برّأتهما من تهمة التعدي على رجال الأمن أثناء المظاهرة
«الجنايات» تحبس المسيلم وعباس «الشعبي» سنة: تظاهرا للضغط على السلطة لإطلاق أحد السجناء
محمد الدعيج
المتهمان دعوا للمشاركة في التظاهرة الأول عبر حسابه في «تويتر» والثاني دعا المقربين منه
كانا في الصفوف الأمامية لقيادة المتظاهرين وتوجيههم ولم يستجيبا لأمر رجال الشرطة بفض التجمهر
أركان الجريمة توافرت من نية معقودة وأفعال مادية وقعت منهما باعتراف المتهم الأول وشهادة ضابط المباحث
دليل اعتداء المتهمين على رجال الأمن جاء متهالكاً متساقطاً لا شيء فيه يصح الأخذ به
المشاهد المثبتة في القرص المدمج لم تظهر حمل أي من المتهمين حجارة أو أدوات صلبة لمقاومة الشرطة
كانا في الصفوف الأمامية لقيادة المتظاهرين وتوجيههم ولم يستجيبا لأمر رجال الشرطة بفض التجمهر
أركان الجريمة توافرت من نية معقودة وأفعال مادية وقعت منهما باعتراف المتهم الأول وشهادة ضابط المباحث
دليل اعتداء المتهمين على رجال الأمن جاء متهالكاً متساقطاً لا شيء فيه يصح الأخذ به
المشاهد المثبتة في القرص المدمج لم تظهر حمل أي من المتهمين حجارة أو أدوات صلبة لمقاومة الشرطة
نافية عنهما تهمة «التعدي على رجال الأمن» قضت محكمة الجنايات بحبس كل من مساعد المسيلم وعباس الشعبي سنة مع النفاذ، «لدعوتهما ومشاركتهما في تظاهرة غير مرخصة، بهدف الضغط على السلطة لإطلاق أحد السجناء».
ورأت المحكمة التي عقدت جلسة النطق بالحكم أمس برئاسة المستشار محمد راشد الدعيج وعضوية المستشارين محمد يوسف الصانع وعبدالعزيز عبدالله المسعود، أن المتهم الأول «المسيلم» استغل حسابه عبر موقع التواصل «تويتر» ليدعو إلى المشاركة في المظاهرة، فيما دعا الثاني «الشعبي» المقربين إليه للمشاركة.
وكانت النيابة العامة قد أسندت للمتهمين أنهما في 3 يوليو 2014 بدائرة المباحث الجنائية بدولة الكويت، تعدى المتهمان وآخرون مجهولون على موظفين عموميين «أعضاء قوة الشرطة» أثناء قيامهم بواجبات وظيفتهم في فض التجمهر والمظاهرة موضوع التهمتين الثانية والرابعة، بأن قاموا بدفعهم ورشقهم بالحجارة، وكان ذلك بقصد مقاومتهم وتعطيل مهام وظيفتهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، واشتركا وآخرين مجهولين في تجمهر في مكان عام مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص، وكان الغرض منه ارتكاب جرائم التعدي على رجال الشرطة والسير في مظاهرة غير مرخصة، وتعطيل المرور بالطريق العام والإخلال بالأمن العام.
وأضافت النيابة أن المتجمهرين بقوا متجمهرين بعد صدور أمر من رجال السلطة العامة لهم بالانصراف، حال كونهم حاملين أدوات صلبة «حجارة» من غير المعتاد حملها في الأوضاع العادية، على النحو المبين بالتحقيقات، ودعيا إلى عقد مظاهرة دون ترخيص بذلك من الجهة المختصة، على النحو المبين بالتحقيقات، واشتركا وآخرين مجهولين في مظاهرة غير مرخصة مؤلفة من أكثر من عشرين شخص، على النحو المبين بالتحقيقات. ولم يستجيبوا للأمر الصادر لهم من رجال السلطة العامة بفض المظاهرة موضوع التهمة الرابعة، وكان ذلك مصحوبا باستعمال القوة بأن قاموا بدفع رجال الشرطة ورشقهم بالحجارة، على النحو المبين بالتحقيقات وتعمدوا وآخرين مجهولين تعطيل وإعاقة المرور بالطريق العام وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ووجهت النيابة للمتهم الأول «مساعد المسيلم» أنه أساء استعمال وسيلة من وسائل المواصلات الهاتفية بأن استخدم هاتفه في الدعوة للمظاهرة والتجمهر موضوع التهمتين الثانية والرابعة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهما، وساقت سلطة الاتهام أدلة الثبوت في عقد الخصومة بالدعوى الماثلة قِبل المتهمين والتي تضمنت اعتراف المتهم الأول وشهادة نواف الخضر بتحقيقات النيابة العامة، ومن الدليل المستمد من التسجيل المرفق بالأوراق ومن العبارات المسطرة من المتهم الأول في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
إذ اُستجوب المتهم الأول في تحقيقات النيابة العامة فاعترف - وبالقدر الذي اطمأنت إليه المحكمة منه - بالتهمتين الثالثة والرابعة المسندتين إليه مقررا بأنه شارك مساء يوم 3 يوليو 2014 في مظاهرة للمطالبة بالأفراج عن السجين مسلم البراك، وقد شارك معه وقتئذ قرابة 200 شخص ولم يكن يعلم عما إذا كانت المظاهرة مرخصة من عدمه، مضيفا بأن دوره في المظاهرة كان توجيه المتظاهرين عبر جهاز الميكروفون، وأن المظاهرة انطلقت من دوار الكرامة ووصلت إلى داخل منطقة صباح الناصر، وكان بعض المتظاهرين يسيرون في الشارع على أقدامهم والبعض الآخر فوق الرصيف، مؤكدا أن لديه حسابا في موقع التواصل «تويتر» لكنه لا يتذكر اسم الحساب وأردف بأنه دعا بعض الأشخاص للمشاركة في هذه المظاهرة.
وإذ استجوب المتهم الثاني في تحقيقات النيابة العامة فرفض الإجابة والتزم الصمت.
المحكمة
ورأت المحكمة انه «لما كان من المستقر عليه قضاءً بأنه يكفي أن تتشكك محكمة الموضوع في صحّة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصرٍ وبصيرةٍ، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجّحت دفاع المتهم أو داخلتها الريْبة في عناصر الإثبات، وكان تقدير أقوال الشهود وسائر الأدلة من شأن محكمة الموضوع فما اطمأنت له أخذت به، وما لم تطمئن إليه أعرضت عنه، دون أن تسأل حساباً عن ذلك، ولا يصح النعي عليها أنها قضت بالبراءة بناءً على احتمالٍ ترجح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها، مادام قد أحاط بالدعوى، وأقام قضاءه على أسبابٍ تكفي لحمله».
وحيث إنه بالبناء على مجمل ما تقدم وترتيباً عليه، وكانت المحكمة، بعدما أحاطت بالوقائع موضوع الإتهام، ووجوهها القانونية عن بصر وبصيرة، وأمعنت النظر في كافة أدلة الدعوى، فإنها لا تطمئن إلى أدلة الثبوت التي ساقتها سلطة الاتهام في إسناد التهمة الأولى وما أرتبط بها من ظروف مشددة مسند لهما بالتهمتين الثانية والخامسة، إذ ان الدليل المتوافر في الأوراق والمتمثل في شهادة ضابط المباحث قد جاء متهالكاً متساقطاً لا شيء فيه يصح أن يكون قواماً للنتيجة صحيحة أو سليمة يمكن معها الاعتماد عليها والأخذ به، ذلك لأن الأوراق قد جاءت خلوا من بيان أسماء وصفات رجال الشرطة الذين قيل انهم تعرضوا للاعتداء من قبل المتهمين ذلك حتى تقف المحكمة على كيفية مقاومتهم والمتسبب بذلك وطبيعة علمهم وسبب تواجدهم وعما إذا كانوا من أعضاء قوة الشرطة من عدمه ولا يغنى عن ذلك شهادة ضابط الواقعة ونقله لأحداث المظاهرة وما تخللها من أعمال شغب ومقاومة رجال الشرطة على حد قوله لأنه كان يتعين تقديم أسماء من تعرض للاعتداء لجهة التحقيق واستدعائهم حتى تطلع المحكمة على أقوالهم بنفسها كون إن واجبها في تمحيص أدلة الدعوى، كما ولم يظهر في المشاهد المثبتة في القرص المدمج قيام أي من المتهمين بحمل حجارة أو أدوات صلبة تشير لقيامهم بمقاومة رجال الشرطة.
وإذ خلت الأوراق من دليل آخر على صحة مقارفة المتهمين الجريمة المسندة إليهما بالتهمة الأولى وما أرتبط بها من عناصر مشددة بمواد الاتهام المبينة بالتهمتين الثانية والخامسة، ولا سيما قد أنكر المتهمان ما أسند إليهما بالتحقيقات، ومن ثم فقد أضحى وأياه ما أسند للمتهمين من اتهام بهذا الشأن رجحاً بالظن وهي أعمال تتنزه عنها الأحكام الجزائية التي دائما ما تبنى على الجزم واليقين، ومادام الشك دام قد حام حول إسهام المتهمين في واقعة الجريمة المسندة إليهما بالتهمة الأولى وما أرتبط بها من ظروف مشددة بالتهمتين الثانية والخامسة، ونهضت أمارات يحتمل معها أن تكون صلتهما بهذه الأفعال منقطعة، أذ إن العقوبة كضرر بالغ يصيب الأنسان في شرفه أو حريته أو ماله، لا محل لها حيث يقوم الشك في استحقاقها، فيكون متعينا الحكم ببراءتهما منها، وبذلك تقضي المحكمة عملاً منها بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على نحو ما سيرد بالمنطوق، الأمر الذي يتعين أن تخلى المحكمة بينهما وبين الوصفين المشددين مثار التهمتين الثانية والخامسة الموضحين بالفقرة الثالثة الواردة في عجز كل من المادتين 34 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، و20 من المرسوم بالقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات مع الاكتفاء بالإشارة - في شأن ذلك - بالأسباب دون المنطوق.
وحيث أنه عن التهم من الثانية حتى السادسة وما أسند للمتهم الأول وحده، فلما كان من المبادئ الراسخة في القضاء الجزائي أن القانون حينما أمدَّ القاضي في المسائل الجنائية بسلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصِّى ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف على حقيقة علاقة المتهين ومقدار اتصالهم بها؛ فتح باب الإثبات على مصراعيه يختار من كل طريقة ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة، ويزن قوة الأثبات المستمدة من كل عنصر بمحض وجدانه، فيأخذ بما تطمئن إليه عقيدته، ويطرح مالا ترتاح إليه غير ملزم بأن يسترشد في قضائه بقرائن معينة بل له مطلق الحرية في تقدير ما يعرض عليه منها، ووزن قوته التدليلية في كل حالة، حسبما يستفاد من وقائع كل دعوى وظروفها بغية الحقيقة ينشدها أنَّا وجدها ومن أي سبيل يجده مؤدياً إليها ولا رقيب عليه في ذلك غير ضميره وحده. وهذا هو الأصل الذي أقام عليه القانون الجنائي قواعد الإثبات لتكون موائمة لما تستلزمه طبيعة الأفعال الجنائية وتقتضيه مصلحة الجماعة من وجوب معاقبة كل جان وتبرئة كل بريء.
وحيث إنه بالبناء على مجمل ما تقدم وترتيباً عليه، وكانت المحكمة بعدما أحاطت بالوقائع موضوع الإتهام، ووجوهها القانونية، وأمعنت النظر في كافة أدلتها، فإن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها متحصله من سائر الأوراق وما تم من تحقيقات تتحصل بأنه في يوم 3 يوليو 2014 دعيا وشاركا المتهمين للسير في مظاهرة غير مرخصة في الطريق العام وذلك للضغط على السلطات لإطلاق سراح أحد السجناء وكان المتهم الأول قد دعا للمشاركة في المظاهرة عبر حسابه في تويتر والمتهم الثاني دعا المقربين منه للمشاركة فيها، وقد اشترك المتهمان في تجمهر في مكان عام بغرض أطلاق تلك المظاهرة غير المرخصة، هذا وكانت نقطة تجمع وانطلاق المظاهرة مساءً من الدوار الواقع في شارع السيدة عائشة«المسمى بدوار الكرامة» الفاصل بين منطقتي صباح الناصر والفردوس وقد تجاوزت جموع المتظاهرين عدد 300 شخص وكان المتهمان في الصفوف الأمامية لتولي زمام قيادة المتظاهرين وتوجيههم ولم يستجب المتهمان للأمر الصادر لهما من رجال الشرطة بفض التجمهر والمظاهرة، وانطلقت المظاهرة عند حولي الساعة التاسعة مساءً وانتهت عند نحو الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل وكان المتهمان و بقية المتظاهرين قد ساروا على أقدامهم في شارع السيدة عائشة مرورا بطريق الدائري السادس ثم انعطفوا ناحية مخفر شرطة صباح الناصر ومنه إلى إشارة مبنى السجن المركزي وكانوا يسيرون على أقدامهم في الطريق العام المخصص للمركبات مما نتج عن ذلك غلق حركة المرور.
وحيث إن وقائع الدعوى – بالصورة المار بيانها – قد تكاملت أركانها القانونية، وقامت الأدلة اليقينية التي لها أصلها الثابت في الأوراق على صحتها، وتوافرت كافة عناصرها قِبل المتهمين من نية معقودة لديهما وتجلت بأفعال مادية وقعت منهما، وثبتت نسبتها إلى المتهمين بالأدلة المستمدة اعتراف المتهم الأول وشهادة ضابط المباحث بتحقيقات النيابة العامة ومن الدليل المستمد من مشاهدة المحكمة للتسجيل المرفق بالأوراق ومن العبارات المسطرة من المتهم الأول في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي«تويتر» ومما ثبت بمحضر التحريات، وعلى النحو السالف بسطه.
وقد اطمأنت المحكمة إلى أدلة الثبوت المار بيانها لسلامة مأخذها ولخلوها من ثمة شائبة لتساندها مع بعضها البعض، وكفاية مضمونها ومؤداة للتدليل على صحة الإتهام المسند إلى المتهمين، وثبوته في حقهما بالوصف الذي أسبغته عليهما النيابة العامة، - وذلك على الصورة التي استخلصتها المحكمة على السياق المتقدم-
ومن ثم يكون قد استقر في عقيدة المحكمة بيقين، لا يحوطه أدنى شك أن المتهمين في الزمان والمكان سالف الذكر قد قارفا الجرائم إليهما بكيفها ووصفها الواردين في تقرير الإتهام، حسبما انتظم به القيد مواداً وسُطر بالوصف أفعالاً، مما يتعين معاقبتهما عنهما بالعقوبات المقررة لهما، وحيث إن التهم التي دين بهما المتهمان قد وقعت لغرض إجرامي واحد، وارتبطت ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة، ومن ثم يتعين وعملاً بنص المادة 84/1 جزاء إلا يُعاقبا بغير العقوبة المقررة لأشدهم بما يستوجب اعتبارهم جريمة واحدة، ومن ثم معاقبتهما وفق عقوبة الجريمة موضوع التهمة الثالثة المسندة لهما والتي يجري بها منطوق الحكم، وذلك نزولا على مقتضى حكم المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.
وإذ تنوه المحكمة في عاقبة قضائها بأنه لما كان القانون 9 /2001 في شأن إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت قد أوجب شمول حكم الإدانة عقوبة تكميله وجوبية وهي مصادرة وسائل الاتصال المستخدمة في الجرائم المخالفة لذلك القانون، وكانت الأوراق قد جاءت خلوا مما يفيد ضبط وسيلة الاتصال المستخدمة من المتهم الأول لذا فلا محل للحكم بالمصادرة.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة غيابياً بمعاقبة المتهمين بالحبس لمدة سنة مع شموله بالنفاذ الفوري.
ورأت المحكمة التي عقدت جلسة النطق بالحكم أمس برئاسة المستشار محمد راشد الدعيج وعضوية المستشارين محمد يوسف الصانع وعبدالعزيز عبدالله المسعود، أن المتهم الأول «المسيلم» استغل حسابه عبر موقع التواصل «تويتر» ليدعو إلى المشاركة في المظاهرة، فيما دعا الثاني «الشعبي» المقربين إليه للمشاركة.
وكانت النيابة العامة قد أسندت للمتهمين أنهما في 3 يوليو 2014 بدائرة المباحث الجنائية بدولة الكويت، تعدى المتهمان وآخرون مجهولون على موظفين عموميين «أعضاء قوة الشرطة» أثناء قيامهم بواجبات وظيفتهم في فض التجمهر والمظاهرة موضوع التهمتين الثانية والرابعة، بأن قاموا بدفعهم ورشقهم بالحجارة، وكان ذلك بقصد مقاومتهم وتعطيل مهام وظيفتهم وذلك على النحو المبين بالتحقيقات، واشتركا وآخرين مجهولين في تجمهر في مكان عام مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص، وكان الغرض منه ارتكاب جرائم التعدي على رجال الشرطة والسير في مظاهرة غير مرخصة، وتعطيل المرور بالطريق العام والإخلال بالأمن العام.
وأضافت النيابة أن المتجمهرين بقوا متجمهرين بعد صدور أمر من رجال السلطة العامة لهم بالانصراف، حال كونهم حاملين أدوات صلبة «حجارة» من غير المعتاد حملها في الأوضاع العادية، على النحو المبين بالتحقيقات، ودعيا إلى عقد مظاهرة دون ترخيص بذلك من الجهة المختصة، على النحو المبين بالتحقيقات، واشتركا وآخرين مجهولين في مظاهرة غير مرخصة مؤلفة من أكثر من عشرين شخص، على النحو المبين بالتحقيقات. ولم يستجيبوا للأمر الصادر لهم من رجال السلطة العامة بفض المظاهرة موضوع التهمة الرابعة، وكان ذلك مصحوبا باستعمال القوة بأن قاموا بدفع رجال الشرطة ورشقهم بالحجارة، على النحو المبين بالتحقيقات وتعمدوا وآخرين مجهولين تعطيل وإعاقة المرور بالطريق العام وذلك على النحو المبين بالتحقيقات.
ووجهت النيابة للمتهم الأول «مساعد المسيلم» أنه أساء استعمال وسيلة من وسائل المواصلات الهاتفية بأن استخدم هاتفه في الدعوة للمظاهرة والتجمهر موضوع التهمتين الثانية والرابعة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات. وطلبت معاقبتهما، وساقت سلطة الاتهام أدلة الثبوت في عقد الخصومة بالدعوى الماثلة قِبل المتهمين والتي تضمنت اعتراف المتهم الأول وشهادة نواف الخضر بتحقيقات النيابة العامة، ومن الدليل المستمد من التسجيل المرفق بالأوراق ومن العبارات المسطرة من المتهم الأول في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر».
إذ اُستجوب المتهم الأول في تحقيقات النيابة العامة فاعترف - وبالقدر الذي اطمأنت إليه المحكمة منه - بالتهمتين الثالثة والرابعة المسندتين إليه مقررا بأنه شارك مساء يوم 3 يوليو 2014 في مظاهرة للمطالبة بالأفراج عن السجين مسلم البراك، وقد شارك معه وقتئذ قرابة 200 شخص ولم يكن يعلم عما إذا كانت المظاهرة مرخصة من عدمه، مضيفا بأن دوره في المظاهرة كان توجيه المتظاهرين عبر جهاز الميكروفون، وأن المظاهرة انطلقت من دوار الكرامة ووصلت إلى داخل منطقة صباح الناصر، وكان بعض المتظاهرين يسيرون في الشارع على أقدامهم والبعض الآخر فوق الرصيف، مؤكدا أن لديه حسابا في موقع التواصل «تويتر» لكنه لا يتذكر اسم الحساب وأردف بأنه دعا بعض الأشخاص للمشاركة في هذه المظاهرة.
وإذ استجوب المتهم الثاني في تحقيقات النيابة العامة فرفض الإجابة والتزم الصمت.
المحكمة
ورأت المحكمة انه «لما كان من المستقر عليه قضاءً بأنه يكفي أن تتشكك محكمة الموضوع في صحّة إسناد التهمة إلى المتهم لكي تقضي له بالبراءة، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى ما تطمئن إليه في تقدير الدليل مادام حكمها يشتمل على ما يفيد أنها محصت الدعوى وأحاطت بظروفها وبأدلة الثبوت التي قام عليها الاتهام عن بصرٍ وبصيرةٍ، ووازنت بينها وبين أدلة النفي فرجّحت دفاع المتهم أو داخلتها الريْبة في عناصر الإثبات، وكان تقدير أقوال الشهود وسائر الأدلة من شأن محكمة الموضوع فما اطمأنت له أخذت به، وما لم تطمئن إليه أعرضت عنه، دون أن تسأل حساباً عن ذلك، ولا يصح النعي عليها أنها قضت بالبراءة بناءً على احتمالٍ ترجح لدى غيرها، لأن ملاك الأمر كله يرجع إلى وجدان قاضيها، مادام قد أحاط بالدعوى، وأقام قضاءه على أسبابٍ تكفي لحمله».
وحيث إنه بالبناء على مجمل ما تقدم وترتيباً عليه، وكانت المحكمة، بعدما أحاطت بالوقائع موضوع الإتهام، ووجوهها القانونية عن بصر وبصيرة، وأمعنت النظر في كافة أدلة الدعوى، فإنها لا تطمئن إلى أدلة الثبوت التي ساقتها سلطة الاتهام في إسناد التهمة الأولى وما أرتبط بها من ظروف مشددة مسند لهما بالتهمتين الثانية والخامسة، إذ ان الدليل المتوافر في الأوراق والمتمثل في شهادة ضابط المباحث قد جاء متهالكاً متساقطاً لا شيء فيه يصح أن يكون قواماً للنتيجة صحيحة أو سليمة يمكن معها الاعتماد عليها والأخذ به، ذلك لأن الأوراق قد جاءت خلوا من بيان أسماء وصفات رجال الشرطة الذين قيل انهم تعرضوا للاعتداء من قبل المتهمين ذلك حتى تقف المحكمة على كيفية مقاومتهم والمتسبب بذلك وطبيعة علمهم وسبب تواجدهم وعما إذا كانوا من أعضاء قوة الشرطة من عدمه ولا يغنى عن ذلك شهادة ضابط الواقعة ونقله لأحداث المظاهرة وما تخللها من أعمال شغب ومقاومة رجال الشرطة على حد قوله لأنه كان يتعين تقديم أسماء من تعرض للاعتداء لجهة التحقيق واستدعائهم حتى تطلع المحكمة على أقوالهم بنفسها كون إن واجبها في تمحيص أدلة الدعوى، كما ولم يظهر في المشاهد المثبتة في القرص المدمج قيام أي من المتهمين بحمل حجارة أو أدوات صلبة تشير لقيامهم بمقاومة رجال الشرطة.
وإذ خلت الأوراق من دليل آخر على صحة مقارفة المتهمين الجريمة المسندة إليهما بالتهمة الأولى وما أرتبط بها من عناصر مشددة بمواد الاتهام المبينة بالتهمتين الثانية والخامسة، ولا سيما قد أنكر المتهمان ما أسند إليهما بالتحقيقات، ومن ثم فقد أضحى وأياه ما أسند للمتهمين من اتهام بهذا الشأن رجحاً بالظن وهي أعمال تتنزه عنها الأحكام الجزائية التي دائما ما تبنى على الجزم واليقين، ومادام الشك دام قد حام حول إسهام المتهمين في واقعة الجريمة المسندة إليهما بالتهمة الأولى وما أرتبط بها من ظروف مشددة بالتهمتين الثانية والخامسة، ونهضت أمارات يحتمل معها أن تكون صلتهما بهذه الأفعال منقطعة، أذ إن العقوبة كضرر بالغ يصيب الأنسان في شرفه أو حريته أو ماله، لا محل لها حيث يقوم الشك في استحقاقها، فيكون متعينا الحكم ببراءتهما منها، وبذلك تقضي المحكمة عملاً منها بنص المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية على نحو ما سيرد بالمنطوق، الأمر الذي يتعين أن تخلى المحكمة بينهما وبين الوصفين المشددين مثار التهمتين الثانية والخامسة الموضحين بالفقرة الثالثة الواردة في عجز كل من المادتين 34 من القانون رقم 31 لسنة 1970 بتعديل بعض أحكام قانون الجزاء، و20 من المرسوم بالقانون رقم 65 لسنة 1979 في شأن الاجتماعات العامة والتجمعات مع الاكتفاء بالإشارة - في شأن ذلك - بالأسباب دون المنطوق.
وحيث أنه عن التهم من الثانية حتى السادسة وما أسند للمتهم الأول وحده، فلما كان من المبادئ الراسخة في القضاء الجزائي أن القانون حينما أمدَّ القاضي في المسائل الجنائية بسلطة واسعة وحرية كاملة في سبيل تقصِّى ثبوت الجرائم أو عدم ثبوتها والوقوف على حقيقة علاقة المتهين ومقدار اتصالهم بها؛ فتح باب الإثبات على مصراعيه يختار من كل طريقة ما يراه موصلاً إلى الكشف عن الحقيقة، ويزن قوة الأثبات المستمدة من كل عنصر بمحض وجدانه، فيأخذ بما تطمئن إليه عقيدته، ويطرح مالا ترتاح إليه غير ملزم بأن يسترشد في قضائه بقرائن معينة بل له مطلق الحرية في تقدير ما يعرض عليه منها، ووزن قوته التدليلية في كل حالة، حسبما يستفاد من وقائع كل دعوى وظروفها بغية الحقيقة ينشدها أنَّا وجدها ومن أي سبيل يجده مؤدياً إليها ولا رقيب عليه في ذلك غير ضميره وحده. وهذا هو الأصل الذي أقام عليه القانون الجنائي قواعد الإثبات لتكون موائمة لما تستلزمه طبيعة الأفعال الجنائية وتقتضيه مصلحة الجماعة من وجوب معاقبة كل جان وتبرئة كل بريء.
وحيث إنه بالبناء على مجمل ما تقدم وترتيباً عليه، وكانت المحكمة بعدما أحاطت بالوقائع موضوع الإتهام، ووجوهها القانونية، وأمعنت النظر في كافة أدلتها، فإن واقعة الدعوى حسبما استقرت في يقين المحكمة واطمأن إليه وجدانها متحصله من سائر الأوراق وما تم من تحقيقات تتحصل بأنه في يوم 3 يوليو 2014 دعيا وشاركا المتهمين للسير في مظاهرة غير مرخصة في الطريق العام وذلك للضغط على السلطات لإطلاق سراح أحد السجناء وكان المتهم الأول قد دعا للمشاركة في المظاهرة عبر حسابه في تويتر والمتهم الثاني دعا المقربين منه للمشاركة فيها، وقد اشترك المتهمان في تجمهر في مكان عام بغرض أطلاق تلك المظاهرة غير المرخصة، هذا وكانت نقطة تجمع وانطلاق المظاهرة مساءً من الدوار الواقع في شارع السيدة عائشة«المسمى بدوار الكرامة» الفاصل بين منطقتي صباح الناصر والفردوس وقد تجاوزت جموع المتظاهرين عدد 300 شخص وكان المتهمان في الصفوف الأمامية لتولي زمام قيادة المتظاهرين وتوجيههم ولم يستجب المتهمان للأمر الصادر لهما من رجال الشرطة بفض التجمهر والمظاهرة، وانطلقت المظاهرة عند حولي الساعة التاسعة مساءً وانتهت عند نحو الساعة الواحدة من بعد منتصف الليل وكان المتهمان و بقية المتظاهرين قد ساروا على أقدامهم في شارع السيدة عائشة مرورا بطريق الدائري السادس ثم انعطفوا ناحية مخفر شرطة صباح الناصر ومنه إلى إشارة مبنى السجن المركزي وكانوا يسيرون على أقدامهم في الطريق العام المخصص للمركبات مما نتج عن ذلك غلق حركة المرور.
وحيث إن وقائع الدعوى – بالصورة المار بيانها – قد تكاملت أركانها القانونية، وقامت الأدلة اليقينية التي لها أصلها الثابت في الأوراق على صحتها، وتوافرت كافة عناصرها قِبل المتهمين من نية معقودة لديهما وتجلت بأفعال مادية وقعت منهما، وثبتت نسبتها إلى المتهمين بالأدلة المستمدة اعتراف المتهم الأول وشهادة ضابط المباحث بتحقيقات النيابة العامة ومن الدليل المستمد من مشاهدة المحكمة للتسجيل المرفق بالأوراق ومن العبارات المسطرة من المتهم الأول في حسابه في موقع التواصل الاجتماعي«تويتر» ومما ثبت بمحضر التحريات، وعلى النحو السالف بسطه.
وقد اطمأنت المحكمة إلى أدلة الثبوت المار بيانها لسلامة مأخذها ولخلوها من ثمة شائبة لتساندها مع بعضها البعض، وكفاية مضمونها ومؤداة للتدليل على صحة الإتهام المسند إلى المتهمين، وثبوته في حقهما بالوصف الذي أسبغته عليهما النيابة العامة، - وذلك على الصورة التي استخلصتها المحكمة على السياق المتقدم-
ومن ثم يكون قد استقر في عقيدة المحكمة بيقين، لا يحوطه أدنى شك أن المتهمين في الزمان والمكان سالف الذكر قد قارفا الجرائم إليهما بكيفها ووصفها الواردين في تقرير الإتهام، حسبما انتظم به القيد مواداً وسُطر بالوصف أفعالاً، مما يتعين معاقبتهما عنهما بالعقوبات المقررة لهما، وحيث إن التهم التي دين بهما المتهمان قد وقعت لغرض إجرامي واحد، وارتبطت ببعضها ارتباطا لا يقبل التجزئة، ومن ثم يتعين وعملاً بنص المادة 84/1 جزاء إلا يُعاقبا بغير العقوبة المقررة لأشدهم بما يستوجب اعتبارهم جريمة واحدة، ومن ثم معاقبتهما وفق عقوبة الجريمة موضوع التهمة الثالثة المسندة لهما والتي يجري بها منطوق الحكم، وذلك نزولا على مقتضى حكم المادة 172/1 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.
وإذ تنوه المحكمة في عاقبة قضائها بأنه لما كان القانون 9 /2001 في شأن إساءة استعمال أجهزة الاتصالات الهاتفية وأجهزة التنصت قد أوجب شمول حكم الإدانة عقوبة تكميله وجوبية وهي مصادرة وسائل الاتصال المستخدمة في الجرائم المخالفة لذلك القانون، وكانت الأوراق قد جاءت خلوا مما يفيد ضبط وسيلة الاتصال المستخدمة من المتهم الأول لذا فلا محل للحكم بالمصادرة.
فلهذه الأسباب حكمت المحكمة غيابياً بمعاقبة المتهمين بالحبس لمدة سنة مع شموله بالنفاذ الفوري.