بغداد عاصمة العراق الآن، لا تقل سوءاً عما كانت عليه طهران عاصمة إيران عام 1979. الشوارع مليئة بالمتظاهرين والمحتجين يواجهون رجال الشرطة بصدورهم مستقبلين الرصاص المطاطي والحي والقنابل الدخانية. لقد نجحت ثورة الخميني فهل تنجح ثورة الصدر؟
إن الجماهير العراقية نزلت إلى الساحات مطالبة بالإصلاح ووقف الفساد، فقابلتها قوات رئيس الوزراء حيدر العبادي بكل ما لديها من أسلحة، فقتلت مَنْ قتلت، وأصابت مَنْ أصابت، وأدخلت آخرين السجون، وكان كلام السيد مقتدى الصدر ان الحكومة قتلت بدم بارد المواطنين الباحثين عن العدالة والمساواة، ما يجعلها فاقدة للشرعية، وطالبها بمحاسبة مَنْ قتلوا المتظاهرين وإطلاق المعتقلين.
إن الحكومة العراقية ومجلس النواب في حالة من التوهان، وهما نتاج أحزاب سياسية تتبادل الاتهامات بالفساد والاستيلاء على المال العام وعزل تام عن إدارة مقدرات الدولة، والجيش والحشد الشعبي والحشد العشائري منشغلون بحرب لتحرير الفلوجة من تنظيم «داعش»، المجهول النسب والتمويل.
خطوات الصدر - سليل العائلة العريقة المجاهدة - تتطور يوماً عن يوم كقيادة ثورة شعبية متكاملة تشبه خطوات الراحل الإمام الخميني، خطوات لم يؤيدها أحد من القوى السياسية أو المراجع الدينية حتى الآن لأسباب عديدة، منها الخوف من نفوذ إيران والدعم الأميركي لحكومة العبادي، وخشية من أن يصاب العراق بما أصاب ليبيا والدول الفاشلة الأخرى نتيجة «الربيع العربي». لكن لا أحد من هذه القوى وحتى الآن انتقد خطوات الصدر أو ثورته الشعبية، بل إن إياد علاوي - زعيم ائتلاف الوطنية - هاجم الحكومة على تصرفاتها وطالبها بما طالبها به الصدر، ولام العبادي على تسمية المتظاهرين بـ «المندسين والفوضويين».
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستنشأ جمهورية إسلامية على نمط الجمهورية الإيرانية الإسلامية وتتوقف الحروب الأهلية، ويتمزق العراق إلى دويلات عرقية وطائفية؟ وهو هدف التقت عليه أهداف أعداء العروبة والإسلام في العراق وخارجه.
إضاءة
مشكلة الرياضة الكويتية أن طرفي النزاع أحدهما يقول: «إما أن تصفو لنا أو نخربها». والطرف الآخر يقول: «إن كانت لا تصفو إلا لهم فسنخربها»، واللبيب من الإشارة يفهم. هذا ملخص مقالي الذي نُشر الأحد الماضي.