قانونيون وإعلاميون يتناغمون مع حكم القضاء برفض تشخيص النيابة لـ«تغريدات مسيئة للأشقاء»
140 حرفاً... أصغر من أن تزعزع علاقات الكويت بأشقائها
فيصل القناعي
مريم المؤمن
محمد العتيبي
طاهر البغلي
محمد الفيلي
محمد الفيلي: رأي المواطن لا يعبر عن رأي بلده... والعلاقات التي تتأثر بتغريدة هشّة
فيصل القناعي: براءة المغرّد زادت من سقف الحرية ولكنها ليست صك غفران لغيره للإساءة
محمد العتيبي: محاكمات المغردين ليس لها أساس قانوني أو دستوري مع خلو التشريعات مما ينص على ذلك
طاهر البغلي: قوانيننا لا تعاقب على نقد السياسيين باستثناء الحملات المنظمة وهذا لا يشمل التعبير الفردي
مريم المؤمن: الدول تربطها مواثيق لا تتأثر بالآراء... ولمعاقبة أصحابها لا بد من ميثاق تجريم من الجامعة العربية
فيصل القناعي: براءة المغرّد زادت من سقف الحرية ولكنها ليست صك غفران لغيره للإساءة
محمد العتيبي: محاكمات المغردين ليس لها أساس قانوني أو دستوري مع خلو التشريعات مما ينص على ذلك
طاهر البغلي: قوانيننا لا تعاقب على نقد السياسيين باستثناء الحملات المنظمة وهذا لا يشمل التعبير الفردي
مريم المؤمن: الدول تربطها مواثيق لا تتأثر بالآراء... ولمعاقبة أصحابها لا بد من ميثاق تجريم من الجامعة العربية
كثيرا ما قرأنا في دعاوى النيابة العامة ضد المغردين الذين كتبوا تغريدات ناقدة لإحدى الدول الشقيقة القول بأن المغرد «سطر العبارات المبينة بالأوراق، والتي من شأنها تعريض الكويت لخطر قطع العلاقات السياسية مع الدولة الشقيقة، وأساء عمداً استعمال وسيلة الاتصالات الهاتفية بأن استخدم الهاتف النقال بارتكاب الجريمة محل التهمة الأولى».
ولكن هل فعلا تفعل تغريدة من 140 حرفا كل ما جاء في وصف النيابة؟ وهل يستطيع مغرد يعبر عن رأيه الشخصي أن يعكر صفو علاقات ديبلوماسية بين الكويت وإحدى الدول الشقيقة أو الصديقة؟ وما ذلك نوع تلك التغريدة حتى تصل إلى ذلك المستوى من التأثير السياسي فتقطع علاقات أو يتعرض أمن الدولة للخطر جراءها؟
أسئلة تحتاج إلى إجابة، ويمكن أن يساعد الحكم الصادر أخيرا في دعوى النيابة ضد أحد المغردين، في وضع تغريدات «تويتر» في حجمها الطبيعي، حيث نص الحكم الذي برّأ المغرد على أن التغريدة «لا ترقى أن تكون أعمالاً عدائية حقيقية من شأنها تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية، ما يستدعي الحاجة إلى وجود تشريعات جديدة ملائمة، من حيث الوصف القانوني السليم لنص التجريم ببيان الوقائع المحظورة ووضع العقوبة الملائمة لها».
واشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى ان «التغريدات وان تضمنت عبارات مسيئة تنم عما يكنه المتهم من ضغون وكره للدولة الشقيقة
ورموزها، إلا أنه لا يمكن للمحكمة أن تُحمل مادة الاتهام - نص التجريم - أكثر مما يحتمل وتتوسع فيه بلا سند».
الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي، أكد لـ«الراي» أن «تعبير المواطن عن رأيه لا يعني أنه تعبير عن موقف الدولة، خصوصا اذا علمنا أن الدولة كيان قائم بذاته وأفراده المواطنون لا يعبرون عن موقفها»، لافتا إلى أن «العلاقات القائمة بين دولتين على مصالح وآمال مشتركة، يصبح من الغريب أن مواطنا من إحداهما يعبر عن رأيه الشخصي في تغريدة تهز هذه العلاقة مما يعطي انطباعا أن العلاقة كانت هشة».
وأوضح الفيلي، أنه «بعد صدور الحكم الأخير خلق شعورا لدى البعض بضرورة تعديل القوانين بناء على حكم ورؤية قاضي واحد»، متسائلا «هل في صدور حكم واحد مخالف في وجهة نظر القاضي يستدعي تعديل القانون؟».
من جانبه قال الناشط الحقوقي طاهر البغلي أن «حرية الرأي حق انساني أصيل، مكفول لكل انسان، وهذا الحق مثله مثل الكثير من الحقوق الإنسانية يخضع لمعايير تنظم الحصول عليه، ومن ابرز تلك المعايير وجوب تجريم خطاب الكراهية أو العنف وتجريم التمييز العنصري، وتجريم الدعوة والتحريض على الحروب، والمساس بسمعة الأشخاص أو حياتهم الشخصية. وكذلك وجوب وجود قيود تحمي القضاء والتحقيقات من التدخلات والضغوط».
وأضاف أن «الحفاظ على النظام العام والأمن القومي، وحالة المنع لا بد أن تكون مبنية على وجود خطر حقيقي وليس مجرد افتراضات أو احتمالات بعيدة، كما يجب أن يكون كل قيد منصوص عليه بقانون ولا يوضع أو يمارس بشكل تمييزي. وتفترض ممارسة حرية التعبير وفق الإطار الحقوقي بألا يكون هناك قيد إضافي على ممارسة حرية التعبير بسبب انتقاد السياسيين والشخصيات العامة. بل يجب أن يتم التسامح أكثر بتوجيه النقد الحاد تجاه الشخصيات العامة، بسبب طبيعة عملها وتأثير القرارات التي تتخذها. والكويت باعتبارها عضوا بالأمم المتحدة ومصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية، أبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، عليها واجب بأن تصيغ قوانينها المحلية وممارساتها بما يتناسب مع معايير حرية التعبير».
وأفاد بأنه «على صعيد الممارسة تتشدد بعض الدول بفرض قيود على حرية التعبير فيما يختص بتعرض مواطنيها لساسة دول أخرى بالنقد. وبينما يبدو ظاهريا بأن هذه القوانين ترفع الحرج عن تلك الدول في علاقتها مع الدول الأخرى في حال مساس أحد مواطنيها بها، إلا ان الواقع الممارس يثبت ان هذا الأسلوب يأتي بأثر عكسي. ففي اللحظة التي تبدأ الدولة فيها بفرض عقوبات على مواطنيها لتعرضهم لسياسيي دول أخرى، تجعل نفسها مسؤولة بدرجة ما عن أي تصريح يقوم به أي من مواطنيها، وبالتالي تقع بحرج شديد في حال التباطؤ بتوجيه الاتهام له ومعاقبته. وبالتالي يصبح أي تصريح من أي مواطن ينتقد دولة أخرى موضع قلق سياسي بين تلك الدول. بينما الدول التي تلتزم بالمعايير الإنسانية لحقوق التعبير لا تقع بهذا الحرج لان الدول الأخرى تعلم يقينا بان الحكومة ليس لها سلطة بمعاقبة أو منع رأي المواطنين بالتعبير عن رأيهم بالقضايا السياسية الخارجية».
واضاف «القوانين الكويتية لا تعاقب صراحة على نقد سياسيين من دول أخرى، باستثناء القيام بحملات إعلامية منظمة تجاههم، وهذا لا يشمل بالطبع التعبير الفردي خارج المؤسسات الإعلامية، الا ان الممارسة الفعلية سمحت بمحاكمة اشخاص ارتكبوا هذا الفعل ضمن اطار التفسيرات الاوسع لبعض النصوص القانونية».
من جانبها، قالت المحامية مريم المؤمن أن «العلاقات بين الدول تربطها مواثيق وعهود وبروتوكلات بين الحكومات ولا تتاثر ببعض آراء افراد مجتمعها، ولا بد من اصدار ميثاق من جامعة الدول العربية يجرم تلك الآراء سواء السياسية او الاقتصادية او الادبية التي تؤدي الى سوء العلاقة بين الدول بعضها ببعض، ولا بد لتلك الدول ان تصدر تشريعات صارمة بهذا الشأن لكي تحد منها، وان تجعل عقوبتها صارمة حتى لا تسول لأي شخص بأن يبدي مثل تلك الآراء وبأن يراجع نفسه قبل ابدائها، حتى يكون عبرة، كما لا بد لتلك القوانين ان تعطي الحق للدول التي اسيء لها بان تحاكم الشخص المسيء وان تقوم دولة جنسيته بتسليمه لها لمحاكمته، او ان يتفق على محاكمته امام قضائها و ان يقضي العقوبة ببلده او على العكس تقوم دولة جنسية الشخص السيىء بمحاكمته وفقا لقانونها ودستورها».
ومن جهته، قال المحامي محمد ذعار العتيبي «لا شك أن محاكمة المغردين بناء على تغريداتهم تحمل الكثير من التعسف، اذ خلت التشريعات من عقوبة محددة لها، ولابد من تشريع نص قانوني يشمل تلك العقوبة، لذلك فإن المحاكمات التي تتم على ذلك ليس لها أساس قانوني أو دستوري. وهذا ما اكدته محكمة الجنايات في حكمها الاخير والذي توجهت به المحكمة الى المشرعين بضرورة وضع تشريع محدد لتلك الواقعة اذ لا عقوبة بدون نص».
أما أمين سر جمعية الصحافيين الكويتية فيصل القناعي، فقال إن «حكم المحكمة بتبرئة أحد المتهمين من الاساءة لإحدى الدول الشقيقة لا يعطي الحق للمغردين ويمنحهم الحرية وصك غفران يسمح لهم بالإساءة للدول الشقيقة والصديقة، بالرغم من ذلك زاد من سقف الحريات بشكل عام«، لافتا إلى أن «هناك الكثير من المغردين قد تم سجنهم بسبب تغريدات مسيئة إلى الدول الصديقة».
ولكن هل فعلا تفعل تغريدة من 140 حرفا كل ما جاء في وصف النيابة؟ وهل يستطيع مغرد يعبر عن رأيه الشخصي أن يعكر صفو علاقات ديبلوماسية بين الكويت وإحدى الدول الشقيقة أو الصديقة؟ وما ذلك نوع تلك التغريدة حتى تصل إلى ذلك المستوى من التأثير السياسي فتقطع علاقات أو يتعرض أمن الدولة للخطر جراءها؟
أسئلة تحتاج إلى إجابة، ويمكن أن يساعد الحكم الصادر أخيرا في دعوى النيابة ضد أحد المغردين، في وضع تغريدات «تويتر» في حجمها الطبيعي، حيث نص الحكم الذي برّأ المغرد على أن التغريدة «لا ترقى أن تكون أعمالاً عدائية حقيقية من شأنها تعريض الكويت لخطر الحرب أو قطع العلاقات السياسية، ما يستدعي الحاجة إلى وجود تشريعات جديدة ملائمة، من حيث الوصف القانوني السليم لنص التجريم ببيان الوقائع المحظورة ووضع العقوبة الملائمة لها».
واشارت المحكمة في حيثيات حكمها إلى ان «التغريدات وان تضمنت عبارات مسيئة تنم عما يكنه المتهم من ضغون وكره للدولة الشقيقة
ورموزها، إلا أنه لا يمكن للمحكمة أن تُحمل مادة الاتهام - نص التجريم - أكثر مما يحتمل وتتوسع فيه بلا سند».
الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي، أكد لـ«الراي» أن «تعبير المواطن عن رأيه لا يعني أنه تعبير عن موقف الدولة، خصوصا اذا علمنا أن الدولة كيان قائم بذاته وأفراده المواطنون لا يعبرون عن موقفها»، لافتا إلى أن «العلاقات القائمة بين دولتين على مصالح وآمال مشتركة، يصبح من الغريب أن مواطنا من إحداهما يعبر عن رأيه الشخصي في تغريدة تهز هذه العلاقة مما يعطي انطباعا أن العلاقة كانت هشة».
وأوضح الفيلي، أنه «بعد صدور الحكم الأخير خلق شعورا لدى البعض بضرورة تعديل القوانين بناء على حكم ورؤية قاضي واحد»، متسائلا «هل في صدور حكم واحد مخالف في وجهة نظر القاضي يستدعي تعديل القانون؟».
من جانبه قال الناشط الحقوقي طاهر البغلي أن «حرية الرأي حق انساني أصيل، مكفول لكل انسان، وهذا الحق مثله مثل الكثير من الحقوق الإنسانية يخضع لمعايير تنظم الحصول عليه، ومن ابرز تلك المعايير وجوب تجريم خطاب الكراهية أو العنف وتجريم التمييز العنصري، وتجريم الدعوة والتحريض على الحروب، والمساس بسمعة الأشخاص أو حياتهم الشخصية. وكذلك وجوب وجود قيود تحمي القضاء والتحقيقات من التدخلات والضغوط».
وأضاف أن «الحفاظ على النظام العام والأمن القومي، وحالة المنع لا بد أن تكون مبنية على وجود خطر حقيقي وليس مجرد افتراضات أو احتمالات بعيدة، كما يجب أن يكون كل قيد منصوص عليه بقانون ولا يوضع أو يمارس بشكل تمييزي. وتفترض ممارسة حرية التعبير وفق الإطار الحقوقي بألا يكون هناك قيد إضافي على ممارسة حرية التعبير بسبب انتقاد السياسيين والشخصيات العامة. بل يجب أن يتم التسامح أكثر بتوجيه النقد الحاد تجاه الشخصيات العامة، بسبب طبيعة عملها وتأثير القرارات التي تتخذها. والكويت باعتبارها عضوا بالأمم المتحدة ومصادقة على العديد من الاتفاقيات الدولية، أبرزها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، عليها واجب بأن تصيغ قوانينها المحلية وممارساتها بما يتناسب مع معايير حرية التعبير».
وأفاد بأنه «على صعيد الممارسة تتشدد بعض الدول بفرض قيود على حرية التعبير فيما يختص بتعرض مواطنيها لساسة دول أخرى بالنقد. وبينما يبدو ظاهريا بأن هذه القوانين ترفع الحرج عن تلك الدول في علاقتها مع الدول الأخرى في حال مساس أحد مواطنيها بها، إلا ان الواقع الممارس يثبت ان هذا الأسلوب يأتي بأثر عكسي. ففي اللحظة التي تبدأ الدولة فيها بفرض عقوبات على مواطنيها لتعرضهم لسياسيي دول أخرى، تجعل نفسها مسؤولة بدرجة ما عن أي تصريح يقوم به أي من مواطنيها، وبالتالي تقع بحرج شديد في حال التباطؤ بتوجيه الاتهام له ومعاقبته. وبالتالي يصبح أي تصريح من أي مواطن ينتقد دولة أخرى موضع قلق سياسي بين تلك الدول. بينما الدول التي تلتزم بالمعايير الإنسانية لحقوق التعبير لا تقع بهذا الحرج لان الدول الأخرى تعلم يقينا بان الحكومة ليس لها سلطة بمعاقبة أو منع رأي المواطنين بالتعبير عن رأيهم بالقضايا السياسية الخارجية».
واضاف «القوانين الكويتية لا تعاقب صراحة على نقد سياسيين من دول أخرى، باستثناء القيام بحملات إعلامية منظمة تجاههم، وهذا لا يشمل بالطبع التعبير الفردي خارج المؤسسات الإعلامية، الا ان الممارسة الفعلية سمحت بمحاكمة اشخاص ارتكبوا هذا الفعل ضمن اطار التفسيرات الاوسع لبعض النصوص القانونية».
من جانبها، قالت المحامية مريم المؤمن أن «العلاقات بين الدول تربطها مواثيق وعهود وبروتوكلات بين الحكومات ولا تتاثر ببعض آراء افراد مجتمعها، ولا بد من اصدار ميثاق من جامعة الدول العربية يجرم تلك الآراء سواء السياسية او الاقتصادية او الادبية التي تؤدي الى سوء العلاقة بين الدول بعضها ببعض، ولا بد لتلك الدول ان تصدر تشريعات صارمة بهذا الشأن لكي تحد منها، وان تجعل عقوبتها صارمة حتى لا تسول لأي شخص بأن يبدي مثل تلك الآراء وبأن يراجع نفسه قبل ابدائها، حتى يكون عبرة، كما لا بد لتلك القوانين ان تعطي الحق للدول التي اسيء لها بان تحاكم الشخص المسيء وان تقوم دولة جنسيته بتسليمه لها لمحاكمته، او ان يتفق على محاكمته امام قضائها و ان يقضي العقوبة ببلده او على العكس تقوم دولة جنسية الشخص السيىء بمحاكمته وفقا لقانونها ودستورها».
ومن جهته، قال المحامي محمد ذعار العتيبي «لا شك أن محاكمة المغردين بناء على تغريداتهم تحمل الكثير من التعسف، اذ خلت التشريعات من عقوبة محددة لها، ولابد من تشريع نص قانوني يشمل تلك العقوبة، لذلك فإن المحاكمات التي تتم على ذلك ليس لها أساس قانوني أو دستوري. وهذا ما اكدته محكمة الجنايات في حكمها الاخير والذي توجهت به المحكمة الى المشرعين بضرورة وضع تشريع محدد لتلك الواقعة اذ لا عقوبة بدون نص».
أما أمين سر جمعية الصحافيين الكويتية فيصل القناعي، فقال إن «حكم المحكمة بتبرئة أحد المتهمين من الاساءة لإحدى الدول الشقيقة لا يعطي الحق للمغردين ويمنحهم الحرية وصك غفران يسمح لهم بالإساءة للدول الشقيقة والصديقة، بالرغم من ذلك زاد من سقف الحريات بشكل عام«، لافتا إلى أن «هناك الكثير من المغردين قد تم سجنهم بسبب تغريدات مسيئة إلى الدول الصديقة».