مثقفون بلا حدود / أطفال فلسطين وتحديات المستقبل (1)

u062f. u0641u0647u062f u0633u0627u0644u0645 u0627u0644u0631u0627u0634u062f
د. فهد سالم الراشد
تصغير
تكبير
صور من الواقع...

لقد غدت وسائل الإعلام المعاصر من تلفزيون وسينما وصحافة مكتوبة أو صحافة إلكترونية، تتنافس على تقديم الحدث مرفقا بصورة، وهي بذلك تختزل كثيرا من الكلمات داخل صورة الحدث؛ فحينما ترافق الصورة الحدث تكون أكثر مصداقية وأشدّ تأثيرا في المشاهد لأنها مستوحاة من الواقع؛ فالصورة لغة دالة وموحية وهي مستوى فني وتقني لا يستهان به، كما أنها أسلوب للتخاطب والتحاجج، إنها وثائق الصور التي لا تزور ولا تكذب، إنها كاميرات الحق والعدالة ترصد هذه الوحشية وهي تمارس على أطفال فلسطين الأبرياء العزل. فقد استطاعت الصورة إظهار فظاعة الاحتلال الصهيوني، وساهمت في إثارة الرأي العالمي.

سؤال للعرب وللمسلمين وللعالم أجمع: هل ولادة طفل فلسطيني له حق العيش وحق العناية الصحية وحق اللعب وحق التعليم وحق التأمينات الاجتماعية أسوة بغيرهم من أطفال العالم؛ يعتبر خطيئة ارتكبتها الإنسانية بحقه ؟!

أطفال فلسطين يتعرضون يوميا للحرمان وللامبالاة الدولية والإهمال المجتمعي، والتشريد والتهجير على أيدي الغزاة الصهاينة.

أطفال لم يغترفوا ذنباً ناموا آمنين مطمئنين بأحضان ذويهم، استيقظوا فلم يجدوا أمـّاً ولا أباً ولا بيتاً ولا لعبة ولا قلماً ولا كراسة ولا مدرسة ولا ملابس تسترهم، لم يجدوا من يأويهم ومن يكسوهم.

صور مؤلمة من واقع مرير لمستقبل بهيم

- صورة لطفل فلسطيني تائه فوق الصخور فوق أنقاض بيته المهدم يبحث عن والديه وإخوته أو يبحث عن لعبته أو عن كراسته أو عن ألوانه أو عن ثيابه أو عن أدواته المدرسية، مثله مثل بقية أطفال العالم الذين يرفلون بنعيم الدنيا.

- صورة لطفل فلسطيني بثياب رثة ومهلهلة يمشي المسافات الطوال بحذاء أكل عليه الزمن دون أدوات مدرسية كاملة ومتكاملة يذهب إلى المدرسة، في حين غيره ينعم بملابس جديدة ومتناسقة وأدوات مدرسية متكاملة وسيارة وسائق لإيصاله إلى مدرسته القريبة من بيته.

- صورة لأطفال فلسطينيين قـُـتلوا جرّاء القصف الإسرائيلي، فتوسدوا جثمان أمهم المبعثر فوق الصخور.

- صورة لطفل فلسطيني يتحسّس جسد أبيه الذي يحتضر بسبب طلق ناري من جنود الاحتلال الإسرائيلي.

- صورة لطفل فلسطيني يجسّ نبض أخيه الذي فقد وعيه إثر ضربة على رأسه من جنود الاحتلال، لعل نبض هذه الأمة ينشط ويتحرك تجاه القضية الفلسطينية.

- صورة مريعة وكئيبة لعائلات فلسطينية تحت خط الفقر، جرّاء الآلة العسكرية الإسرائيلية الغبية التي شردتهم وتركتهم في العراء وأغراضهم المبعثرة هنا وهناك دون مأوى يسترهم، أسر فلسطينية لا تتمتع بأبسط ما تتمتع به أي أسرة في العالم من مقومات الحياة اليومية.

- صورة للرعب الذي تمارسه إسرائيل ضد الأسر الفلسطينية والذي انعكس سلبا على نفسية الأطفال الذين يبكون بصوت أجشّ، أعياه التعب، وأرهقه الألم، وخنقته عبرات الدموع.

- صورة لمحاصرة المنازل بالدبابات وهدمها مستبيحين حرماتها على مرأى ومسمع من الأطفال الفلسطينيين، الذين شـُـرّدوا ومـُـزقت أواصرهم، وفـُرقت لحمتهم، وقضى العدو الصهيوني على أحلامهم، ووأد طموحاتهم.

- صورة لطفل فلسطيني فـُجـع من دبابات العدو الصهيوني المنتشرة بين البيوت وفي الشوارع؛ إنها حرب إبادة ممنهجة ضد كل ما هو فلسطيني، إنهم يريدون أن يقطعوا نسل الفلسطينيين، ولكن هيهات هيهات لهم ذلك.

- صورة للانكسار الذي أصاب الطفل الفلسطيني وهو يرى الأمة العربية والإسلامية تتهاوى؛ فأي مصير للطفل الفلسطيني في خضم هذه الفوضى التي تجتاح العالم العربي والإسلامي؟ أي مستقبل للطفل الفلسطيني في ظل انشغال العالم العربي والإسلامي بالتناحر والتباغض فيما بينهم.

- صورة مؤلمة لقصف قرى ومنازل سكنية وحرقها بالكامل، أجساد ممزقة وأشلاء تتطاير لأطفال فلسطينيين.

- صورة لأم فلسطينية طردها الاستيطان الإسرائيلي من بيتها، حاملة بيدها اليمنى طفلها الرضيع الذي يجهل مصيره، وممسكة بيدها اليسرى طفلها الصغير الذي لا يعي ما يدور حوله؛ فقط تاهت عيناه في هذا المنظر المرعب من الهلع والخوف.

- صورة لهدم البيوت أمام أعين أهلها؛ فأين النصرة يا عرب ويا مسلمون؟ هل من مكان آمن يبات فيه هذا الطفل الفلسطيني بعد ما هـُدّم بيته؟

- صورة لأم أبت إلا أن تتمسك في بيتها وأرضها ؛ فأرْداها العدو الصهيوني قتيلة وأطفالها الثلاثة قتلى جاثمين وملتصقين بجسدها التصاق الأم بأرضها فلسطين، إنها صورة لتعرية ما يرتكبه العدو الصهيوني من وحشية في حق أطفال فلسطين.

- صورة لأم فلسطينية لا تعرف القهر والاستسلام، فهي تسمو فوق الجراح والآلام لتبعث رسالة للعالم موسومة بالحرية والكبرياء شعارها ( لا ضعف لا استكانة ).

- صورة للاعتداءات الوحشية على الأطفال الفلسطينيين من قبل المستوطنين اليهود الذين اغتصبوا بيوت الأهالي الفلسطينيين بقوة السلطة المحتلة.

- صورة للظروف القاسية التي يعيشها الطفل الفلسطيني يوميا، والتي يتعرض لها أبواه على يد الاحتلال الصهيوني.

- صورة للاستيلاء على مدراس الأطفال الفلسطينيين لبناء المستعمرات، وحرمانهم من التعليم.

- صورة لطفل فلسطيني أصبح كتلة من الفحم بعدما أضرم المستوطنون اليهود النار فيه حيًا، وينظرون إليه في هرج ومرج وفرح.

- صورة لطفل فلسطيني يحمل رأسين ( الضفة وغزة ) والجسد واحد ( فلسطين ). هذه الصورة ذو المغزى العميق تجسد الانشقاق بين الصفوف الفلسطينية، وتبقى فلسطين لتعتلي ذاكرة الأمة العربية الإسلامية.

* كاتب وباحث لغوي كويتي

[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي