نتيجة انتخابات عاصمة الشمال «استقرّت»: 16 للائحة ريفي و8 لـ «التحالف السباعي»
لبنان في «عيْن» ارتدادات «هزة» طرابلس السياسية والطائفية
استقالة النائب روبير فاضل... وبري يحذّر من «الانفعالات»
المعركة القاسية بين اللائحتين أخرجت المسيحيين والعلويين من المجلس البلدي
المعركة القاسية بين اللائحتين أخرجت المسيحيين والعلويين من المجلس البلدي
ظلّ المشهد السياسي في لبنان أمس، تحت وطأة التداعيات الواسعة لنتائج الانتخابات البلدية في الشمال ومدينة طرابلس خصوصاً والتي حقق فيها وزير العدل المستقيل اللواء اشرف ريفي انتصاراً انتخابياً مدوياً على تحالفٍ سياسي عريض.
وجاءت النتائج الرسمية للانتخابات التي تأخر صدورها الى البارحة، لتبيّن ان اللائحة التي شكّلها ريفي احتلت ثلثيْ مقاعد المجلس البلدي الجديد، أي 16 مقعداً مقابل 8 للائحة التحالف السياسي التي كانت مدعومة من زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، والوزير السابق فيصل كرامي، والنائب محمد الصفدي، وجمعية «الأحباش» و«الجماعة الاسلامية» وقسم كبير من العلويين، وهي نتيجةٌ بدت مخفِّفة الى حدٍّ ما من الوهج الثقيل الذي طغى في الساعات السابقة على مجمل المشهد السياسي وخصوصاً لجهة إغراق الصحافة اللبنانية في تفنيد الدوافع والأسباب المتنوعة التي أدّت الى «ولادة» زعامة اشرف ريفي في مقابل «انهيار» متدرّج لـ «تيار المستقبل» (يقوده الحريري) وكأن ريفي بات يُنظر اليه كوارثِ «الحريرية» التي أرساها الرئيس الراحل رفيق الحريري قبل اغتياله في 14 فبراير 2005.
وهذا المفهوم بدا بمثابة ردة فعلٍ أولية على المفاجأة الكبيرة التي حصلت في انتخابات طرابلس، لكنه لن يتمادى طويلاً على الأرجح في بلدٍ تتنازعه في كل يوم تطورات تأخذه من وجهة الى أخرى.
ذلك ان أوساطاً سياسية معنية بمواكبة تداعيات الانتخابات البلدية بدت حذرة للغاية حيال إقدام نائب طرابلس الارثوذكسي روبير فاضل على تقديم استقالته المفاجئة من البرلمان مساء الاثنين احتجاجاً على سقوط الأعضاء المسيحيين (عددهم 3) والعلويين (عددهم 2) في المجلس البلدي الجديد في طرابلس و«تغييب أكثر من مكوّن أساسي من المجلس البلدي الجديد والاخلال بالأعراف والجوهر». علماً ان هذه الاستقالة، التي استبقت صدور النتائج الرسمية، كانت محور اتصال بين فاضل ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقلت عنه تقارير تحذيره من خطورة الانزلاق الى ردود فعل متسرّعة «لان المرحلة لا تحتمل أي سلوك قد يساهم في تأجيج الجمر الطائفي او في رفع منسوب التعصب»، ناصحاً النائب المستقيل بـ «ان تهدأ وتدرس قرارك ملياً قبل حسمه، وإذا صممتَ على الاستقالة، فعليك ان تقدمها وفق الاصول، علماً انني في كل الحالات لن أقبلها».
وعُلم ان جوهر هذا الموقف أبلغه بري ايضاً الى رئيس المجلس الاسلامي العلوي أسد عاصي الذي اعترض بدوره على تغييب التمثيل العلوي في المجلس البلدي كما في المخترة مع فوز مختار علوي واحد (مقرّه في باب التبانة ذات الغالبية السنية) عوض اربعة، واتخاذ الطائفة قراراً بالاحتفاظ بالأختام الرسمية في مقر المجلس (في جبل محسن) ريثما يُبت الطعن واستكمال المعاملات من المخاتير المنتهية ولايتهم.
وفيما دعا رئيس البرلمان عاصي الى محاذرة الانجرار الى ما من شأنه إحياء التوترات بين جبل محسن وباب التبانة، استمرّت «كرة ثلج» الفوز الذي حققه ريفي بالتدحرج مع إعلان المسؤول السياسي لـ «الجماعة الإسلامية» في طرابلس والشمال ايهاب نافع استقالته على خلفية نتائج طرابلس «التي أظهرت ان اختيارنا لم يكن سليماً، وتالياً فإنني أتحمل مسؤوليتي كاملة أمام أهلنا ومناصري جماعتنا ومحبيها»، قبل ان يعلن رئيس المكتب السياسي في «الجماعة» النائب السابق أسعد هرموش في تصريح صحافي ان ما اقدم عليه نافع «هو تصرف فردي والموضوع قيد المعالجة ولن تحدث اي مشكلة، وتتحمل قيادة الجماعة مسؤولية التحالف الذي دخلنا فيه في انتخابات طرابلس، ونافع من الكوادر المميزين في التنظيم ومن اصحاب الكفاءات وهو ابننا».
وأرخت هذه التطورات بذيول ثقيلة على مجمل النتائج الانتخابية، اذ تَزامَنت مع تَصاعُد مخاوف مبرَّرة، كما تصفها الأوساط السياسية المعنية نفسها، من التشدد الذي يسود سطح الخلاصات الانتخابية في طرابلس تحديداً، بما يثير تساؤلات قلقة عقب مشهد بلدية «سنية» صرفة.
وأكدت هذه الأوساط لـ «الراي» ان «المشكلة لن تقف هنا، اذ ان الواقع الذي أفرزته الانتخابات البلدية في كل لبنان، ولو انه رسم ملامح ايجابية جداً لجهة إنعاش اللعبة الديموقراطية في زمن الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية، الا انه أثبت عودة تَصاعُد التشدّد لدى غالبية الفئات والطوائف والمناطق».
واذا كانت الأنظار ركّزت على طرابلس، جراء المفاجأة التي تمثلت بصعود الوزير ريفي كزعامة تتحدّى زعامة «المستقبل» الذي كان وراء الوجود السياسي للواء ريفي، فان نتائج الانتخابات في أنحاء أخرى تشير ايضاً الى تَصاعُد نزْعات متشددة لدى المسيحيين يجب ان توضع تحت المجهر.
وفي أي حال، فإن الأوساط نفسها تلفت الى ان موجة التقويمات لنتائج الانتخابات ستنتهي بأسرع مما يظنّ كثيرون، لأن أجندة الملفات الجديدة - القديمة ستعود بسرعة لتملأ الفضاء السياسي والإعلامي اللبناني. والواقع ان هذا الامر بدأ يرتسم في أمريْن يواكبان التداعيات الانتخابية: الأول يتمثّل في عودة مخاوف واسعة على الوضع الأمني بعدما كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق ان الأجهزة الأمنية ضبطت ثلاث محاولات ارهابية اخيراً لاستهداف لبنان. والثاني ملف الفراغ الرئاسي الذي تقول الأوساط نفسها انه سيعود الى الواجهة مثقلاً بمزيد من التداعيات التي أصابت القوى السياسية، ما من شأنه ان ينعكس على مواقفها وحساباتها بشكلٍ قد يختلف عما كانت عليه قبل الانتخابات البلدية. لذا، يتعين الانتظار بعض الوقت لاحتواء تداعيات الانتخابات ومن ثم بدء التعامل مع المرحلة المقبلة، علماً ان الاوساط عيْنها تستبعد ان يطرأ أيّ عامل مؤثّر جديد على الأزمة الرئاسية التي لن تتأثر بطبيعة الحال بنتائج الانتخابات البلدية ما دام باب الحل والربط فيها خارجياً بالدرجة الاولى.
وجاءت النتائج الرسمية للانتخابات التي تأخر صدورها الى البارحة، لتبيّن ان اللائحة التي شكّلها ريفي احتلت ثلثيْ مقاعد المجلس البلدي الجديد، أي 16 مقعداً مقابل 8 للائحة التحالف السياسي التي كانت مدعومة من زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري والرئيس نجيب ميقاتي، والوزير السابق فيصل كرامي، والنائب محمد الصفدي، وجمعية «الأحباش» و«الجماعة الاسلامية» وقسم كبير من العلويين، وهي نتيجةٌ بدت مخفِّفة الى حدٍّ ما من الوهج الثقيل الذي طغى في الساعات السابقة على مجمل المشهد السياسي وخصوصاً لجهة إغراق الصحافة اللبنانية في تفنيد الدوافع والأسباب المتنوعة التي أدّت الى «ولادة» زعامة اشرف ريفي في مقابل «انهيار» متدرّج لـ «تيار المستقبل» (يقوده الحريري) وكأن ريفي بات يُنظر اليه كوارثِ «الحريرية» التي أرساها الرئيس الراحل رفيق الحريري قبل اغتياله في 14 فبراير 2005.
وهذا المفهوم بدا بمثابة ردة فعلٍ أولية على المفاجأة الكبيرة التي حصلت في انتخابات طرابلس، لكنه لن يتمادى طويلاً على الأرجح في بلدٍ تتنازعه في كل يوم تطورات تأخذه من وجهة الى أخرى.
ذلك ان أوساطاً سياسية معنية بمواكبة تداعيات الانتخابات البلدية بدت حذرة للغاية حيال إقدام نائب طرابلس الارثوذكسي روبير فاضل على تقديم استقالته المفاجئة من البرلمان مساء الاثنين احتجاجاً على سقوط الأعضاء المسيحيين (عددهم 3) والعلويين (عددهم 2) في المجلس البلدي الجديد في طرابلس و«تغييب أكثر من مكوّن أساسي من المجلس البلدي الجديد والاخلال بالأعراف والجوهر». علماً ان هذه الاستقالة، التي استبقت صدور النتائج الرسمية، كانت محور اتصال بين فاضل ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي نقلت عنه تقارير تحذيره من خطورة الانزلاق الى ردود فعل متسرّعة «لان المرحلة لا تحتمل أي سلوك قد يساهم في تأجيج الجمر الطائفي او في رفع منسوب التعصب»، ناصحاً النائب المستقيل بـ «ان تهدأ وتدرس قرارك ملياً قبل حسمه، وإذا صممتَ على الاستقالة، فعليك ان تقدمها وفق الاصول، علماً انني في كل الحالات لن أقبلها».
وعُلم ان جوهر هذا الموقف أبلغه بري ايضاً الى رئيس المجلس الاسلامي العلوي أسد عاصي الذي اعترض بدوره على تغييب التمثيل العلوي في المجلس البلدي كما في المخترة مع فوز مختار علوي واحد (مقرّه في باب التبانة ذات الغالبية السنية) عوض اربعة، واتخاذ الطائفة قراراً بالاحتفاظ بالأختام الرسمية في مقر المجلس (في جبل محسن) ريثما يُبت الطعن واستكمال المعاملات من المخاتير المنتهية ولايتهم.
وفيما دعا رئيس البرلمان عاصي الى محاذرة الانجرار الى ما من شأنه إحياء التوترات بين جبل محسن وباب التبانة، استمرّت «كرة ثلج» الفوز الذي حققه ريفي بالتدحرج مع إعلان المسؤول السياسي لـ «الجماعة الإسلامية» في طرابلس والشمال ايهاب نافع استقالته على خلفية نتائج طرابلس «التي أظهرت ان اختيارنا لم يكن سليماً، وتالياً فإنني أتحمل مسؤوليتي كاملة أمام أهلنا ومناصري جماعتنا ومحبيها»، قبل ان يعلن رئيس المكتب السياسي في «الجماعة» النائب السابق أسعد هرموش في تصريح صحافي ان ما اقدم عليه نافع «هو تصرف فردي والموضوع قيد المعالجة ولن تحدث اي مشكلة، وتتحمل قيادة الجماعة مسؤولية التحالف الذي دخلنا فيه في انتخابات طرابلس، ونافع من الكوادر المميزين في التنظيم ومن اصحاب الكفاءات وهو ابننا».
وأرخت هذه التطورات بذيول ثقيلة على مجمل النتائج الانتخابية، اذ تَزامَنت مع تَصاعُد مخاوف مبرَّرة، كما تصفها الأوساط السياسية المعنية نفسها، من التشدد الذي يسود سطح الخلاصات الانتخابية في طرابلس تحديداً، بما يثير تساؤلات قلقة عقب مشهد بلدية «سنية» صرفة.
وأكدت هذه الأوساط لـ «الراي» ان «المشكلة لن تقف هنا، اذ ان الواقع الذي أفرزته الانتخابات البلدية في كل لبنان، ولو انه رسم ملامح ايجابية جداً لجهة إنعاش اللعبة الديموقراطية في زمن الفراغ الرئاسي وتعطيل المؤسسات الدستورية، الا انه أثبت عودة تَصاعُد التشدّد لدى غالبية الفئات والطوائف والمناطق».
واذا كانت الأنظار ركّزت على طرابلس، جراء المفاجأة التي تمثلت بصعود الوزير ريفي كزعامة تتحدّى زعامة «المستقبل» الذي كان وراء الوجود السياسي للواء ريفي، فان نتائج الانتخابات في أنحاء أخرى تشير ايضاً الى تَصاعُد نزْعات متشددة لدى المسيحيين يجب ان توضع تحت المجهر.
وفي أي حال، فإن الأوساط نفسها تلفت الى ان موجة التقويمات لنتائج الانتخابات ستنتهي بأسرع مما يظنّ كثيرون، لأن أجندة الملفات الجديدة - القديمة ستعود بسرعة لتملأ الفضاء السياسي والإعلامي اللبناني. والواقع ان هذا الامر بدأ يرتسم في أمريْن يواكبان التداعيات الانتخابية: الأول يتمثّل في عودة مخاوف واسعة على الوضع الأمني بعدما كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق ان الأجهزة الأمنية ضبطت ثلاث محاولات ارهابية اخيراً لاستهداف لبنان. والثاني ملف الفراغ الرئاسي الذي تقول الأوساط نفسها انه سيعود الى الواجهة مثقلاً بمزيد من التداعيات التي أصابت القوى السياسية، ما من شأنه ان ينعكس على مواقفها وحساباتها بشكلٍ قد يختلف عما كانت عليه قبل الانتخابات البلدية. لذا، يتعين الانتظار بعض الوقت لاحتواء تداعيات الانتخابات ومن ثم بدء التعامل مع المرحلة المقبلة، علماً ان الاوساط عيْنها تستبعد ان يطرأ أيّ عامل مؤثّر جديد على الأزمة الرئاسية التي لن تتأثر بطبيعة الحال بنتائج الانتخابات البلدية ما دام باب الحل والربط فيها خارجياً بالدرجة الاولى.