أشعر بأن أكبر تحدٍ يواجهه الآباء والأمهات هو كيفية استغلال وقت العطلة الصيفية لدى أبنائهم، فالعطلة تمتد ثلاثة الى اربعة اشهر سنويا، يستيقظ فيها الطفل باكرا كما تعود خلال أيام السنة ليجد نفسه معفى من الاستعداد للذهاب الى المدرسة وأمامه وقت طويل يمتد من الصباح وحتى وقت متقدم من الليل!! يحاول الوالدان ملء ذلك الفراغ بقدر الامكان، فيشتريان لطفلهما اللعب الكثيرة والتي لا تلبث إلا أياما قليلة بين يديه قبل ان يكون مصيرها الكسر او الملل والترك، وذلك يضطر الوالدان إلى شراء الجهاز المعجزة (الآيباد) أو (التابلت) والذي له مفعول السحر على الاطفال ولكن لانحتاج الى دراسات او احصائيات لكي ندرك خطورته المدمرة على عقول ابنائنا وقدرته الجبارة على الاستيلاء على مشاعرهم وتفكيرهم وعزلهم عن واقعهم!! يقول احد المربين: «لقد جربت التفاعل مع احفادي الذين احضر لهم آباؤهم (التابلت) فوجدت بأنهم شبه معزولين عني ولا يكادون يستمعون الى كلامي او يردون على اسئلتي، بل ويتصرفون بعصبية اذا حاولت الدخول الى عالمهم واختبار إدراكهم».
يسعى كثير من أولياء الامور الى اشراك أبنائهم في النشاطات الخارجية مثل النوادي الصيفية او البرامج التي تنظمها مؤسسات المجتمع المدني، ولكن مشكلة تلك النشاطات انها قليلة وغير متنوعة، وكثيراً ما تتطلب انفاقا كبيراً يعجز عن تكاليفه اكثر الناس، كما ان فترتها محدودة وفوائدها كذلك محدودة!
وهذه النشاطات الخارجية تسبب العذاب لأولياء الامور حيث يضطرون إلى التنقل الى اماكن الترفيه وسط أجواء حارقة تنزع جلد الرأس وتتسبب في تحويل سعادة الاطفال الى شقاء لهم ولوالديهم!
حتى المنتزهات التي خصصتها الحكومة للناس تعاني من التكدس وغلاء الاسعار وامتداد الحر الى ساعات متقدمة من الليل مما يكفي لافساد افضل النشاطات وتحويلها الى كوابيس!
البعض حسم الامر بتخطيطه للسفر طوال فترة الصيف، ولكن ذلك الحلم الجميل له ثمن كبير، فتكاليف السفر أصبحت باهظة إلى درجة ان الاسر متوسطة الحال والفقيرة تعجز عن تغطية مصاريف تلك الرحلات، وان استطاعت فلفترات قصيرة لا تزيد على اسبوعين!
كذلك فإن الأوضاع المأسوية لكثير من الدول العربية جعلت السفر الى تلك الدول شبه مستحيل مثل لبنان والعراق ومصر، اما الدول الغربية فانها غالية وغير مناسبة لكثير من السياح الكويتيين.
ان الحكومة مطالبة بمساعدة اولياء الامور على اجتياز فترة الصيف بسلام، وذلك عن طريق تكثيف نشاطاتها الرسمية من أجل استقطاب الكثير من الاطفال في نشاطات بدنية وعقلية تستوعب طاقتهم في ما يفيدهم، وان تعمل على تأسيس النوادي الأدبية والثقافية وتستقطب لها خيرة الخبراء والمدربين لكي تتحول العطلة الصيفية الى مدرسة ممتعة يستفيد فيها التلميذ مثلما يستفيد خلال الفصول الدراسية! ولابد من التركيز على تعلم القراءة فهي خير جليس.
كم أشعر بالاستغراب والتعجب عندما أرى بأن وزارة التربية تختصر المواسم الدراسية الرسمية لكي تحول جزءا كبيراً منها الى عطل، فتعطل الاطفال قبل نصف العام بأسبوع، أو أسبوعين، وقبل نهاية العام أسبوعين، وبدلا من أن يتم تمديد العام الدراسي ليغطي معظم السنة، نجد بأن العكس هو الصحيح.