لا تشريع ولا قانون انتخاب بعد «البطاقة الحمراء» المسيحية لبري

الاقتراح «اللقيط» بانتخاب رئيس لسنتين في لبنان مناورة محلية الصنع أم مبادرة... خارجية؟

تصغير
تكبير
لعبة التساجل العبثية بالشروط تضاعف مآزق الأزمات في بيروت

حرب إعلامية «باردة» ضد الحريري على وهج تعقيدات المنطقة
جاءت الذكرى الحادية عشرة لانسحاب القوات السورية من لبنان في 26 ابريل 2005، بمثابة محطة رمزية إضافية من شأنها ان تضيء على الواقع المتجه قدما نحو التأزيم في البلاد التي تعاني من تزايد الأزمات وتشابكها، فيما هي لا تتلمس أي مسلك قريب للخروج من أزمة الفراغ الرئاسي المقبلة على طي سنتها الثانية في 25 مايو المقبل.

وبدا واضحاً من آخر فصول التعقيدات السياسية التي تحتل صدارة الاهتمامات حالياً، ان موضوع عقد جلسات تشريعية لمجلس النواب تحت عنوان تشريع الضرورة، اصطدم بالعقدة المسيحية الصعبة والشديدة الحساسية، في ظل التعبئة السياسية المسيحية الواسعة الرافضة لعقد جلسات تشريعية قبل انتخاب رئيس الجمهورية او إقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، وهما السقفان اللذان التقت عليهما مواقف القوى المسيحية الثلاث الاساسية التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحزب الكتائب.


هذا الواقع دفع برئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى التسليم ضمناً، بانه ليس راغباً ولا قادراً على خوض اشتباك سياسي خاسر مع القوى المسيحية، التي سترفع في وجهه «بطاقة حمراء» تحت عنوان مخالفته الميثاقية (اي المشاركة المسيحية والإسلامية) في جلسات التشريع، في حال إقدامه على عقدها ولو مع تأمين حضور لنواب مسيحيين من كتل أخرى. وتالياً فإن بري إتجه الى تعديل مسار الازمة التشريعية، فقرر الاحتكام الى اللجان النيابية المشتركة، التي سيدعوها قريبا، الى البدء بدرس 17 مشروعاً متصلاً بقانون الانتخابات النيابية، ضمن مهلة تنتهي في أواخر مايو، للتوصل الى حصرها بمشروعين او ثلاثة، يمكن الذهاب بها الى مجلس النواب لمناقشتها.

هذا المخرج ابرز بقوة، ومرة اخرى، الانسداد الحقيقي الذي يسود الواقع السياسي اللبناني، اذ يبدو واضحاً ان ثمة ما يقارب الاستحالة للتوافق على قانون انتخابي راهناً وقبل نهاية ازمة الفراغ الرئاسي، فيما هذه الازمة تتخبط بغموض واسع لا يتيح الرهان على اي مخرج في افق منظور.

واعربت اوساط سياسية مطلعة عبر «الراي» عن خشيتها من ان تكون القوى السياسية، امام لعبة عبثية تشبه لعبة تبادل الكرة والتساجل في الخسائر لا اكثر ولا اقل، اذ ان قطع الطريق على الجلسات التشريعية مجددا لن يؤدي الا الى زيادة التفاقم في الازمات العارمة، التي تغمر البلاد في شتى القطاعات، وصادف ان بدأ امس اضراب تربوي ووظائفي لهيئة التنسيق النقابية للمطالبة مجددا باقرار سلسلة الرتب والرواتب العالقة منذ اعوام، الامر الذي يشكل احد النماذج على تفاقم الواقع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد وسط عجز سياسي فادح عن احتواء الازمات.

وقالت هذه الاوساط ان الأفق القريب للمشهد الداخلي ينذر بتراكم سريع للإرث الثقيل للازمات، خصوصاً ان الملف الرئاسي يبدو مقبلاً على اثارة مزيد من التعقيدات، وسط تصاعد ضجة اثيرت بفعل تسريب اقتراح مجهول المصدر عن انتخاب رئيس للجمهورية لسنتين فقط بدلاً من ست سنوات، ما اطلق ردوداً رافضة فورية من الجانب المسيحي كما من بري والرئيس سعد الحريري.

واشارت الاوساط الى ان هذا الاقتراح المسرب بدا بمثابة تلاعب بالنار المتوهجة مسيحياً ولكنه اوحى بوجود ما يحاك في الكواليس الديبلوماسية والسياسية للضغط بقوة على الجهات المعطلة للانتخابات الرئاسية وإنذارها بامكان تحريك الامور بأساليب مختلفة. كما ان الاوساط عينها لفتت الى ان لعبة الضغوط الجارية تتناول تسديد الضربات «تحت الخصر»، على غرار الحملات الصحافية المركزة والمكثفة التي تستهدف الحريري من صحف محسوبة على محور «حزب الله» و«8 آذار» التي دأبت يومياً في الفترة الاخيرة على تناول الحريري بقضايا سياسية او خاصة بما يؤشر الى احتدام الحرب الباردة بينه وبين «حزب الله» انعكاساً للصراعات الاقليمية.

ولكن تلك الاوساط رأت ان هذا الاحتدام الزاحف مجدداً بأساليب متنوعة، يشكل عنواناً للتمديد لمرحلة الجمود في الازمة الرئاسية الى أمد طويل، وهو الأمر الذي عبر عنه بوضوح نائب الامين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في حديث له قبل ايام توقع فيه ان يطول امد الحل في سورية، الى اكثر من سنة وألا يكون هناك مخرج للازمة الرئاسية اللبنانية قبل فترة طويلة ايضاً.

وفي ظل هذا المشهد المعقد، تستبعد الاوساط ان يخرج الستاتيكو اللبناني عن الإطار الذي يحكمه، والذي سيكون متسماً بأضرار واسعة اضافية خلال اشهر الصيف المقبلة، حيث تبدأ الازمات الاجتماعية والاقتصادية تشكل نقطة الضعف الخطيرة المتصاعدة، التي ستحاصر الجميع وسط العجز الداخلي عن اي كسر للمآزق المتلاحقة.
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي