مسؤولون دوليون وخبراء ناقشوا في بيروت ملف النازحين وإعادة إعمار سورية
قهوجي لـ «الراي»: لبنان غير معني بالتوطين ... وبان كي مون يؤنب أوروبا
رياض قهوجي
منذ انعقاد مؤتمر المانحين في لندن في فبراير الماضي، وُضع ملف إعمار سورية على النار رغم عدم تبيان صورة الحلّ السياسي للأزمة السورية سوى الحديث عن حكومة انتقالية وهدنة تترنح على وقع مجزرة هنا أو هناك، وعمليات قصف يختلط فيها «حابل» موسكو بـ «نابل» واشنطن.
الا ان الواضح ان الأوساط الاقتصادية اقليمياً ودولياً بدأت تتحضر للمرحلة المقبلة، لا سيما وأن القطاعات الخاصة تأمل بتحسن الأوضاع اذا انطلقت «الصافرة»، حتى ان الشركات تعمل سراً وعلانية على التحضير للصفقات الممكنة في مجالات الاعمار والتنمية.
ويتردد ان عدداً من الشركات العالمية درست أوضاع المنطقة واختارت لبنان ليكون مركز انطلاق عملياتها، نظراً لموقعه الجغرافي وانتشار مرافئه على الساحل المتوسطي وقربه من الحدود السورية الذي يوفر على الشركات تكاليف نقل المواد واليد العاملة، اضافة الى الخبرة الكبيرة للشركات اللبنانية والكوادر المهنية في هذا المجال.
وتنشط هذه الأيام في بيروت حركة عقد المؤتمرات الاقتصادية والندوات التي تتناول موضوع إعمار سورية. ويركز الاقتصاديون اللبنانيون على ضرورة فتح الأبواب للشركات الأجنبية لا سيما وان منظمة «الأسكوا» التابعة للأمم المتحدة تروّج للنموذج اللبناني في إعادة الأعمار ما يدفع العديد من الشركات في الخارج الى ربط علاقات وبناء شراكات مع مثيلاتها في لبنان.
وعلى هامش انعقاد «المنتدى الاقليمي لاغاثة اللاجئين وإعادة إعمار سورية» اخيراً في فندق «موفنبيك» في بيروت تحت عنوان: «الدروس المستفادة واستراتيجيات الاستجابة»، تحدّث المدير التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما) رياض قهوجي لـ «الراي»، وقال رداً على سؤال عما اذا كان طرح إعادة إعمار سورية اليوم يعني ان الحل السياسي وُضع على الطريق ان «خطط إعادة الاعمار تحتاج الى سنوات، ولا تطبخ في شهرين او ثلاثة، وبالتالي لا بد من الاستعداد حتى لو لم تنته الحرب، فالحل السياسي وانهاء القتال
شيء والبدء بالإعمار شيء آخر».
ويؤكد «اليوم لا أحد لديه النية لبدء الإعمار في سورية للأسباب المعروفة، فالوضع الأمني لا يسمح بذلك، ولكن لا بد من وضع خطط ودراسات تحدد الأدوار التي يمكن ان تلعبها الأطراف، لا سيما في القطاع الخاص، ومَن هو جاهز ومؤهل للخوض في هذا الأمر، ثم تجهيز السوريين انفسهم في الدول التي نزحوا اليها من اجل ان يعودوا الى بلادهم ويلعبوا دورهم عندما تجهز مرحلة إعادة الاعمار، وهذا ما تمت مناقشته في المؤتمر».
ورداً على سؤال حول كيفية استفادة لبنان من خطط إعادة إعمار سورية لا سيما في وضعيته الحالية، يشير قهوجي الى ان «المؤتمر جمع الجهات التي تستطيع طرح أفكار ومبادرات بهدف تأمين وتوفير خدمات يحتاج اليها اللاجئون، من مياه وشبكات صرف صحي وطبابة وغيرها من الأمور، من دون الضغط على الدولة، وهذا يحصل عبر إشراك القطاع الخاص. كما ان المؤتمر يشجع الجمعيات الاهلية على التواصل مع جهات دولية وشركات
تنتج تكنولوجيا جديدة تستطيع أن تقدم حلولاً للكهرباء والمياه وغيرها من الأمور التي يحتاج اليها النازحون في أماكن تجمعاتهم والتي تخفف العبء على الحكومة، فالهدف كان طرح الخطط التطبيقية والعملانية بعيداً عن المواضيع السياسية والأمنية، ومن أجل البحث في سبل تخفيف العبء والثقل على الدول المضيفة».
وحول ما يثار عن قضية توطين النازحين، يؤكد قهوجي أن «جميع المشاركين في المؤتمر ممّن يمثلون الأطراف الدولية سمعناهم يقولون إن لبنان غير معني كلياً بما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون حول موضوع التوطين والتجنيس، فلبنان ليس معنيا بذلك، كانت الرسالة واضحة للدول الأوروبية التي تمنع دخول اللاجئين إليها وبان كي مون كان يؤنب أوروبا وليس لبنان».
وفي ما يتعلق بالتأثير السلبي لوجود النازحين على الاقتصاد اللبناني ومدى جدية المجتمع الدولي في معالجة هذه المشكلات، يلفت إلى أن «الهيئات الدولية مهتمة وجدية، لكننا نحتاج إلى جدية من قبلنا في طرح الأفكار، اي يجب عدم النظر إلى النازح السوري بنظرة فوقية وعنصرية، بل يجب مقاربة المسألة من الناحية الإنسانية وأن نرى الفرصة التي وراءها، والمليارات التي تأتي الى لبنان والتي يمكن إذا حصل توجيه جيد أن يستفيد منها القطاع الخاص وينعش الاقتصاد اللبناني عبر تأمين الخدمات في المخيمات وتشغيل اليد العاملة. وهؤلاء النازحون يدركون أن وجودهم في لبنان موقت وهم يحملون هوية وجواز سفر وفي النهاية سيعودون إلى بلادهم، وهذا ما نحاول التركيز عليه بشكل كبير».
ويقرأ في تحذير وزير الشؤون الاجتماعية الوزير رشيد درباس من انفجار قنبلة النازحين في لبنان أن «وجود مليونيْ نازح في لبنان، تعجز الدولة عن إيصال المياه إليهم ولا الكهرباء ولا خدمات الصرف الصحي وهم غير قادرين لا على العمل ولا على العيش فماذا سيحصل بهم؟ هؤلاء قنبلة، وإذا ضُغط عليها ستنفجر، من هنا لا بد من الوعي والاهتمام بالحالة الإنسانية الطارئة للنازحين ومعالجة مشكلاتهم بشكل حكيم ورشيق من أجل مصلحة لبنان أولاً».
وكان المدير التنفيذي لمؤسسة (HBC) الدكتور انطوان حداد اعلن خلال المؤتمر ان «لبنان، الذي يتملكه الخوف على نسيجه الاجتماعي وتوازناته الطائفية، يجب ان يسعى الى عودة النازحين السوريين، وهذا حق لا يجادله فيه احد، ولا يجب ان يجادله احد.
لكن من المستحسن قراءة الاوراق والمقترحات المتداولة في هذا الشأن بدقة وشمولية. وعلى الحكومة اللبنانية والقوى السياسية التعامل مع ملف اللاجئين السوريين من خارج نظرية المؤامرة، وبالتوازي مع العمل الجدي والدؤوب لتحقيق العودة وتوفير الظروف لها، وهذا يتطلب جهداً ديبلوماسياً منسقاً وحضوراً فاعلاً في المنابر والمؤسسات الدولية. ولا بد من الاستيعاب الموقت للنازحين، خصوصاً فئة الشباب منهم. وهذا لا يعني ابداً الاندماج او الانصهار او التجنيس او التوطين. فالاستيعاب الموقت يعني توفير التعليم المناسب واكتساب المهارات والتشغيل في القطاعات التي لا تشكل منافسة تُذكر لليد العاملة اللبنانية، بديلاً عن التشرد والتسكع والبطالة».
وذكرت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أن «لبنان يُعدّ من أكثر الدول التي تأثرت من الازمة السورية»، مؤكدة «دعم الامم المتحدة للبنان والعمل على تأمين حاجاته». واذ أعلنت انه «تم استثمار 1.3 مليار دولار من اجل الحفاظ على استقرار وأمن لبنان ووضع الخطط المناسبة له»، قالت: «الاستثمارات مستمرة وهي مهمة من اجل ضمان استقرار لبنان، هذا الدعم يأتي في وقت يعاني لبنان من وضع سياسي هش».
واكدت في موضوع التوطين، ان مثل هذا القرار «يعود للبنانيين فقط وهو من اختصاص الدولة اللبنانية».
من جهته، قال مفوض شؤون المساعدات الانسانية والازمات في الاتحاد الاوروبي كريستوس ستيليانيدس، ان «لبنان يستضيف اعلى نسبة نزوح مقارنة بعدد سكانه، بالاضافة الى تركيا والاردن، وهذه الدول تستوعب 5 ملايين لاجئ سوري في ما بينها»، معتبراً «ان المساعدات الانسانية ليست العلاج لوحدها، بل نحن بحاجة الى حل يعالج كل الأمور ويوفر الحاجات على المدى الطويل كالتعليم والحاجات الاخرى»، وموضحاً أن «الاتحاد الاوروبي يقوم بخطوات كثيرة، وعلى الأطراف القيام بخطوات مماثلة». واشار الى ان «المساعدات للعام 2016 تمت اضافتها بنسبة 50 في المئة وقد ازدادت على المدى الطويل بنسبة 22 في المئة. نحن نعمل اليوم للحد من تأثير الأزمة لتحسين الوضع وتوفير التعليم للاجئين لانه السلاح الأقوى لمحاربة الراديكالية فهو يعطي فرص عمل أفضل».
ولفت وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس الى ان «الحرب السورية وقعت على غفلة منا ولم تكن لنا فيها يد، ولكن لبنان والجوار يتحملان معا وطأتها من غير ذنب علينا أو على اللاجئين السوريين»، موضحاً ان «هذه الحرب المستدامة تجري على أرض لا توجد فيها مصانع للأسلحة، ورغم ذلك فإن السلاح المتطور جداً غزير جداً في أيدي المقاتلين». ورأى أن «المجتمع الدولي موزع بين مُشارِك في هذه الحرب وصامت إلى حد التواطؤ ومستكين إلى حد العجز. فهذه الحرب هي البؤرة التي تتشكل في خلاياها خميرة الإرهاب الذي يتخطى الحدود».
وشدد على ان «الدول المضيفة ومنها لبنان قامت بأكثر من واجباتها، ويكفي أن نشير إلى أن درجة النمو الاقتصادي التي بلغت 9 في المئة في العام 2011 قد انحسرت إلى نقطة سالبة والدولة اللبنانية فقدت حدودها البرية تقريباً، وبناها التحتية استُهلكت خلال سنتين، بالاضافة إلى خسارة الاقتصاد ما يقدر بأكثر من 20 مليار دولار وفقا لأبسط قراءة» واكد انه «لا توجد لدى الدولة اللبنانية جوازات سفر إضافية للبيع أو الإيجار ولا توجد لدى الشعب اللبناني نية الاشتراك الجرمي في تجريد الشعب السوري الشقيق من هويته وأرضه عبر إغرائه بالجنسية البديلة. ذلك أن الشعبين اللبناني والسوري ومن موقع الأخوة المطلقة يرفضان التوطين جملة وتفصيلا».
واكد «اننا لسنا في حالة اشتباك مع الامم المتحدة حول بيان من هنا وتقرير من هناك، بل وعتب دول الجوار أيضاً، هو على الإدارة غير المثمرة من الأمم المتحدة للحوارات في كل من سورية واليمن والعجز عن اتخاذ قرار في مجلس الأمن يضع حداً لهذه الجريمة»، معلناً «نحن على يقين أن سورية ستنهض وأن أهلها عائدون إليها وأن لبنان سيكون قاعدة أساسية من قواعد إعمار سورية، ذلك أن العودة المجردة من إعادة الاعمار هي عودة أخرى الى الحروب بشكل آخر».
الا ان الواضح ان الأوساط الاقتصادية اقليمياً ودولياً بدأت تتحضر للمرحلة المقبلة، لا سيما وأن القطاعات الخاصة تأمل بتحسن الأوضاع اذا انطلقت «الصافرة»، حتى ان الشركات تعمل سراً وعلانية على التحضير للصفقات الممكنة في مجالات الاعمار والتنمية.
ويتردد ان عدداً من الشركات العالمية درست أوضاع المنطقة واختارت لبنان ليكون مركز انطلاق عملياتها، نظراً لموقعه الجغرافي وانتشار مرافئه على الساحل المتوسطي وقربه من الحدود السورية الذي يوفر على الشركات تكاليف نقل المواد واليد العاملة، اضافة الى الخبرة الكبيرة للشركات اللبنانية والكوادر المهنية في هذا المجال.
وتنشط هذه الأيام في بيروت حركة عقد المؤتمرات الاقتصادية والندوات التي تتناول موضوع إعمار سورية. ويركز الاقتصاديون اللبنانيون على ضرورة فتح الأبواب للشركات الأجنبية لا سيما وان منظمة «الأسكوا» التابعة للأمم المتحدة تروّج للنموذج اللبناني في إعادة الأعمار ما يدفع العديد من الشركات في الخارج الى ربط علاقات وبناء شراكات مع مثيلاتها في لبنان.
وعلى هامش انعقاد «المنتدى الاقليمي لاغاثة اللاجئين وإعادة إعمار سورية» اخيراً في فندق «موفنبيك» في بيروت تحت عنوان: «الدروس المستفادة واستراتيجيات الاستجابة»، تحدّث المدير التنفيذي لمؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري (إينجما) رياض قهوجي لـ «الراي»، وقال رداً على سؤال عما اذا كان طرح إعادة إعمار سورية اليوم يعني ان الحل السياسي وُضع على الطريق ان «خطط إعادة الاعمار تحتاج الى سنوات، ولا تطبخ في شهرين او ثلاثة، وبالتالي لا بد من الاستعداد حتى لو لم تنته الحرب، فالحل السياسي وانهاء القتال
شيء والبدء بالإعمار شيء آخر».
ويؤكد «اليوم لا أحد لديه النية لبدء الإعمار في سورية للأسباب المعروفة، فالوضع الأمني لا يسمح بذلك، ولكن لا بد من وضع خطط ودراسات تحدد الأدوار التي يمكن ان تلعبها الأطراف، لا سيما في القطاع الخاص، ومَن هو جاهز ومؤهل للخوض في هذا الأمر، ثم تجهيز السوريين انفسهم في الدول التي نزحوا اليها من اجل ان يعودوا الى بلادهم ويلعبوا دورهم عندما تجهز مرحلة إعادة الاعمار، وهذا ما تمت مناقشته في المؤتمر».
ورداً على سؤال حول كيفية استفادة لبنان من خطط إعادة إعمار سورية لا سيما في وضعيته الحالية، يشير قهوجي الى ان «المؤتمر جمع الجهات التي تستطيع طرح أفكار ومبادرات بهدف تأمين وتوفير خدمات يحتاج اليها اللاجئون، من مياه وشبكات صرف صحي وطبابة وغيرها من الأمور، من دون الضغط على الدولة، وهذا يحصل عبر إشراك القطاع الخاص. كما ان المؤتمر يشجع الجمعيات الاهلية على التواصل مع جهات دولية وشركات
تنتج تكنولوجيا جديدة تستطيع أن تقدم حلولاً للكهرباء والمياه وغيرها من الأمور التي يحتاج اليها النازحون في أماكن تجمعاتهم والتي تخفف العبء على الحكومة، فالهدف كان طرح الخطط التطبيقية والعملانية بعيداً عن المواضيع السياسية والأمنية، ومن أجل البحث في سبل تخفيف العبء والثقل على الدول المضيفة».
وحول ما يثار عن قضية توطين النازحين، يؤكد قهوجي أن «جميع المشاركين في المؤتمر ممّن يمثلون الأطراف الدولية سمعناهم يقولون إن لبنان غير معني كلياً بما جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون حول موضوع التوطين والتجنيس، فلبنان ليس معنيا بذلك، كانت الرسالة واضحة للدول الأوروبية التي تمنع دخول اللاجئين إليها وبان كي مون كان يؤنب أوروبا وليس لبنان».
وفي ما يتعلق بالتأثير السلبي لوجود النازحين على الاقتصاد اللبناني ومدى جدية المجتمع الدولي في معالجة هذه المشكلات، يلفت إلى أن «الهيئات الدولية مهتمة وجدية، لكننا نحتاج إلى جدية من قبلنا في طرح الأفكار، اي يجب عدم النظر إلى النازح السوري بنظرة فوقية وعنصرية، بل يجب مقاربة المسألة من الناحية الإنسانية وأن نرى الفرصة التي وراءها، والمليارات التي تأتي الى لبنان والتي يمكن إذا حصل توجيه جيد أن يستفيد منها القطاع الخاص وينعش الاقتصاد اللبناني عبر تأمين الخدمات في المخيمات وتشغيل اليد العاملة. وهؤلاء النازحون يدركون أن وجودهم في لبنان موقت وهم يحملون هوية وجواز سفر وفي النهاية سيعودون إلى بلادهم، وهذا ما نحاول التركيز عليه بشكل كبير».
ويقرأ في تحذير وزير الشؤون الاجتماعية الوزير رشيد درباس من انفجار قنبلة النازحين في لبنان أن «وجود مليونيْ نازح في لبنان، تعجز الدولة عن إيصال المياه إليهم ولا الكهرباء ولا خدمات الصرف الصحي وهم غير قادرين لا على العمل ولا على العيش فماذا سيحصل بهم؟ هؤلاء قنبلة، وإذا ضُغط عليها ستنفجر، من هنا لا بد من الوعي والاهتمام بالحالة الإنسانية الطارئة للنازحين ومعالجة مشكلاتهم بشكل حكيم ورشيق من أجل مصلحة لبنان أولاً».
وكان المدير التنفيذي لمؤسسة (HBC) الدكتور انطوان حداد اعلن خلال المؤتمر ان «لبنان، الذي يتملكه الخوف على نسيجه الاجتماعي وتوازناته الطائفية، يجب ان يسعى الى عودة النازحين السوريين، وهذا حق لا يجادله فيه احد، ولا يجب ان يجادله احد.
لكن من المستحسن قراءة الاوراق والمقترحات المتداولة في هذا الشأن بدقة وشمولية. وعلى الحكومة اللبنانية والقوى السياسية التعامل مع ملف اللاجئين السوريين من خارج نظرية المؤامرة، وبالتوازي مع العمل الجدي والدؤوب لتحقيق العودة وتوفير الظروف لها، وهذا يتطلب جهداً ديبلوماسياً منسقاً وحضوراً فاعلاً في المنابر والمؤسسات الدولية. ولا بد من الاستيعاب الموقت للنازحين، خصوصاً فئة الشباب منهم. وهذا لا يعني ابداً الاندماج او الانصهار او التجنيس او التوطين. فالاستيعاب الموقت يعني توفير التعليم المناسب واكتساب المهارات والتشغيل في القطاعات التي لا تشكل منافسة تُذكر لليد العاملة اللبنانية، بديلاً عن التشرد والتسكع والبطالة».
وذكرت المنسقة الخاصة للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ أن «لبنان يُعدّ من أكثر الدول التي تأثرت من الازمة السورية»، مؤكدة «دعم الامم المتحدة للبنان والعمل على تأمين حاجاته». واذ أعلنت انه «تم استثمار 1.3 مليار دولار من اجل الحفاظ على استقرار وأمن لبنان ووضع الخطط المناسبة له»، قالت: «الاستثمارات مستمرة وهي مهمة من اجل ضمان استقرار لبنان، هذا الدعم يأتي في وقت يعاني لبنان من وضع سياسي هش».
واكدت في موضوع التوطين، ان مثل هذا القرار «يعود للبنانيين فقط وهو من اختصاص الدولة اللبنانية».
من جهته، قال مفوض شؤون المساعدات الانسانية والازمات في الاتحاد الاوروبي كريستوس ستيليانيدس، ان «لبنان يستضيف اعلى نسبة نزوح مقارنة بعدد سكانه، بالاضافة الى تركيا والاردن، وهذه الدول تستوعب 5 ملايين لاجئ سوري في ما بينها»، معتبراً «ان المساعدات الانسانية ليست العلاج لوحدها، بل نحن بحاجة الى حل يعالج كل الأمور ويوفر الحاجات على المدى الطويل كالتعليم والحاجات الاخرى»، وموضحاً أن «الاتحاد الاوروبي يقوم بخطوات كثيرة، وعلى الأطراف القيام بخطوات مماثلة». واشار الى ان «المساعدات للعام 2016 تمت اضافتها بنسبة 50 في المئة وقد ازدادت على المدى الطويل بنسبة 22 في المئة. نحن نعمل اليوم للحد من تأثير الأزمة لتحسين الوضع وتوفير التعليم للاجئين لانه السلاح الأقوى لمحاربة الراديكالية فهو يعطي فرص عمل أفضل».
ولفت وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس الى ان «الحرب السورية وقعت على غفلة منا ولم تكن لنا فيها يد، ولكن لبنان والجوار يتحملان معا وطأتها من غير ذنب علينا أو على اللاجئين السوريين»، موضحاً ان «هذه الحرب المستدامة تجري على أرض لا توجد فيها مصانع للأسلحة، ورغم ذلك فإن السلاح المتطور جداً غزير جداً في أيدي المقاتلين». ورأى أن «المجتمع الدولي موزع بين مُشارِك في هذه الحرب وصامت إلى حد التواطؤ ومستكين إلى حد العجز. فهذه الحرب هي البؤرة التي تتشكل في خلاياها خميرة الإرهاب الذي يتخطى الحدود».
وشدد على ان «الدول المضيفة ومنها لبنان قامت بأكثر من واجباتها، ويكفي أن نشير إلى أن درجة النمو الاقتصادي التي بلغت 9 في المئة في العام 2011 قد انحسرت إلى نقطة سالبة والدولة اللبنانية فقدت حدودها البرية تقريباً، وبناها التحتية استُهلكت خلال سنتين، بالاضافة إلى خسارة الاقتصاد ما يقدر بأكثر من 20 مليار دولار وفقا لأبسط قراءة» واكد انه «لا توجد لدى الدولة اللبنانية جوازات سفر إضافية للبيع أو الإيجار ولا توجد لدى الشعب اللبناني نية الاشتراك الجرمي في تجريد الشعب السوري الشقيق من هويته وأرضه عبر إغرائه بالجنسية البديلة. ذلك أن الشعبين اللبناني والسوري ومن موقع الأخوة المطلقة يرفضان التوطين جملة وتفصيلا».
واكد «اننا لسنا في حالة اشتباك مع الامم المتحدة حول بيان من هنا وتقرير من هناك، بل وعتب دول الجوار أيضاً، هو على الإدارة غير المثمرة من الأمم المتحدة للحوارات في كل من سورية واليمن والعجز عن اتخاذ قرار في مجلس الأمن يضع حداً لهذه الجريمة»، معلناً «نحن على يقين أن سورية ستنهض وأن أهلها عائدون إليها وأن لبنان سيكون قاعدة أساسية من قواعد إعمار سورية، ذلك أن العودة المجردة من إعادة الاعمار هي عودة أخرى الى الحروب بشكل آخر».