المسعى الفرنسي لكسْر المأزق الرئاسي في لبنان... إلى الوراء دُر

تصغير
تكبير
الحريري ردّ على نصرالله: يورّطنا في حروبه الانكشارية
مع دخول أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان عامها الثالث امس، بدا المشهد الداخلي مثقلاً بتوقعات قاتمة حيال استمرار هذه الأزمة من دون أي أفقٍ واقعي من شأنه ان يحمل بوادر حلحلة او انفراج داخلي أو اقليمي يضع حداً للشغور المتمادي في موقع رئاسة الجمهورية.

وتزامنت هذه الذكرى مع مجموعة معطيات بارزة أكدت ان المسار المأزوم للاستحقاق الدستوري الرئاسي سيمضي على وتيرته لمدة غير منظورة وسط ازدياد المخاوف من الأكلاف الباهظة التي يرتّبها على لبنان ونظامه. ولعلّ أبرز ما سُجل في هذا السياق اعلان رئيس الحكومة تمام سلام مساء اول من امس ان وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت أرجأ زيارته التي كانت مقررة اليوم لبيروت الى موعد آخر اعلنت باريس انه سيكون في 10 و 11 يوليو المقبل.


ورغم ردّ الخارجية الفرنسية إرجاء الزيارة الى «ضغط في روزنامة العمل» والمعلومات عن انشغال ايرولت بلقاءات مهمة تتناول الأزمة السورية والمبادرة الفرنسية في ما يتعلق بالصراع الفلسطيني - الاسرائيلي، أشارت أوساط لبنانية واسعة الاطلاع لـ «الراي» الى انه يبدو واضحاً انه ليس هناك معطيات مشجعة لدى باريس في شأن ما كان وزير خارجيتها يزمع القيام به لدى زيارته لبيروت، اقلّه حالياً، لجهة تحريك أزمة الفراغ الرئاسي في لبنان وعلى مستوى مجموعة الدعم الدولية للبنان.

والأهم من ذلك، وفق الاوساط نفسها، انه لو كانت توافرت لباريس معطيات مرنة جديدة عن الموقف الايراني الذي تركّز عليه الديبلوماسية الفرنسية كعاملٍ حاسمٍ مقرر في تسهيل حل الأزمة الرئاسية او تعقيدها، لما كان حصل إرجاء زيارة ايرولت على الأرجح، بما يعني ان هناك حاجة لمزيد من الجهود لانضاج التحرك الفرنسي لئلا تسقط المبادرة الفرنسية تكراراً في الدوران في حلقة مفرغة كما حصل سابقاً.

وفي أي حال، فان المواكبة الدولية لذكرى مرور سنتين على الفراغ الرئاسي بدت لافتة سواء مع صدور بيان إعلامي عن مجلس الامن فجر الثلاثاء او عن المفوضية العليا للاتحاد الاوروبي الاربعاء، وركزا بصورة خاصة على إبراز خطورة الاستمرار في الفراغ وضرورة وضع حد له وحضّ القوى الداخلية على تحمل مسؤولياتها في انتخاب رئيس للجمهورية.

ولكن الموقف الأبرز واقعياً جاء على لسان رئيس الحكومة تمام سلام نفسه الذي اتخذ موقفاً اتسم بأقصى المصارحة العلنية حيال مسار البلاد والحكومة في ظل سنتين من الفراغ الرئاسي، اذ قال في حديث الى «تلفزيون لبنان» الرسمي ليل الاربعاء ان «التاريخ سيسجل اننا أفشل حكومة»، مؤكداً ايضاً «اننا دولة فاشلة». واستعاد سلام مرارة تجربة الحكومة منذ تشكيلها مروراً بمحطات التأزم مع الفراغ الرئاسي ليلمح تكراراً الى انه كتب استقالته مرات عدة سابقاً وجمدها ولكنه لوّح بان هذا الخيار باق أمامه.

وفي غضون ذلك بدا واضحاً ان لا رهانات واقعية قوية على مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري المتعلقة بإجراء انتخابات نيابية مبكرة على أساس القانون الحالي او قانون جديد للانتخابات ومن ثم اجراء الانتخابات الرئاسية. اذ ان المعطيات التي سادت في اليومين الأخيرين أبرزت تعامل القوى السياسية مع المبادرة من باب ملء الوقت الضائع، حتى ان بري نفسه لا يبدي أمام زواره تفاؤلاً بإمكان التوافق على قانون جديد او على اجراء انتخابات مبكرة.

وكان الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله مساء اول من امس في الذكرى السادسة عشرة لتحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي عزّز الانطباعات بان لا دفع قوياً لدى الحزب ايضاً نحو انتخابات نيابية مبكرة بدليل ان نصرالله الذي رفض اعتماد القانون الانتخابي الحالي «قانون الستين» وتمسك بالنظام النسبي بشكل كامل قال صراحة انه لا يمانع في انتخابات نيابية مبكّرة او في موعدها القانوني بما أوحى بعدم التمسك بالانتخابات المبكرة، متَهماً مَن يرفضون النسبية بأنهم يريدون الأحادية في طوائفهم.

ورد الرئيس سعد الحريري على كلام نصرالله، وقال في سلسلة تغريدات عبر موقع «تويتر»: «لو كان تيار المستقبل يسعى للاستئثار لما وافق ووقع على اقتراح قانون نسبي مختلط مع القوات اللبنانية واللقاء الديموقراطي في المجلس النيابي». وأضاف: «سمعنا السيد حسن متمسكا برأي مَن يمثلون 20 في المئة او أكثر من اي مجموعة، فما رأيه ان يستمع الى رأي غالبية اللبنانيين ومن بينهم اكثرية صامتة من الشيعة، قبل ان يورّط بلدنا في حروبه الانكشارية من سورية الى اليمن؟ ام ان الديموقراطية بنظر السيد حسن تقول بالمتاجرة بالنسب في لبنان، وذبح اي نسبة من الشعب السوري لا تنضم الى احادية حليفه الطاغية في دمشق»؟ وختم: «اخيرا، ما هي برأي السيد حسن نسبة اللبنانيين التي تريد رئيسا للجمهورية وأين إرادتها من تعطيله النصاب منذ سنتين؟ فعلا ان شر البلية ما يضحك».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي