤيته بين الرؤية المجردة أو استخدام الأجهزة والحسابات الفلكية

هلال شوّال بين العين والتلسكوب... جدل يتجدد بلا أمل في اتفاق

تصغير
تكبير
عجيل النشمي: إذا قال العلماء إن الهلال لم يولد وأكد شهود عدول رؤيته يُقدّم العلم وتُردّ شهادة من رأى

بدر الرخيص: الرؤية تكون من أهل الاختصاص ولدينا مراصد وحسابات دقيقة لا تخطئ منازل القمر

فلاح السعيدي: الحسابات الفلكية لا نعرفها لكن نعرف أن نرى الهلال وحديث «... وأفطروا لرؤيته»
في ظاهرة سنوية تتجدد مع قدوم شهر رمضان المبارك ومغادرته، يتجدد النقاش حول اعتماد ثبوت رؤية الهلال بالعين المجردة أو باستخدام أجهزة الرصد الحديثة والحسابات الفلكية، دون الوصول إلى نتيجة، مع تباين آراء الفقهاء ورجال الدين في اعتماد هذه الطريقة أو تلك.

«الراي» من جهتها فتحت باب النقاش مع تلمس هلال شهر شوال، فكان الاختلاف في وجهات النظر بين علماء الشريعة، ففيما رأى بعضهم بدورهم انه «اذا أكدت الحسابات الفلكية ان الهلال لم يولد، فلا عبرة في هذه الحالة برؤية الشهود»، فيما ارتأى آخرون ان «العبرة بما تراه العين المجردة وليس الحسابات الفلكية».


عضو هيئة الفتوى في وزارة الأوقاف رئيس رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي الأستاذ الدكتور عجيل النشمي قال ان «الأصل في استطلاع الهلال هو الرؤية البصرية وبعض الدول أخذت بالرؤية المجهرية والبعض الآخر أخذ بالحساب وكلها تؤدي للحكم الشرعي وكلها تتفق في ان الهلال لا يرى إلا بعد ولادته».

وتابع في تصريح لـ«لراي» أنه «إذا قال علماء الفلك ان الهلال لم يولد وجاء شهود عدول وقالوا رأينا الهلال، فهنا يقدم العلم وتردّ شهادة من قال انه رأى الهلال، وبالتالي فعند تعارض الحسابات الفلكية مع شهادة العدول في ولادة الهلال يؤخذ بالحسابات الفلكية، ونتمنى ألا يختلف المسلمون في رؤية هلال شوال كما لم يختلف أغلبهم في رؤية هلال رمضان، ونحن هنا في الكويت نعتمد على الرؤية البصرية».

وعما ينادي به البعض حول اتفاق المسلمين على آلية محددة حتى يكون عيد المسلمين واحدا في جميع أرجاء البلاد الإسلامية، أجاب «هذا ما نتمناه، وهذه القضية سبق وتم طرحها في المجامع الفقهية، وكان الاتجاه والقرار الأخذ برأي جمهور الفقهاء من انه لا عبرة باختلاف المطالع فإذا رؤي الهلال في بلد صام المسلمون على رؤيتهم ولكن لا يعد الرأي الآخر وهو أن لكل بلد رؤيته خطأ».

بدوره أكد أستاذ الدراسات الإسلامية الدكتور بدر الرخيص ان «العلماء يحكمون أهل الاختصاص في جميع أمور الفتوى، فهم أهل الذكر وبالتالي اذا قال أهل الفلك مستحيل رؤية الهلال فهذا يعني فعلاً استحالة رؤيته، لأن الله سبحانه وتعالى قال ان للقمر منازل وهناك علماء فلك سخرهم الله عز وجل لهذا الأمر ولا يجوز تجاوزهم».

وعن حديث (صومو لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) أجاب بالقول «هذا توجيه عام، والرؤية تكون من خلال أهل الاختصاص والحساب، لدينا مراصد وحسابات دقيقة لا تكاد تخطئ منازل القمر ومكان وتوقيت مولد الهلال بالثانية».

وأضاف «في حال اذا قال علماء الفلك ان الهلال قد ولد لكن الشهود العدول لم يتسطيعوا رؤيته فعندها نتم الشهر ونكمل عدة رمضان»، لافتاً إلى انه «يجوز الاسترشاد بالمدن المتجاوره». واختتم حديثه بالتأكيد على ان «الرؤية لا بد ان تكون بعد غروب الشمس».

أما أستاذ الشريعة بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية الدكتور فلاح السعيدي، فكان له رأي مختلف، حيث أكد ان «الأصل هو رؤية الشهود، أما الحسابات الفلكية فهي مسألة تقديرات، وهي مختلفة ومتباينة من بلد لآخر أما كلام النبي صلى الله عليه وسلم واحد لم يتغير ولم يتبدل والأصل في الشرع هو طاعة الله ورسوله».

وزاد «الأمور التي تهم المسلمون عامة جعلها الله ميسورة لهم، أما الحسابات الفلكية فلا يعرفها إلا الفلكيون ومع ذلك هم مختلفون في ما بينهم في مسألة حسابات الهلال»، مشدداً على ضرورة «الاعتماد على الرؤية بالعين المجردة وليس الحسابات الفلكية».

ورداً على سؤال حول اذا ما حدث تعارض بين الرؤية بالعين والحسابات الفلكية أجاب «الأصل هو قول النبى صلى الله عليه وسلم ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ) أما الحسابات الفلكية فنحن لا نعرفها لكننا نعرف ان نرى الهلال».

الرأي الشرعي: الرؤية أساس... بالعين أو بالرصد الفلكي

رد الشيخ محمد بن عثيمين على سؤال في شأن رؤية الهلال، في كتاب «فتاوى علماء البلد الحرام» (ص 192، 193) بالقول إن الطريقة الشرعية لثبوت دخول الشهر أن يتراءى الناس الهلال، وينبغي أن يكون ذلك ممن يوثق به في دينه وفي قوة نظره، فإذا رأوه وجب العمل بمقتضى هذا الرؤية ؛ صوماً إن كان الهلال هلال رمضان، وإفطاراً إن كان الهلال هلال شوال.

ولا يجوز اعتماد حساب المراصد الفلكية إذا لم يكن رؤية، فإن كان هناك رؤية ولو عن طريق المراصد الفلكية فإنها معتبرة، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا». أما الحساب فإنه لا يجوز العمل به، ولا الاعتماد عليه.

واضاف أن استعمال ما يسمى «الدربيل» وهو المنظار المقرب في رؤية الهلال فلا بأس به، ولكن ليس بواجب، لأن الظاهر من السنة أن الاعتماد على الرؤية المعتادة لا على غيرها. ولكن لو استعمل فرآه من يوثق به فإنه يعمل بهذه الرؤية. وقد كان الناس قديماً يستعملون ذلك لما كانوا يصعدون «المنائر» في ليلة الثلاثين من شعبان وليلة الثلاثين من رمضان فيتراءونه بواسطة هذا المنظار. على كل حال متى ثبتت رؤيته بأي وسيلة فإنه يجب العمل بمقتضى هذه الرؤية.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي