رأي قلمي

أنقدوا أنفسكم...!

تصغير
تكبير
التقليد ملكة شائعة جداً، والنقد ملكة راقية جداً، لذلك نرى الكثير من الناس يقبلون المبادئ كما تأتيهم على علاتها بقدر شيوعها وانتشارها، ومن دون غربلة أو تمحيص، أو يكون عن طريق التربية التي تلقّاها الفرد من أسرته، وذلك لاشتراك السواد الأعظم من كل مجتمع وفي كل زمان، في حد وسط من التصورات والمنطقيات.

ونقد الآخرين يظل أسهل من نقد النفس، لأن الإنسان حين ينتقد نفسه يقوم بدور الحجر والنحّات في آن واحد. ولقلة ممارسة النقد والمراجعة لدينا فإن قليلاً من الأفكار تبقى كما هي حتى لو تعرضت لأي نقد سطحي تتقلب وتهتز وتنسف من قاموس حياتنا حتى وإن كانت قائمة بعملها التطويري. والغريب أن لدينا بعض الأشخاص أو المؤسسات لا ترضى عن نقد أي عمل أو فكر، وهي دائما ما تنتقل من إخفاق إلى إخفاق أكبر منه من دون أن يكون ذلك الإخفاق حافزاً لها للتأمل والمراجعة والنقد، وذلك لامتلاكها مناعة من نوع خاص ضد آلام التجربة وإخفاقاتها المتكررة.


ورغم كل ما قدمناه، إلا أننا نرى هؤلاء الأشخاص والمؤسسات يدّعون التحضر ومواكبة العصر بثوراته الإنسانية والتكنولوجية، وهم ما زالوا في بدائيتهم يرفضون نقد أفكارهم وغربلة عاداتهم وأطباعهم المكتسبة. ما نشاهده اليوم من تصرفات بعض الأشخاص أو تعامل بعض المؤسسات في طريقة تعاملهم السطحية والتقليدية مع أنفسهم ومع الآخرين، خير دليل وشاهد على ما بدأنا به من سطور، وهذا كله بسبب رفض المراجعة والنقد بدءاً بالأفكار وانتهاءً بالسلوك.

إن إظهار العيوب لتصحيحها والمحاسن لتعزيزها، تكون بمثابة جوائز وحوافز للتجدد والابتكار والخروج من قوالب التقليد، بل تساندنا بتقديم أفكار أصيلة بقوالب متحضرة ومتجددة تساعد المجتمعات على النهوض من كبوتها.

[email protected]

mona_alwohaib@
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي