محمد الدلال / أفكار / خطة تنموية بلا روح!

تصغير
تكبير
تستعد الحكومة الكويتية وفقاً لتصريحات مسؤوليها لتقديم مشروع خطة التنمية الخمسية لمجلس الأمة في دور الانعقاد المقبل، ويعتبر هذا المشروع من المشاريع الأساسية في تبيان مدة كفاءة وجدية الجهاز الحكومي في تبني الفكر والعمل المؤسسى في تطوير وتقدم خدمات ومرافق الدولة وتحقيق طموحات الشعب إلى التنمية وإيقاف التدهور في الخدمات الحكومية.
ويظن البعض أنه من المناسب عدم التفاؤل كثيراً بالخطة المقترحة لاعتبارات تتعلق بمدى جودة أساليب وآليات إعداد الخطة ذاتها، وهذه مسألة فنية مع مدى شموليتها موضوعياً لمتطلبات التنمية في ظل الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي للدولة والأفراد ومدى إدراكها لحجم التحديات التي يواجهها القائمون على تطبيق الخطة التنموية المقبلة في حال إقرارها. ولعل ما سبق الإشارة إليه قد أخذ حظة من النقاش والبحث عند الفريق المكلف بإعداد مشروع الخطة، وعلى رأسهم الدكتورة موضي الحمود الوزير المختص، وهذا ما نأمله ونرجوه، إلا أنه من المناسب الإشارة إلى قضية جوهرية وأساسية أرى أنها تمثل أحد أعمدة نجاح الخطة في تحقيقها لأهدافها الموضوعة، وذلك بتحديد الفلسفة والفكر والمنظومة القيمية التي تقوم عليها مشروع الخطة التنموية المقبلة، فالخطة تتجاوز مهمة أنها عبارة عن مشاريع تحددها مؤسسات ووزارات الدولة في كل عام وتُحدد لها ميزانية تقديرية مع حسن تنفيذ مفترض، وإنما هي مشروع دولة تسعى إلى النهوض من عثراتها وتتطلع لمواكبة الدول المتقدمة وتحقيق الرفاهية لشعبها والمقيمين فيها، وهو مشروع استثمار بشري يتم من خلاله بناء الإنسان الكويتي المسؤول والقادر على المشاركة الإيجابية في بناء ونهضة الوطن.
إن الاتفاق على تحديد المنظومة القيمية التي تحدد مسار الخطة ابتداءً أمر بالغ الأهمية لنجاح مشروع خطة التنمية المقترحة، فتعزيز مفاهيم الأصالة الحضارية ومنطلقاتها الإسلامية والعربية أساس جوهري لهذه الخطة وتأكيد القيم الإيجابية المترسخة في الشعب الكويتي منذ تواجده على أرض الكويت منذ مئات الأعوام بعد آخر لتلك القيم المطلوبة وترسيخ الروح الوطنية وروح المسؤولية واحترام القانون لدى المواطنين جانب حيوي في مشروع الخطة المقترحة وغرس احترام الدستور والقانون وتعزيز الحريات في ضمائر الأفراد أساس آخر لا يقل أهمية، وتحديد رؤى ومعالجات موضوعية وجادة للتعامل مع المتغيرات الاجتماعية، كالعولمة والرفاهية غير المسؤولة وتفكك النسيج الاجتماعي بالفئوية والقبلية والمذهبية والحزبية الضيقة تعتبر معالجات جوهرية تمهد الطريق لمسيرة أكثر نجاحاً للخطة التنموية وتطبيقاتها، ويترتب على اعتماد ما سبق تحويل تلك المنظومة القيمية إلى مشاريع ومناهج دراسية تبنتها وزارة التربية والمؤسسات التعليمية وبرامج إعلامية تقدمها وزارة الإعلام ووسائل الإعلام المحلية ودورات تدريبية تقوم بها الجهات المختصة في الدولة وتحت إشراف المسؤولين عن تنفيذ الخطة مركزياً بما يعزز الاستثمار الحقيقي للعنصر البشري الكويتي ويوظف طاقاته لدعم أهداف وتطلعات الخطة المقترحة. فالخطة التنموية إذا خلت من فكر صافٍ وقيم حضارية مستقرة ومتفق عليها ومعالجات لتحديات العصر وإعداد فعلي للعنصر البشرى فكرياً وعقلياً وميدانياً يمكن اعتبارها كالجسد بلا روح، وعبارة عن مجموعة مشاريع ورقية غير مرتبطة بضمائر البشر وفاقدة لمحركات النجاح وجهود مبعثرة لا طائل منها.
فكرة: قيام الوزير المختص بإعداد مشروع الخطة التنموية والمجلس الأعلى للتخطيط بعقد ورش عمل يشارك فيها عدد من ممثلي المجتمع المدني المختص وأكاديميون من أهل الاختصاص في علم الاجتماع لبحث الجوانب المتعلقة بتعزيز المنظومة القيمية للمشروع المستقبلي لخطة التنمية وبناء الكويت.
محمد الدلال
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي