أبقى على «ربْط النزاع» في قانون الانتخاب

«تَراجُع اضطراري» لرئيس البرلمان اللبناني تفادياً لمواجهة تشريعية مع القوى المسيحية

تصغير
تكبير
8 و14 آذار في موت سريري... والكلام عن رئيس انتقالي تضييع وقت
شكّلت «الإطلالة الاضطرارية» لرئيس البرلمان اللبناني نبيه بري امس في مؤتمرٍ صحافي نادراً ما يعقده، إشارة متقدّمة الى الاحتدام الذي كانت بلغته عملية «التدافع السياسي» مع القوى المسيحية الرئيسية على تخوم ملف «تشريع الضرورة» في مجلس النواب، بعدما كانت هذه الأطراف اشترطت ان يشكّل وضع قانون الانتخاب بنداً اول على جدول أعمال اي جلسة عامة لمناقشته وإقراره «المفتاح» لبتّ سائر البنود الملحّة، وإلا المقاطعة وتالياً تعريض الجلسة لـ «عيب فقدان الميثاقية».

وجاءت «الخطوة التراجعية» التي قام بها بري امس من خلال «تعليق» الدعوة الى الجلسة التشريعية ومعاودة الطلب من اللجان النيابية المشتركة مناقشة 17 اقتراحا ومشروع قانون للانتخاب في محاولة للتوافق على أحدها او أقلّه حصر عددها باثنين او ثلاثة، لتمنح لبنان فسحة إضافية من الوقت وتسحب فتيل المواجهة التي كان يمكن ان تحصل على خلفية جلسة التشريع وتنقل البلاد الى مستوى خطير من الصراع، الذي كان سيتخذ طابعاً طائفياً «فاقعاً» ويتداخل مع الانتخابات البلدية التي تنطلق في 8 مايو المقبل، كما مع تعقيدات الأزمة الرئاسية التي بدت «شياطينها» حاضرة بوضوح في «تفاصيل» الخلاف حول التشريع في البرلمان.


ورغم ان رئيس مجلس النواب مدّد «فترة السماح» في قضية تشريع الضرورة، فإن حرصه على تثبيت «قناعته» في ما خصّ التشريع في البرلمان وآلياته أوحى بأنه قام بـ «ربْط نزاع» مع القوى المسيحية الرئيسية وتحديداً «التيار الوطني الحر» (بقيادة العماد ميشال عون) وحزب «القوات اللبنانية» (الدكتور سمير جعجع)، فيما توقفت دوائر سياسية امام نقطتين من جوهر المؤتمر الصحافي لبري وعلى هامشه:

* الأولى، تمسُّكه بأنه بعد ان تناقش اللجان النيابية اقتراحات القوانين وتتفق على أحدها او تحصر الاقتراحات باثنين او 3، فان اي بتّ لقانون الانتخاب في البرلمان سيبقى ممره الإلزامي تراجُع مجلس النواب عن توصية كانت أُقرت سابقاً وقضت برفض إنجاز هذا القانون في غياب رئيس للجمهورية. وفيما ربط بري هذا الأمر بأنه اذا كان حصل توافق في اللجان او تمّ بلوغ رؤى متقاربة او محصورة باقترحات قليلة فان توافر الأكثرية المطلوبة للتراجع عن التوصية يصبح بمثابة «تحصيل حاصل»، فان الدوائر السياسية اعتبرت ان هذا الربط يُبقي رئيس البرلمان متحكماً بمسار إنجاز قانون الانتخاب بعيداً من لعبة الأكثرية والأقلية ومن ضمن المناخ التوافقي.

* الثانية هي الخطوة التالية بعد إنهاء اللجان المشتركة عملها. وفيما كان لافتاً ان بري لم يحدّد مهلة لهذه اللجان، فإن الدوائر السياسية طرحت علامات استفهام حول ما الذي سيجعلها هذه المرة قادرة على القيام بما لم تنجح فيه بالمرات السابقة لجهة التوافق على صيغة واحدة او حصْر الاقتراحات، وهو ما تعوقه تعقيدات بات بعضها يتصل حتى بموقف أفرقاء كانوا وافقوا على مشروع معين من ضمن تحالف محدد كما بالنسبة الى «الحزب التقدمي الاشتراكي» الذي كان سار بمشروع مختلط (اقتراع نسبي وأكثري) مع كل من تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية»، قبل ان يعلن النائب وليد جنبلاط قبل أيام ان لا توافق بين هذه المكونات على تقسيم الدوائر.

وفي السياق نفسه، تذكّر هذه الدوائر بأن حجر الزاوية في قانون الانتخاب، لا يتصل بحجم الدوائر ونظام الاقتراع، بمقدار ما ان هذا الملف يشكّل ركيزة في «السلة المتكاملة» التي لن يكون ممكناً إتمام الانتخابات الرئاسية بمعزل عنها، وايضاً حجر الزاوية في عملية «إعادة تكوين السلطة» وتوازناتها التي يريد «حزب الله» ان يكون الاستحقاق الرئاسي مدخلها.

ومن هنا، تعتبر الدوائر ان بري «فرْمل» اندفاعته لعقد جلسة تشريعية بـ «ميثاقية مرنة» (يوفّرها نواب مسيحيون مستقلون وكتلة المرشح الرئاسي سليمان فرنجية) لاعتباريْن متداخليْن، أوّلهما ان الرئيس سعد الحريري كرّس التزامه عدم المشاركة في اي جلسة لا يوضع قانون الانتخاب بنداً اول على جدول أعمالها، وثانيهما رغبة «حزب الله» في مراعاة العماد عون وتفادي إظهارهما بموقع «وجهاً لوجه» في البرلمان، نظراً الى ان الحزب سبق ان اكد مشاركته في جلسات التشريع التي يرفضها زعيم «التيار الحر» بشراسة. علماً ان العقد العادي للبرلمان ينتهي اواخر مايو واي دورة استثنائية تحتاج الى توقيع الوزراء الـ 24 الذين ينوبون عن رئيس الجمهورية، وهو ما يطرح سؤال «هل طار التشريع» لأمد غير قريب؟

وكان بري اعلن أن «ما يحصل يؤكد الموت السريري لما يسمى 8 اذار وما يسمى 14 اذار وهذا واقع»، لافتاً إلى أن «التمسك بقوانين مقترحة يربح بموجبها فريق على فريق آخر لم يعد بمحله على الاطلاق»، ومتداركاً «لكنني سأدعو اللجان المشتركة لدرس كل القوانين المقترحة للاجابة عن ماهية الدوائر وماهية نظام الاقتراع»، وكاشفاً «ان هذا الموقف ليس تراجعاً امامكم بل احترام لكم وللحفاظ على لبنان».

وأكد «انني باق عند قناعاتي ان مجلس النواب يحق له التشريع في جميع الظروف»، جازماً ان الانتخابات البلدية ستحصل في مواعيدها، ومعتبراً الكلام عن «رئيس انتقالي لسنتين تضييع وقت».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي