مدعون عامون لـ«الراي»: إحالة 158 على التقاعد مخالف قانونياً ودستورياً

الادعاء العام... في انتظار الإنصاف

تصغير
تكبير
منيرة الرشيدي: يجب إدراج المتقاعدين أخيراً في المادة العاشرة من القانون 53/‏2001

فاطمة الخليفة: الدستور اعتبر إدارة التحقيقات ضمن الجسم القضائي

الروضان: المادة 167 من الدستور تنظر إلى الادعاء العام كجزء من السلطة القضائية

بدر عماش الحربي: قرار إحالة التقاعد الذي شمل عشرات المدعين العامين غير قانوني
في وقت تعالت أصوات العاملين في الادعاء العام للمطالبة بالانضمام إلى النيابة العامة تطبيقا للدستور ومساواتهم بالعاملين بها في الامتيازات المادية والقانونية واكتسابهم الحصانة الديبلوماسية، قرر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد إحالة 158 مدعيا عاما على التقاعد، الامر الذي اعتبره قانونيون مخالفا لقرار مجلس الخدمة المدنية ذي الصلة.

«الراي» عمدت إلى تسليط الضوء على تلك القضية واستجلاء جوانبها، لينال كل ذي حق حقه، فاستضافت بعض المدعين العامين توازيا مع استيضاح الرأي القانوني والدستوري في تلك القضية، ما بين ان حقوق هذه الشريحة تعرضت للانتقاص، الامر الذي يضع المعنيين من نواب ومسؤولين تنفيذيين في خانة تحمل المسؤولية لاعادة الحق إلى أصحابه، وهو ما يتضح مما يلي:


قالت المدعي العام المتقاعدة الدكتورة فاطمة الخليفة «إن سلطة الادعاء العام في قضايا الجنح تعتبر الضامن والامين علي تحريك الدعاوى العمومية في المجتمع وتعمل بالتوازي مع النيابة العامة التي تختص سلطتها بالجنايات ويعملان ضمن الهرم القضائي».

ولفتت الخليفة إلى أن «الدستور اعتبر إدارة التحقيقات ضمن السلطة القضائية وجزءا لا يتجزأ من الجسم القضائي وليس فرعا من السلطة التنفيذية الممثلة في وزارة الداخلية لما لها من سلطات قضائية لا يجوز دستوريا وقانونيا لأي سلطة في الكويت ان تتجرأ على ممارستها المتمثلة في سلطة التحقيق والتصرف والادعاء والحفظ في قضايا الجنح اصلا وجوازية التفويض من وزير العدل بممارستها في قضايا الجنايات استثناء وفقا للمادة 167 من القانون الا ان ثمة فرقا بين التحقيقات والسلطة القضائية في مخالفة واضحة للدستور الذي اعتبرهما جزءا اصيلا من السلطة القضائية ومخالفا لقرار وزير الداخلية في 1965 المتعلق بالتنظيم الداخلي لادارة التحقيقات الذي أوضح انها ادارة ذات صفة وطبيعة قضائية».

وذكرت أن «سلطة الادعاء العام للنائب العام في الجنايات والمدعي العام في الجنح تأتي من اعتبارهما الأمينين على تحريك الدعوى العمومية في المجتمع بالاضافة إلى سلطة التصرف والتحقيق في الدعوى، كل منهما بحسب اختصاصه وهذا ما أقرته محكمة التمييز في حكمها الصادر بتاريخ 25/10/2010 حين علقت صحة الأحكام القضائية على صحة تشكيل هيئة محكمة أول درجة التشكيل القانوني السليم التي نالت به القضاء الجالس المتمثل بأعضاء التحقيقات بالاضافة إلى حضور ممثل الادعاء العام بالجنح لصحه إجراءات جلسهً المحكمة وإلا شابها بطلان مطلق لا يمكن تصحيحه لتعلقه بالنظام العام وكذلك لأن القرارات الصادرة بحفظ التحقيق بالقضايا من التحقيقات يطعن عليها امام محكمه الجنح المستأنفه اي تعتبر بمثابة حكم اول درجة كما هي الحال بالطعن على قرارات حفظ النائب العام».

وأضافت ان «التظلم من قرارات منع السفر وتسليم المضبوطات وتجديد اوامر الحبس الاحتياطي كلها قرارات قضائيه تصدر من التحقيقات ويتم التظلم منها امام رئيس المحكمه الكليه»، مشيرة إلى ان «هذا الحكم الصادر من محكمة التمييز في 25/10 / 2010 اكد قرينة قانونية على أن الإدارة العامة للتحقيقات جزء لا يتجزأ من الجسم القضائي وليس فرعا من فروع السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة الداخلية، وذلك بما لها من سلطات واختصاصات قضائية جوهرية بحتة».

وأوضحت الخليفة أن «القول بعزل أعضاء جهاز الإدارة العامة للتحقيقات عن إطار جهاز السلطة القضائية، فهو اجتهاد مردود يؤخذ عليه، فلا يجوز انتقاص الصفة القضائية لمحققي وزارة الداخلية، باعتبارهم جزءا من جهاز القضاء الجالس، فإذا أردنا أن نحدد طبيعة هذه الجهة فإننا نقول إن قرار وزير الداخلية الصادر في 1965 المتعلق بالتنظيم الداخلي لإدارة التحقيقات جاء في أن إدارة التحقيقات إدارة ذات صفة وطبيعة قضائية وفقا لما ينص عليه قانون الإجراءات الجزائية، ويمارس أعضاؤها اختصاصهم وفقا لما ينص عليه هذا القانون وتتولى الدعوى الجزائية في جميع مراحلها في قضايا الجنح».

وعن قرار إحالة المدعين العامين الـ158 على التقاعد، أفادت الخليفة بأن «القرار يحمل في طياته شكلا وموضوعا فصلا تأديبيا وعزلا لكوادر وطنية استشارية ذات خبرات خاصه بجهاز التحقيقات الأمين علي مباشره وتحريك الدعوى العمومية في المجتمع بالتعاون مع زملائهم أعضاء النيابة العامة ويمثل ضربا لمراكزهم القانونية المكتسبة والمستقرة وخدشا لمبدأ الفصل بين السلطات لذلك يتعين إعادة النظر في أمر الاحالة وإشكالية وحدة عمل التحقيق الجنائي وإعادة ثقة المجتمع والجمهور بأعضاء جهاز التحقيقات».

بدورها، أكدت المدعي العام المتقاعدة منيرة الرشيدي أن «دوائر الشرطة والأمن العام كانت الجهة الأصلية الوحيدة صاحبة الولاية العامة المختصة بالتحقيق في الجنايات والجنح والمخالفات، وذلك قبل صدور قانون تنظيم القضاء عام 1959، وبعد استقلال الكويت وازدياد الكثافة السكانية والمدنية ارتات السلطة تنظيم جهاز القضاء فأسندت تدريجيا التحقيق في الجنايات لجهاز النيابة العامة والتي تتبع بدورها وزير العدل، وأبقت التحقيق في الجنح والمخالفات لجهاز الإدارة العامة للتحقيقات مجاملة للأمن العام وقتذاك الذي بدوره يتبع وزير الداخلية».

وبينت انه «لم يكن من الميسور سلب الولاية دفعة واحدة من رجال الأمن العام ولا سيما أن طبيعة عمل المحقق بجهاز الإدارة العامة للتحقيقات وخطورة وثقل أعباء السلطات القضائية المنوطة إليه والمتمثلة بسلطة التحقيق والادعاء والتصرف تكمن في جوهرها دلالة الضمانات القضائية التي نتلمسها من عمل المحقق والنيابة العامة معا والمتمثلة في الحيادية والاستقلالية القضائية وان كانت منقوصة بمقارنتها باستقلالية وحيادية قاضي المنصة، ولا سيما أن مصطلح المحقق نصت عليه اغلب نصوص قانون الإجراءات الجزائية دون تفرقة بين عضو النيابة العامة ومحقق الإدارة العامة للتحقيقات».

وذكرت ان «عدم جواز رد محقق وزارة الداخلية لأنه يكتب التحقيق بنفسه وهذا مغاير لما عليه الامر في النيابة، فهذا الرد يحقق للمحقق قدرا كبيرا من النزاهة على التحقيق وتمنح المتهم والجمهور الثقة والاطمئنان على سير أجهزة العدالة».

وطالبت الرشيدي استنادا على قوانين العالم المتحضر ونصوص الدستور والقانون وبناء على ما جاء به شراح القانون «بأن يكون المدعوون العامون أعضاء جهاز التحقيقات ممثلو الدعوى العمومية في المجتمع الكويتي تحت مظلة السلطة القضائية في سلم الهرم القضائي بما لهم من صفة وطبيعة عمل قضائية وما يتمتعون به من اختصاصات وضمانات قضائية يتمتع بها زملاؤهم أعضاء النيابة العامة دون غيرهم في الدولة».

وطالبت الرشيدي السلطة التشريعية وممثلي مجلس الامة بـ«مراعاة إضافة عبارة (تشمل المحالين المتقاعدين اخيرا) عند التصويت على المادة العاشره من القانون 53/2001».

وعلى الصعيد القانوني، قال المحامي بدر عماش الحربي «ان قرار احالة التقاعد الذي شمل العشرات من المدعين العامين غير قانوني لعدة اسباب اهمها انه غير مسبب كما انه مخالف للقانون الصادر في 2005 القاضي باستثناء القانونيين من الاحالة للتقاعد حتي بلوغهم سن 65 سنه وهو ما دعا الكثير ممن احيلوا على التقاعد إلى اللجوء للمحكمة الادارية لاسترداد حقوقهم وعودتهم للخدمة، لا سيما أن القرار فاجأ الجميع ودون انذار مما نال من حقوق المدعين ومراكزهم القانونية المكتسبة والمستقرة».

ولفت الحربي إلى ان «القرار الذي اتخذه وزير الداخلية أحدث فراغا في المحاكم وترتب عليه تأخير إنجاز التحقيقات، مما أثر على مصالح الناس وأخر معاملاتهم بالاضافة إلى ضياع خبرات كويتية تجاوزت اكثر من 30 عاما يحتاجها الجهاز القضائي لتدريب حديثي التخرج بدل الاعتماد على العمالة الوافدة».

وطالب الحربي بـ«ضرورة ضم الادعاء العام إلى الجهاز القضائي والنيابة العامة ومساواتهم بكافة الامتيازات وفق القانون والدستور مع اعادة النظر في قرار الاحالة والغائه حفاظا علي وحدة التحقيق الجنائي في الكويت».

ونيابيا، قال النائب روضان الروضان ان «المادة 167 من الدستور واضحة في شأن جعل الادعاء العام جزءا من السلطة القضائية ما يعتبر انصافا لهم وحفظا لحقوقهم».

واشار إلى ان «لجنة العرائض والشكاوى اجتمعت مع قياديي وزارة الداخلية وطلبت منهم تفسير المادة المذكورة دستوريا ومدى تطبيقها علما ان المجلس قد صوت سابقا في مداولتين علي قانون خاص بهم وتم رده من الحكومة ولذا ارتأينا تأجيل التصويت حتي دور الانعقاد المقبل لينال الاغلبيه المعتادة (33 صوتا) بدل التصويت في الدور الحالي الذي يحتاج إلى 42 صوتا لانجازه»، منوها بـ«تعاون وزارة الداخلية وتأكيد قيادييها أن الوزارة ستقوم بتفسير المادة ولن تظلم منتسبيها وسيأخذون حقوقهم كاملة حسب القانون».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي