الدليل الفقهي / الجمع بين صلاتي الجمعة والعصر
زاوية يكتبها الدكتور/ عبدالرؤوف بن محمد بن أحمد الكمالي
الأستاذ المشارك بكلية التربية الأساسية – قسم الدراسات الإسلامية،يقدم من خلالها الأحكام الفقهية لبعض المسائل التي تهم المسلمين.
السؤال:
يقع خلافٌ كبير بين طلبة العلم في حكم الجَمع بين صلاة الجمعة والعصر في المطر، وكذلك في السفر، فنريد توضيح هذه المسألة بشيء من التفصيل.
الجواب:
المسألة مبنيَّةٌ على عدة مسائل، من أهمها: حكم الجمع بين الظهر والعصر – أي: في غير يوم الجمعة – بسبب المطر.
فالمالكية والحنابلة لا يرون الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر، وإنما يرون الجمع بين المغرب والعشاء، وأما الحنفية فلا يرون الجمع بسبب المطر أصلاً، لا بين الظهر والعصر، ولا بين المغرب والعشاء.
وقال الشافعية: يُجمع بين الظهر والعصر كما يُجمع بين المغرب والعشاء. وهو – أيضًا – روايةٌ عند الحنابلة اختارها بعضهم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ومما يرجح مذهب الشافعية في هذا: ما رواه مسلمٌ في «صحيحه»، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «جَمَعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ». قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قال: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. ففي هذا الحديث إشارة إلى أنهم الجمع في المطر.
بقِيت مسألة السؤال: وهي الجمع بين الجمعة والعصر بسبب المطر. ولا بد أن نعلم – أوَّلاً - أنَّ هذه المسألة اجتهاديةٌ؛ لأنه لم يرِدْ فيها نَصٌّ خاصٌّ، وإنما هي أقيسةٌ وتعليلات.
ثم إنه يُعلم من التفصيل السابق: أنَّ هذه المسألة إنما تَرِدُ – في المعتمد من المذاهب الأربعة - عند الشافعية فقط؛ بناءً على أنهم جوَّزوا الجمع في المطر بين الظهر والعصر، وأما المالكية الحنابلة فلا يرون الجمع إلا بين المغرب والعشاء فقط، وأما الحنفية فليس عندهم الجمع بسبب المطر أصلا.
قال الإمام النووي الشافعي – رحمه الله تعالى – في كتابه «المجموع»: «فَرْعٌ: يجوز الجمع بين الجمعة والعصر في المطر. ذكره ابن كج وصاحب»البيان«وآخرون». وهكذا قال في «روضة الطالبين»، وكذا صرح به الخطيب الشربيني في «مغني المحتاج».
وأما الحنابلة فإنما ذكروا مسألة الجمع بين الجمعة والعصر في السفر؛ لأنه لا جمع عندهم – في المذهب - أصلاً بين الظهر والعصر بسبب المطر، لكنهم أشاروا إليها – أيضًا – في المطر؛ بناءً على الوجه الذي يجيز عنهم الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر، وفي كلا الموضعين لم يجيزوا الجمع بين الجمعة والعصر ؛ وعلَّلوه بأن الجمعة صلاة مستقلة، لها شروطها وأركانها وهيئتها وثوابها الخاص، فلا يصح أن تقاس الجمعة على الظهر.
والذي أطمئن له في هذه المسألة: هو قول الشافعية، وهو: جواز الجمع بين الجمعة والعصر بسبب المطر، وفي السفر كذلك ؛ وذلك قياسًا على الجمع بين الظهر والعصر؛ لعدم الفارق بينهما. وأما ما ذُكِر مِن الفارق مِن كون الجمعة صلاةً مستقلة، فهو فارقٌ غيرُ مؤثرٍ في الحكم؛ لأن العلة والحكمة التي من أجلهما جاءت الرخصة بالجمع موجودةٌ في الجمعة مع العصر ولم تنتقض أو تتأثر، فالمطر والحرج متحققان، فليس هناك معنًى واضحٌ لعدم جواز الجمع وللتفريق بين الجمعة والظهر.
ولا يقال: إنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الجمعة والعصر؛ لأنه يُقال: وكذلك لم يُنقل أنه لم يجمع بينهما، والقياس الواضح يقتضيه. ثم إنَّ عدم النقل يكون لعدة أمور: إما لأن شبهه بالجمع بين الظهر والعصر ظاهرٌ فلم يُحتج للتنصيص عليه، وإما لأنه لم تقع حاجةٌ مثلاً للجمع بينهما، وإما أنه قد تُرك لا لعدم الجواز، لكنْ لأنه رخصةٌ، والأخذ بالعزيمة أفضل ولاسيما إذا تباعد وقت الصلاتين، كما هو الحال هنا.
وهكذا الحكم في السفر، في الجمع بين الجمعة والعصر، فالشافعية على الجواز خلافً للحنابلة، والأصح هو قول الحنابلة؛ لعدم الفرق بين الجمعة وغيرها في مسألة رَفْعِ الحرج التي أوضحتُها.
الأستاذ المشارك بكلية التربية الأساسية – قسم الدراسات الإسلامية،يقدم من خلالها الأحكام الفقهية لبعض المسائل التي تهم المسلمين.
السؤال:
يقع خلافٌ كبير بين طلبة العلم في حكم الجَمع بين صلاة الجمعة والعصر في المطر، وكذلك في السفر، فنريد توضيح هذه المسألة بشيء من التفصيل.
الجواب:
المسألة مبنيَّةٌ على عدة مسائل، من أهمها: حكم الجمع بين الظهر والعصر – أي: في غير يوم الجمعة – بسبب المطر.
فالمالكية والحنابلة لا يرون الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر، وإنما يرون الجمع بين المغرب والعشاء، وأما الحنفية فلا يرون الجمع بسبب المطر أصلاً، لا بين الظهر والعصر، ولا بين المغرب والعشاء.
وقال الشافعية: يُجمع بين الظهر والعصر كما يُجمع بين المغرب والعشاء. وهو – أيضًا – روايةٌ عند الحنابلة اختارها بعضهم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
ومما يرجح مذهب الشافعية في هذا: ما رواه مسلمٌ في «صحيحه»، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «جَمَعَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ». قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قال: أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ. ففي هذا الحديث إشارة إلى أنهم الجمع في المطر.
بقِيت مسألة السؤال: وهي الجمع بين الجمعة والعصر بسبب المطر. ولا بد أن نعلم – أوَّلاً - أنَّ هذه المسألة اجتهاديةٌ؛ لأنه لم يرِدْ فيها نَصٌّ خاصٌّ، وإنما هي أقيسةٌ وتعليلات.
ثم إنه يُعلم من التفصيل السابق: أنَّ هذه المسألة إنما تَرِدُ – في المعتمد من المذاهب الأربعة - عند الشافعية فقط؛ بناءً على أنهم جوَّزوا الجمع في المطر بين الظهر والعصر، وأما المالكية الحنابلة فلا يرون الجمع إلا بين المغرب والعشاء فقط، وأما الحنفية فليس عندهم الجمع بسبب المطر أصلا.
قال الإمام النووي الشافعي – رحمه الله تعالى – في كتابه «المجموع»: «فَرْعٌ: يجوز الجمع بين الجمعة والعصر في المطر. ذكره ابن كج وصاحب»البيان«وآخرون». وهكذا قال في «روضة الطالبين»، وكذا صرح به الخطيب الشربيني في «مغني المحتاج».
وأما الحنابلة فإنما ذكروا مسألة الجمع بين الجمعة والعصر في السفر؛ لأنه لا جمع عندهم – في المذهب - أصلاً بين الظهر والعصر بسبب المطر، لكنهم أشاروا إليها – أيضًا – في المطر؛ بناءً على الوجه الذي يجيز عنهم الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر، وفي كلا الموضعين لم يجيزوا الجمع بين الجمعة والعصر ؛ وعلَّلوه بأن الجمعة صلاة مستقلة، لها شروطها وأركانها وهيئتها وثوابها الخاص، فلا يصح أن تقاس الجمعة على الظهر.
والذي أطمئن له في هذه المسألة: هو قول الشافعية، وهو: جواز الجمع بين الجمعة والعصر بسبب المطر، وفي السفر كذلك ؛ وذلك قياسًا على الجمع بين الظهر والعصر؛ لعدم الفارق بينهما. وأما ما ذُكِر مِن الفارق مِن كون الجمعة صلاةً مستقلة، فهو فارقٌ غيرُ مؤثرٍ في الحكم؛ لأن العلة والحكمة التي من أجلهما جاءت الرخصة بالجمع موجودةٌ في الجمعة مع العصر ولم تنتقض أو تتأثر، فالمطر والحرج متحققان، فليس هناك معنًى واضحٌ لعدم جواز الجمع وللتفريق بين الجمعة والظهر.
ولا يقال: إنه لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع بين الجمعة والعصر؛ لأنه يُقال: وكذلك لم يُنقل أنه لم يجمع بينهما، والقياس الواضح يقتضيه. ثم إنَّ عدم النقل يكون لعدة أمور: إما لأن شبهه بالجمع بين الظهر والعصر ظاهرٌ فلم يُحتج للتنصيص عليه، وإما لأنه لم تقع حاجةٌ مثلاً للجمع بينهما، وإما أنه قد تُرك لا لعدم الجواز، لكنْ لأنه رخصةٌ، والأخذ بالعزيمة أفضل ولاسيما إذا تباعد وقت الصلاتين، كما هو الحال هنا.
وهكذا الحكم في السفر، في الجمع بين الجمعة والعصر، فالشافعية على الجواز خلافً للحنابلة، والأصح هو قول الحنابلة؛ لعدم الفرق بين الجمعة وغيرها في مسألة رَفْعِ الحرج التي أوضحتُها.